رداً على الزعم أن الرأي الاستشاري «غير ملزم» جاء الرأي الاستشاري يؤكد بصراحة أن «جميع الدول ملزمة» بعدم الاعتراف بالوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة و»ملزمة» كذلك بعدم تقديم المساعدة والعون الذي من شأنه أن يدعم الوجود الإسرائيلي في تلك الأراضي. هذا هو القرار الخامس من قرارات المحكمة الدولية. وبهذا النص الآمر، قطعت المحكمة القول الذي يزعم أن رأيها غير ملزم. وعلى سند من هذا الاعتبار القانوني، تستطيع الدول والمنظمات الدولية أن ترسم السياسات، وتتخذ الإجراءات المناسبة ضد سلطة الاحتلال، على أساس قانوني سليم، كما شرحته المحكمة الدولية.
فالرأي الاستشاري «ألزم» الدول بعدم القيام بما من شأنه أن يظهر أن إسرائیل ذات سيادة في الأراضي المحتلة، أو أنها السلطة الشرعية في تلك الأراضي ـ ومن هنا كان الإصرار على عدم السماح لمنتجات المستوطنات بالدخول إلى الأسواق الأجنبية وكأنها «إنتاج إسرائيلي»، وكذلك «ألزم» الدول بعدم تقديم أي عون أو مساعدة يكون من شأنها دعم استمرار الاحتلال، ومن هنا يمكن القول إنه يمنع على الدول التي تقدم الأسلحة مثال، الولايات المتحدة – بريطانيا، أو المعونات الاستخباراتية (بريطانيا) أو تزويد إسرائیل بالنفط أو بالمواد الغذائية (دول الطوق الإبراهيمية)، أو الدول التي تقدم أو تسمح بتقديم استثمارات في أي مجال كان، ولاسيما في الصناعة الإلكترونية، أو الرقمية، أو دعم الأبحاث الجامعية، التي تساهم في دعم أو تطوير الصناعة العسكرية. إن مثل تقديم هذه المعونات هو دعم للوجود غير الشرعي للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ـ أي دعم للعدوان.
جميع الدول ملزمة» بعدم الاعتراف بالوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة و»ملزمة» كذلك بعدم تقديم المساعدة والعون الذي من شأنه أن يدعم الوجود الإسرائيلي في تلك الأراضي
كما أن الدول تستطيع، وعلى سند من هذا الرأي القانوني، من دحض مقولات بنيامين نتنياهو وآخرين في عصابة الاحتلال والإبادة، من إن ما تقوم به إسرائيل هو «دفاع عن النفس»، وإن الاستيطان الإسرائيلي «شرعي» باعتبار أن الأرض هي «أرض المستوطنين» وأنه يمكن إبادة الفلسطينيين باعتبار أنهم يقيمون في أرض «اغتصبوها»! إن المحكمة الدولية ألقت بمهام كبرى على الدول، فرادی أو مجموعات، بما في ذلك هيئة الأمم المتحدة، والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الوحدة الافريقية ومجموعة دول أمريكا اللاتينية، ومنظمات حقوق الإنسان وأجهزة الإعلام ذات الرسالة الإنسانية والملتزمة بفضح الأساليب العدوانية، جميعها ملزمة باتخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات، ونشر بيانات ومعلومات لكي تحمل الدول الأطراف فيها على الامتناع أو التوقف عن تقديم أي شكل من أشکال التعاون أو التعامل أو العون لدولة الاحتلال. وعلينا أن نستذكر بإكبار أن ما قامت به الجمعية العامة للأمم المتحدة، من إصدار قرارات شاملة وعامة في مقاطعة حكومة الفصل العنصري في جنوب افريقيا، حيث حثت الدول الأعضاء على إجراء المقاطعة الاقتصادية (تحريم الاستثمار في الصناعة والزراعة) والتجارية (لا بواخر ترسو في موانئ جنوب افريقيا، ولا يُسمح للبواخر جنوب افريقيا من الرسو في موانئ الدول الأعضاء – وكذلك حركة الطيران) حتى إنها فرضت المقاطعة الرياضية على الفرق الرياضية لجنوب افريقيا. وقياساً على ذلك، فإن هيئة الأمم قادرة على اتخاذ قراراتٍ مماثلة وفي مختلف المجالات للعمل على عزل إسرائيل وجعلها دولة منبوذة.
وفوق ذلك، فإن المحكمة الدولية فرضت على إسرائيل أن تقوم بتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا من مصادرة أراضيهم لإقامة مستوطنات عليها أو لأي غرض آخر، والتعويض يشمل الحرمان من الاستفاده من الأرض وما عليها من أشجار ويشمل تكاليف إعادة الحال إلى ما كان عليه، وهذا یذکرنا بما طالبت به المحكمة الدولية في قضية جدار الفصل العنصري في عام 2004، حيث طلبت من إسرائيل تعويض أصحاب الأراضي والممتلكات التي تضررت بسبب إنشاء الجدار. وبالفعل، فقد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بإنشاء لجنه دولية لحصر الأضرار وجعلت مقرها فيينا، وقامت اللجنة بزيارة بعض المواقع في الأراضي المحتلة، ولكن لم نعد نسمع شيئا عن هذه اللجنة.
ولم تکن قیاده السلطة الفلسطينية تشعر بأهمية تلك اللجنة ومهمتها، فأنشات لجنة فلسطينية، لكي تكون النظير الوطني للجنة الدولية وكانت تضم ممثلي الفصائل دون أن يكون من أعضائها من لهم خبرة في تقييم الأضرار مثل، كيفية حصر الأضرار المادية (السيطرة على الأرض، وهل هي أرض زراعية أم بور، وهل هي مروية أم بعل، إلخ ) وتقييم الأشجار المثمرة، والأضرار البيئية، واحتساب إعادة الحال إلى ما كان عليه، وهناك مؤسسات ذات اختصاص عالٍ في حساب التكاليف. وربما حرصت القيادة على تمييع ذلك الجهد، لأن شعار القيادة الذي التزمت به منذ أوسلو: «نحن لا نريد نزع الشرعية عن إسرائيل».
إن الأهمية الوطنية تنهض على عكس تلك «الحكمة»، بل إن الواجب الوطني يقتضي العمل على نزع الشرعية عن هذا الاحتلال، الذي لم يوفر من الموبقات شيئاً إلا ارتكبها وآخرها « المحرقة « التي يمارسها على أهلنا في غزة، كمقدمة للمحرقة التي سوف يواصلها على أهلنا في الضفة الغربية عندما تتهيأ له الفرصة لذلك. إننا نعيش في مرحلة بن غفير وسموتريتش، وهما يشكلان مرحلة هي أعلى مراحل الصهيونية وأقبحها وأشدها شراسة وعدوانية. من السذاجة الافتراض أو القول – كما يردد بعض مسؤولي السلطة الفلسطينية، إن على المجتمع أن يتحمل مسؤولياته ويقوم بإنهاء الاحتلال. هذا قول في غاية السذاجة وعدم إدراك لكيفية التعامل مع العالم الواقعي الذي تسيطر عليه المصالح وليس المبادئ. على القيادة الفلسطينية أن تعبئ أفضل الكفاءات الفلسطينية في مختلف المجالات والأنشطة لكي تحمل الدول المختلفة على الامتثال لقرارات المحكمة الدولية، مثال: إن الأجهزة الفلسطينية المختصة بالمقاطعة الاقتصادية، عليها أن ترصد حركة العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والدول الأخرى وتبدأ بالاتصالات وعقد الندوات وإجراء المحاسبة القانونية لمسؤولي تلك الدول، التي ما زالت تقيم علاقات اقتصادية مع إسرائيل، وكذلك الحال في الجانب الدبلوماسي والسياحي والعلمي وغيرها من الأنشطة. ولا يفتقر الفلسطينيون للكفاءات وذوي الخبرة والناشطين الملتزمين. ما ينقص الفلسطينيون قيادات سياسية لا تربط التنسيق الأمني بمقاومة الإبادة وإعطاء الأولى أولوية مطلقة على الثانية.
محام وكاتب فلسطيني
يجب على الشعوب العربية والإسلامية وكافة الشعوب المحبة للسلام والعدل على الاصرار ودفع مجلس الأمن للامم المتحدة لإلزام اسراءيل للانسحاب من كافة الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وان اي تهاون في هذه المطالب تعتبر طعناً للشعب الفلسطيني وكذلك مخالفة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وكذلك حكم محكمة العدل الدولية.
شكرا للسيد أنيس فوزي قاسم، على المهنية والمصداقية في تقديم وعرض،
الرأي الإستشاري للمحكمة العدل الدولية في أجزاءه الثلاثة، فهل آن الأوان
لنزع شرعية الإحتلال وما يمثل في فلسطين، حيث تم إختلاقه بالوعد وبالقرار
بالأساس ومقاطعته ونبذه نتيجة رأي المحكمة الدولية واجب على الجميع .