الطريق يطول في الحكاية وفي الخطى
الطريق يقصُر في الصورة
نَعُدّ الصور ويحصي الآخرون خطاهم
«هل وصلنا؟»
الألم يمشي ببطء ويلمع من أعلى الخاصرة حتى الكعبين
وليس ثمّة وقت كي يعطف المرء على نفسه ويجلس
الطريق يطول ويطول
بين الشجيرات المتقصّفة والحجارة والحصى
كانت السيّدة خارجة من الوحل، تشحطُ قدميها فوق الشوكِ
الدم والوحل والدموع على طول الطريق
قرب آثار الخطى كانت آثار الحقيبة تجرّها اليدُ الحانيةُ برأفة
الحقيبةُ التي تحملُ الصّور وتاريخ العائلة
ولحافاً يؤنس البرد على طول خطِّ النزوح
وردةٌ حمراء على طرف الصورة
حبرٌ يجعلُ الحدود ذكرياتٍ على الأصابع
ها هي صورة مأساتك كاملةً أيّتها الأمّ
ألم الهروب والخوف وأوجاع الجسد..
في الجنازة كنت تبكين وهمستِ لصورة ابنكِ:
قبل موتِكَ بيوم فقط كنتُ أتأمّلُ خزانة ملابسكَ
واندلقَ هواءٌ ساخنٌ بينَ كتفيَّ
إنّها إشارة الغيب: موتُكَ سيكسرُ ظهري!
في الوداع كانت أنفاسُكِ لهاثاً مخنوقاً
الدموع بيضاء، كثيفة
لم تكن ماءً فحسب، بل كانت أرواحاً تسردُ خساراتِكِ
صدّقنا النبوءات وبقايا القهوةِ في الفناجين
فمشينا إلى أحلامنا بعيون مسملة
صدّقنا الحياة والرغائب التي تجعلنا نغرق في هلاوسها
فكانت يقظتنا مشاهد للموت
موتٌ يليه موت وكلّ موتٍ لا يشبهُ سواه
والذي جعلنا نبكي أنَّ لقتَلتِنا وجوهاً آدميّة!
٭ شاعرة سورية
قصيدة مؤلمة إلى أقصى الحدود و بالرغم من كثرة النصوص التي تتناول موضوع الهجرة و العذاب على طريق الهروب إلا أن الشاعرة قدرت على طرح حساس وعميق
جزيل. الشكر للشاعرة
جمييل حرفك ورسمك