تتجه الانتخابات الرئاسية مرة جديدة نحو الحلقة المفرغة التي تدفع بها من ثمة الى جادة الفراغ الدستوري. كأن قدر عهد الرئيس ميشال سليمان أن يفصله عن العهود الرئاسية السابقة أو التالية له هذا الفراغ. فالرئيس الموشكة ولايته على الانتهاء لم يتسلّم الحكم من سابقه اميل لحود حيث فصلت فيما بينهم أشهر تولّت بلا رئيس في قصر بعبدا، وصولاً الى القرارات الحكومية بخصوص شبكة اتصالات ‘حزب الله’ وكسر الحزب لهذه القرارات باجتياح الاحياء المسلمة السنية من بيروت والقرى الدرزية في جبل لبنان. يومها سمح التوازن الاقليمي بايقاف مسار الحرب الأهلية الذي كان تلوح معالمه، فكان ‘صلح الدوحة’ الذي أقرّ لـ’حزب الله’ بالثلث المعطّل في الحكومة من دون أن يلغي بشكل جوهري مرجعية ‘اتفاق الطائف’ والدستور المنبثق عنها. هذا مع ان الاعلام الموالي للحزب المذكور كان صدح عشية العملية العسكرية في 7 ايار/مايو 2008، بأن ‘الطائف انتهى’. كان النتيجة في حينه ان الطائف لم ينته، وان الفراغ الدستوري عولج بتأمين أرضية اجماعية لانتخاب قائد العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية والتعديل الموقت المكرر للمادة 49 من الدستور للسماح بالاتيان بقائد الجيش رئيساً للمرة الثالثة في تاريخ البلد.
بالمحصلة اذاً، الفراغ بقي تحت السيطرة عام 2008 وانتهت مرحلته الى انفجار دموي ‘موضعي’ تبعه انتخاب للرئيس من بعد ‘صلح الدوحة’. فماذا عن اليوم؟
ليس سهلاً تفادي الفراغ اليوم. لكن السبب مختلف. قبل سبع سنوات كان مرد ذلك هو الانقسام بين فريقي 8 و14 اذار. اليوم سبب ذلك هو انقسام من كان يشكل 14 اذار ‘القديمة’ في اكثر من اتجاه بحيث اننا أمام لوحة معقدة: هناك مرشحان قويان مسيحياً، سمير جعجع وميشال عون، يصعب تصور كيف يمكن ان يبلغ احد منهما سدة الرئاسة، خصوصا بعد ترشح جعجع والاستقطاب الضاري سلبا وايجابا حول هذا الترشح، وفي المقابل فان اي مرشح مسيحي ضعيف الوزن شعبياً سوف يلاقي رفضاً صارخاً الآن في الاستحقاق الذي يطرح فيه لأول مرة اسمي عون وجعجع بهذه الجدية، وسوف يتحول كل مرشح وفاقي عندها الى مرشح المسلمين بالجملة او بالمفرّق، سواء كان مرشح الدروز، كحالة هنري الحلو، او مرشّحاً يسوقّه ‘حزب الله’ او ‘تيار المستقبل’، او مرشّحاً يتفق عليه القسم الاسلامي من لبنان فتكون النتيجة رفضه من القسم المسيحي.
بهذا المعنى كان المانع دون انتخاب رئيس جديد خلفاً لاميل لحود اواخر العام 2007 هو الانقسام السياسي المتجاوز نوعاً ما للانقسام الاسلامي المسيحي، اما الآن فان السبب مرده عودة الروح للانقسام الاسلامي المسيحي من دون تجاوز الانقسام المسيحي الداخلي ولا الانقسام الاسلامي الداخلي، بل بالتفاعل مع نوبات انخفاضهما وارتفاعهما.
بطبيعة الحال، يجد ‘حزب الله’ اكثر من اي فريق آخر مصلحة له في الفراغ الدستوري. الأطراف الأخرى قد تفضل الفراغ على الحلول التي لا ترضى بها. أما الحزب فانه يرنو الى الفراغ في ذاته. فهذا يتماشى مع مقاربته الداعية الى تجاوز نظام ‘الطائف’ بمؤتمر ‘تأسيسي’ جديد للبلد. لكن هنا أيضاً يبرز الاشكال: فهل لدى الحزب، حقاً، تصور لنظام سياسي جديد؟
ثمة ارجحية للتشكيك في هذا المجال. الحزب الذي يدفع باتجاه الفراغ والذي يواصل مساعيه لفرض هيمنته على بقية اللبنانيين بقوة السلاح والأمر الواقع والذي يضرب السيادتين اللبنانية والسورية عرض الحائط بتدخله في الحرب السورية لا يتجه نحو الفراغ لانه يملك خارطة طريق سيطرحها على البلد بعد ذلك، بل لأنه ينظر الى مرحلة الفراغ بالشكل الذي يعني دويلته الخاصة: راحة بال هذه الدويلة في القتال حيثما تشاء وكيف تشاء، وراحة بالها في التوسع هنا وهناك في الداخل، وفي زيادة حصتها في مؤسسات وخدمات الدولة اللبنانية.
في الوقت نفسه، سيتحضّر الحزب الى مرحلة جديدة من التبشير بأن النظام السياسي اللبناني كما عرفناه انتهى، وبأنه لا بد من تأسيس دستوري جديد، وسوف يتكهن المراقبون ككل مرة بأنه يسعى للمثالثة بدلاً من المناصفة، او يدب الهلع بأنه في صدد طرح المداورة على الرئاسة. لكن كل هذا سيكون من مائدة الفراغ نفسه، والفراغ هذه المرة لو حل مجدداً على رأس الدولة اللبنانية، فقد يستمر ليوم او شهر او سنة، لكن الاكيد ان الضمانات الداخلية والاقليمية التي كانت موجودة لوضع حد له عام 2008 هي اقوى من الضمانات شبه المندثرة الآن.
‘ كاتب لبناني
* إحدى مشكلات ( لبنان ) الرئيسية …أنّ ( حزب الله ) شكل :
( دولة …داخل دولة ) …ومرجعيته في ( طهران ) ويعلن ذلك
بفخر واعتزاز …؟؟؟!!!
* القاصي والداني يعرف سواء في لبنان أو خارج لبنان …أنّ مرشح
( الرئيس ) بدون تعاون وتوافق بين ( السعودية وايران ) لن ينجح …؟؟؟
* ما علينا سوى ( الإنتظار ) ومراقبة ( المشهد اللبناني ) …المعقد …؟؟؟!!!
شكرا .