على شاطئ لامبيدوزا بكينا وتذكرنا فلسطن

حجم الخط
0

هناك عاش اللاجئون الفلسطينون حول دمشق الفيحاء بل وطوقوا خصرها، تقاسموا مع اهلها الطيبين رغيف خبز وبعض زعتر وزيتون، وما ادركوا ما تخبئ لهم السياسة، والمتاجرون بالدم والعرض والمال، حتى هطلت القذائف عليهم كالامطار واكلت جدران منازل لطالما شقوا من اجلها سنين، مات من مات وبترت اطراف الكثيرين وما من مسعف ولا حكيم ومن لا زال هناك لا زال ينتظر فتاوى السديسي والعريفي كي يأكلو لحم القطط والكلاب وينتظرون موتا محتوما، ومن عبر خارج المخيم لايحمل معه الا ملابسه، يقف عند حواجز التفتيش علَّ احد الجُند يجد ارهابيا في جيبه او بعضا من نقود. فلا يدرك الجندي المبرمج ان الارهابيين لايمرون على الحواجز ولايحملون الاطفال على اكتافهم ولا يبكون، يدرك العابرون انهم حقا عبروا حدود رواندا المجازر، لكن قبائل الهوتو والتوتسي والحكومات الهزيلة في كل شيء امامهم، فهذا ماتبقى من امة قيل انها كانت عربية مسلمة لأهم ماكان يميزها حماية الدخلاء واغاثة الملهوفين فقدت في زمن الملوك الاميين عكس ذلك تمامآ.
يصل اللاجئون تباعا الى دول عربية على شاطئ شمال افريقيا بعد ان اغلق عرب البترودولار ابواب بلادهم في وجه اللاجئين ايا كانوا سوريين ام فلسطينيين بينما فضائياتهم لازالت تذرف دموع تماسيح على اللاجئين.
في مصر وليبيا وغيرها يستقبلهم زعماء مافيا التهريب وزوارق الموت جاهزة لنقلهم الى البحر مقابل كل ما جمعوه في كل حياتهم، تسير شاحنات لا تصلح لنقل الحيوانات في عمق الصحراء باتجاه البحر ليستقر بهم الامر في مستودع مهجور او مدجنة مهجورة تفوح منها الروائح العفنة.
بعد يوم او يومين تنقلهم الشاحنات الى مراكب صيد صغيرة، وهنا قبل ان يصلوا لمركب اخر يهاجمهم خفر السواحل ويطلق الرصاص، يسقط اطفال ونساء ويقاد الناجون الى المخافر والامن القومي وسيل من السباب والتنكيل، يدرك رجل الامن الفرق الشاسع بين لاجئين عرب ويهود فتحوا النار على الجنود المصريين الاسرى ابان هزيمة العرب المذلة عام 67، ويدرك رجال الامن المصري ان اليهودي لازال يجلس هناك ويشرب المرطبات، بل ويزور المحروسة ويعبر من المنافذ بكامل الحرية لتنحني على جانبيه نسور مصرية على اكتاف ضباط مصريين في جيش مصر العظيم، بينما لاجئون عرب يوضعون في السجون ويعاملون معاملة الحيوانات وبعدها يرحلون الى دول اخرى كلبنان.
في ليبيا الثورة والثوار، ليبيا المسلمة تطارد اللاجئين في عرض البحر وتطلق عليهم الرصاص حتى يغرق المئات من اللاجئين من الاطفال والنساء. لاتكمل الطفلة الاولى صرخة (يا ابي) الشهيرة حتى ترسوا الطفلة الثانية والثالثة في قعر البحر ليس بعيدا عمن كان سيلبي النداء، فلا الصرخة الاولى سمعت في مكة مع انها سمعت بشكل واضح وجلي في بلاد قالوا لنا يوما انها بلاد الغرباء الذئاب، فلن تميز طفلة واخواتها رست في قاع بحرٍ بين انياب السمك وبين انياب الذئاب، فقط الناجون على شواطئ لامبيدوزا قالوا لنا اي الانياب من حرير وايها من حديد.
في المشهد الاخير للمأساة تصطف نعوش جللت بالورود ومُيزت لنا باللون الابيض نعوش الاطفال، لتحُمل باحترام ووقار شديد الى مثواها الاخير فعزفت لهم كل اوروبا لحن وداع اخير، بينما على الشاطئ المقابل للمتوسط، لازالت انياب الحديد تنهش لحم اللاجئين، ولازال قطار اللاجئين يسير. فاقل ما يمكن ان يحصلوا عليه جنازة تليق بهم، بدلا من تحلل اجسادهم كقتلى على طريق.
امين الكلح ‘

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية