علماء: المطبات الهوائية التي تواجه الطائرات ستصبح أسوأ بسبب التغير المناخي

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: من المتوقع أن تصبح المطبات الهوائية التي تواجه الطائرات في الجو أسوأ بسبب تغير المناخ، وذلك حسب تحذيرات أطلقها علماء على خلفية الحادث الجوي النادر الذي أصاب طائرة ركاب تجارية كانت في طريقها من العاصمة البريطانية لندن إلى سنغافورة، وواجهت مطبات هوائية شديدة أدى إلى مقتل أحد الركاب، إضافة إلى سبعة آخرين في حالة حرجة بالمستشفى.

وتوفي رجل بريطاني بسبب الاضطرابات الجوية التي واجهت طائرة تابعة للخطوط الجوية السنغافورية والتي كانت تحمل الرقم «SQ321» يوم الثلاثاء الماضي.
وتسببت الاضطرابات الجوية التي واجهت الرحلة بإلقاء الركاب في الهواء داخل الطائرة، وفقد بعض منهم الوعي وتركوا المقصورة غارقة في «برك من الدماء» وذلك بسبب أن الطائرة هوت بشكل مفاجئ بنحو ستة آلاف قدم.
ويقول العلماء إن تغير المناخ يجعل الاضطرابات الجوية أسوأ بالنسبة للطائرات، ما يؤدي إلى المزيد من الحركة المفاجئة والعنيفة، ويزيد من خطر الوفيات، وذلك بحسب تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي».
وحذرت إيزابيل سميث، باحثة الاضطرابات الجوية في قسم الأرصاد الجوية بجامعة ريدينغ، من أن الاحتباس الحراري يجعل التيارات النفاثة – التيارات الضيقة للهواء سريع الحركة التي تطير بها الطائرات للحصول على زيادة في السرعة- أكثر «فوضوية».
وقالت إن كمية الاضطراب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسرعة التيارات النفاثة، وهي مجموعات الرياح السريعة التدفق التي تنتشر حول العالم. وأضافت: «مع زيادة سرعة الطائرة، يزداد عدم استقرار الطائرة، ويصبح تدفق الهواء أكثر فوضوية، مما يؤدي إلى المزيد من الاضطراب».
ويُعتقد أن نوعاً معيناً من الاضطرابات يسمى اضطراب الهواء الصافي «CAT» قد أثر على الطائرة السنغافورية. حيث يصعب ملاحظة هذا النوع من الاضطراب مسبقاً لمسار الطائرة باستخدام أساليب الاستشعار عن بعد ويشكل تحدياً لخبراء الأرصاد الجوية للطيران للتنبؤ قبل حدوثه.
وأضافت الدكتورة سميث إنه يتم إنشاء اضطراب الهواء الصافي «CAT» بسبب قص الرياح، وبالتالي يكون له ارتباط قوي بالتيارات النفاثة. وتابعت: «يشير الاحتباس الحراري إلى الاحترار السريع للطبقة الدنيا من الغلاف الجوي، التي نعيش فيها، والتي تسمى التروبوسفير، وهناك عدة طبقات داخل الغلاف الجوي، والطبقة التي تعلو طبقة التروبوسفير هي الستراتوسفير».
وأكدت «إن الزيادة في الغازات الدفيئة تحبس الحرارة داخل طبقة التروبوسفير، والتي عادة ما تنبعث إلى طبقة الستراتوسفير، وهذا يخلق اختلافاً قوياً في درجة الحرارة عمودياً عبر الغلاف الجوي، وسيؤدي التدرج القوي في درجة الحرارة العمودية إلى تيار نفاث أقوى وأكثر فوضوية».
وقالت إنه «مع ازدياد قوة التيارات النفاثة، تصبح أكثر فوضوية وغير مستقرة، ويزداد عدد المطبات الهوائية القوية من نوع (CAT)».
وغالباً ما توصف «CAT» بأنها «غير مرئية» نظراً لغياب أي أدلة يمكن رؤيتها لها، مثل السُحب، التي يمكن أن تساعد الخبراء على التنبؤ بالمناطق الخطرة.
وقال رامالينغام سارافانان، الأستاذ في قسم علوم الغلاف الجوي بجامعة تكساس إيه آند إم: «المشكلة الرئيسية في هذا النوع من المطبات الهوائية التي تواجه الطائرات هي أنك لا تستطيع رؤيتها».
وأضاف: «أعتقد أن أفضل طريقة يعرف بها الطيارون الأمر هي عندما يمر طيار آخر عبره ويخبرهم بواسطة أجهزة الراديو بموقعه، حيث يمكنك محاولة التنبؤ بها إحصائياً، لكن لا يمكنك التنبؤ بها حسب الحالة الفردية لأنها عملية عشوائية، والهواء يبدو نقياً وغير ضار، ومن هنا جاء الاسم».
ونشر باحثون من جامعة ريدينغ البريطانية بحثا في العام الماضي يكشف أن الاضطرابات الجوية الشديدة زادت بنسبة 55 في المئة على مدى أربعة عقود.
ومن خلال تحليل اتجاهات المطبات «CAT» على مستوى العالم بين عامي 1979 و2020 وجد الخبراء «دليلا واضحا» على الزيادات الكبيرة في هذا النوع من الاضطرابات الجوية التي تؤثر على الطائرات على ارتفاعات التحليق.
وعلى وجه الخصوص، وجدوا أن أكبر الزيادات في «CAT» كانت فوق الولايات المتحدة وشمال المحيط الأطلسي، وكلاهما منطقتان مزدحمتان بالطيران.
ووجد البحث أنه عند نقطة نموذجية فوق شمال المحيط الأطلسي، زاد إجمالي المدة السنوية للاضطرابات الشديدة بنسبة 55 في المئة من 17.7 ساعة في عام 1979 إلى 27.4 ساعة في عام 2020.
وزاد الاضطراب المعتدل بنسبة 37 في المئة من 70.0 إلى 96.1 ساعة، وزاد الاضطراب الخفيف بنسبة 17 في المئة من 466.5 إلى 546.8 ساعة.
وبينما شهدت الولايات المتحدة وشمال المحيط الأطلسي أكبر الزيادات، وجد الخبراء أن مسارات الطيران المزدحمة الأخرى فوق أوروبا والشرق الأوسط وجنوب المحيط الأطلسي شهدت أيضاً زيادات كبيرة في الاضطرابات الجوية.
ومن المثير للاهتمام أن هناك زيادة أكبر في معدل الإصابة بالمطبات الهوائية من نوع «CAT» في نصف الكرة الشمالي عنها في نصف الكرة الجنوبي، وهو ما «يستدعي المزيد من التحقيق».
ووفقا للفريق، فإن دراستهم «تمثل أفضل دليل حتى الآن» على أن الاضطرابات الجوية الواضحة قد زادت في العقود القليلة الماضية، تماشياً مع زيادات الاحتباس الحراري.
وفي الوقت نفسه، حسبت دراسة أجريت عام 2017 أن تغير المناخ سيزيد بشكل كبير من كمية الاضطرابات الشديدة في جميع أنحاء العالم في مرحلة ما بين عامي 2050 و2080.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية