عن ديمقراطية إسرائيل وعنصريتها ضد الفلاشا

مثّلت مظاهرات اليهود الفلاشا في دولة الاحتلال الإسرائيلي قبل عدة أيام احتجاجاً على مقتل شاب يهودي من أصول إثيوبية برصاص ضابط في الشرطة الإسرائيلية، دالة كبرى على تفشي ظاهرة العنصرية ضد اليهود الشرقيين وبشكل خاص يهود الفلاشا. وثمة ظواهر عنصرية وحرب ضروس بأشكال مختلفة ضدهم.

يهود الأشكناز

فقبل أكثر من عقدين من الزمن طرحت في إسرائيل قضية رفض التبرع بالدم من قبل اليهود الفلاشا؛ ومع تكرار نزول آلاف من اليهود الأشكناز؛ الذين يشكلون (40) في المائة من مجموع اليهود في فلسطين المحتلة إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم اختلاط بنات الطائفة اليهودية المذكورة مع الطالبات من السفارديم؛ أي من اليهود الذين ينحدرون من أصول أفريقية وآسيوية حسب التصنيفات الإسرائيلية؛ تبرز من جديد وبقوة ظاهرة التمييز العنصري القديمة المتجددة ضد الـيهود الشرقيين ومن بينهم يهود اثيوبيـا، والتي لن تـرقى بأي حال من الأحوال إلـى مسـتوى التمييز العنصري المفروض على الأقلية العـربية داخـل الخط الأخضـر.

حرب تمييز داخل دولة الاحتلال

وصل عدد اليهود الإثيوبيين (الفلاشا) خلال العام الحالي 2019 إلى (150) ألفاً، يمثلون حوالي إثنين في المائة من مجموع اليهود في دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومن ضمن يهود الفلاشا أكثر من خمسين ألفا من مواليد دولة الاحتلال. وينحدر معظمهم من مجتمعات ظلت معزولة طوال عدة قرون، وقد اعترفت بهم السلطات الدينية الصهيونية في وقت متأخر. وكان نحو (80) ألف يهودي إثيوبي هاجروا إلى إسرائيل عبر جسرين جويين تم تنظيمهما خلال عامي 1984 و1991. وانطلقت خلال السنوات الأخيرة سلسلة من التظاهرات ضد العنصرية والتمييز الذي يواجهه يهود الفلاشا، والمطالبة بانضمام أفراد من عائلات بقيت في إثيوبيا إليهم، بغية دمج الإثيوبيين في المجتمع الصهيوني.

التمييز بالأرقام

ويرى قادة أحزاب إسرائيلية، أن ما يتعرض له الفلاشا يؤكد تفشي العنصرية في إسرائيل التي سعت إلى استقدامهم وأهملت استيعابهم، وإنهم يتفهمون احتجاجهم مراراً، واتهموا الشرطة باستخدام القوة المفرطة ضدهم، وفي مقابل ذلك يرى زعماء اليهود الفلاشا أن تظاهراتهم الدورية ضرورية بغية تغير أحوالهم المعيشية، فإسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة في كثير من الأحيان. ويمكن الجزم أن عنصرية إسرائيل تلاحق الفلاشا في ميادين العمل والتأمين الصحي والتعليم، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، حيث طرحت في إسرائيل قبل أكثر من عقدين قضية رفض تبرع اليهود الفلاشا بالدم، الأمر الذي يؤكد عنصرية إسرائيل المتفاقمة ضد اليهود الشرقيين، وخاصة يهود الفلاشا الذين تعتبرهم دراسات كثيـرة من غيـر اليـهود أصـلاً.
ويتركز يهود الفلاشا في إسرائيل في أحياء فقيرة ومهملة ومدن من الصفيح على أطراف المدن القائمة، كما هي الحال في مدينتي الخضيرة والعفولة، حيث تتزايد نسبة المعتقلين منهم بتهم جنائية لتصل إلى (40) في المائة، خصوصاً بين الشباب الذين يعانون الفقر والبطالة والأمية.

دولة العنصرية بامتياز

واللافت أن يهود الفلاشا يجدون صعوبة في الاندماج في المجتمع الإسرائيلي لأن المجتمع والأحزاب الإسرائيلية تلفظهم في الأساس. ونتيجة التمdيز العنصري الإسرائيلي تجاه اليهود الفلاشا، تنخفض مؤشرات التنمية البشرية بينهم، مقارنة باليهود الأشكناز. ويهود الفلاشا كما تشير الدراسات هي الكنية العبرية ليهود بيتا إسرائيل (يهود الحبشة)، ومعظمهم حالياً من أصول إثيوبية، وهي السلالة التي تركت التعاليم الدينية أو تحولت إلى النصرانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، سواء كان ذلك التنصر طوعاً أم إكراهـاً. وهـذه الجـماعة هاجرت إلى إسرائيل بموجب قانون الهجرة، وحظيت هجرتها باعتراف من قضاة الهالاخاه، إلا أن هناك من بينهم معارضين، ومعظمهم علمانيون. وفي تشرين الأول /أكتوبر من عام 2012، أطلقت عملية «أجنحة الحمامة» لإتمام هجرة هذه الجماعة، وانتهت هذه العملية في تشرين الأول / اوكتوبر2013 بعد هجرة حوالي خمسة آلاف شخص.

تناقضات جوهرية

على خلفية مظاهرات يهود الفلاشا قبل ايام إثر مقتل شاب منهم برصاص ضابط في الجيش الصهيوني، قال رئيس قسم العمليات في المنظمة الصهيونية العالمية (درور مورغ) «إن اليهود الفلاشا البالغ تعدادهم السكاني اليوم نحو 150 ألفا؛ ورغم استقدامهم إلى إسرائيل منذ سبعينيات وحتى تسعينيات القرن الماضي، ما زالوا مطالبين بإثبات أنهم يهود، إذ يتم التشـكيك من قـبل المجتمع الإسـرائيلي إذا ما كانوا من الشعب اليهودي أصلا، وعليه يتم نبذهم ويعـيشون في عـزلة عن المجـتمع الإسـرائيلي».
ويلاحظ المتابعون للشأن الإسرائيلي وجود تناقضات جوهرية داخل المجتمع الصهيوني، وصلت إلى قمة العنصرية، حيث تم التعبير عن ذلك بنزول آلاف الـيهود الأشـكناز (الغربيون )، إلـى الشـوارع بين فترة وأخرى للتعبير عن رفضهم اخـتلاط بنات الطائفة اليهودية المذكـورة بالـطالبات من الـيهود السفارديم وخاصـة الفلاشـا بسـبب لون بـشرتهم. وهناك حقائق أخرى ماثلة للمتابعين ودالة هي الأخرى على التمييز ضد اليهود السفارديم (الشرقيون) ومن بينهم الفلاشا، وفي المقدمة منها أن مـراكز القـوى في إسرائيل، سواء في المؤسسة العسكرية أو النظام السياسي، تمت السيطرة عليها وتسييرها من جانب اليهود الأشكناز؛ أي اليهود الغربيين، على اعتبار أنهم بناة الدولة الصهيونية الأوائل.
ويشكل العامل الاقتصادي والتعليمي دليلاً كبيراً على التمييز ضد اليهود الشرقيين ومن بينهم الفلاشا، حيث يمنع الطلاب اليهود من أصول شرقية من التحصيل التعليمي العالي مقارنة بالطلاب من أصول غربية، كما يعاني يهود الفلاشا من تمييز جوهري، فمن الصعوبة بمكان أن يكون في المستقبل القريب صاحب القرار في المؤسسة التنفيذية، أي رئيس الوزراء، من يهود اثيوبيا، نظراً للعنصرية المتفاقمة إزائهم من قبل المجتمع الصهيوني و الأحزاب الإسرائيلية على حد سواء.

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    سمعت من البعض بأن الاشكناز ليسوا يهوداً! أي ليسوا من نسل نبي الله يعقوب عليه السلام!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سامح//الاردن:

    *(اسرائيل) فيها تمييز عنصري مكشوف
    ومعروف للجميع ومع ذلك يتغاضى
    الغرب وامريكا عن هذا التصرف
    المخزي الارعن.

اشترك في قائمتنا البريدية