عن لبنان الحائر بين مسألتين… «مارونية» و«شيعية»

وسام سعادة
حجم الخط
0

الانقسام بين اللبنانيين هو ما قامت ألف حيلة، بعضها يرد عن يمين المشهد وبعضها من يساره، لنفي عمقه، وضراوته، وحدّته، مذ تأسّس هذا الكيان عام 1920 في سياق «استجابيّ» فرنسيّ للمطالبة البطريركية المارونية بتوسعة حدود «لبنان المتصرفيّة» بالشكل الذي يأمن فيه هذا الكيان من ضمّه اللاحق إلى المتحدّ السوريّ.
انوجد البلد في الأساس كمشروع حلّ وطنيّ، كيانيّ، بالمبضع الكولونياليّ، لمسألة مِلّيّة محدّدة: هي المسألة «المارونيّة». مسألة طائفة عُرفت في القرنين السابقين على إنشاء هذا الكيان بالقدرة على التكاثر العددي التي قلّما عرفت مثلها الطوائف «الكتابيّة» في هذا الاتجاه المعاكس للأسلمة العامة لمنطقة المشرق العربي. فالطوائف الكتابيّة كانت نسبتها العددية من مجموع السكان تتراجع قرناً بعد قرن، وإن لم يحدث الانقلاب الديموغرافي الكبير المتمثل بالأكثرية العددية الإسلامية في أعقاب «الفتوحات» وقيام الإمبراطورية العربية، الأموية فالعباسية، بل ليس قبل القرن السادس للهجرة. الموارنة، وحدهم، استطاعوا التكاثر في الجبال المطلّة على شرق المتوسط بشكل متزايد طيلة المرحلة العثمانية، وتمكنوا، وهو أمر نادر عند سواهم من الطوائف المسيحية في الشرق من استمالة عائلات أساسية درزية وشيعية وسنية عديدة لاعتناق مذهبهم.
الفجوة الديموغرافية بين الموارنة والدروز تحولت طيلة القرن التاسع عشر إلى مصدر أساسي للتوتر بين الملّتين، وكانت تغرف منه سياسات التأليب التي اعتمدتها القوى المتدخلة في الشرق للجماعات على بعضها البعض. بالقدر نفسه، تحوّلت هذه الحيوية الديموغرافية المارونية إلى مصدر للهجرة التي تبدأ من هجرة «الشوّام» إلى مصر وتستفحل أكثر فأكثر في نهايات القرن العشرين، باتجاه الأمريكتين. عندما تحرّكت البطريركية المارونية للمناداة بالحل الوطني، التوسيعي لحدود المتصرفية بضم سهل البقاع ومدن الساحل والوصول إلى النهر الكبير شمالاً بما يتيح ضم القرى المارونية في عكار، وتعدية نهر الليطاني جنوباً بما يتيح ضم القرى المارونية في جبل عامل / الجليل، فعلت ذلك وفي ذهنها مخيال ديموغرافي تفاؤلي، بأن التكاثرية المارونية معطى حيوي مزمن، وأن ما خسره الجبل من أبنائه كمهاجرين إلى الأمريكتين، وما خسره من ثلث أبنائه في المجاعة الكبرى في سني الحرب الكبرى، يوجب توسعة هذا الكيان وضم المدن التجارية والسهول الزراعية إليه، بالشكل الذي يوقف هذه الهجرة، ويحول دون تكرار المجاعات، ناهيك عن مجازر القرن السابق، وأنّ الطائفة التي استطاعت رغم مشقات العيش تحت ظل الدولة الإسلامية العثمانية، من التكاثر والتوسع في المكان بأن تجاوزت معاقلها شمال نهر ابراهيم، إلى التوطن في كسروان ومورنتها بشكل يكاد يكون شبه كامل، فالتحول إلى الأكثرية الديموغرافية في «جبل الدروز الغربي» (المنطقة الجنوبية من جبل لبنان) سيكون لها مجالاً أفضل لمورنة الأقاليم الملحقة بجبل لبنان بالاستفادة من المرحلة الفرنسية. ما ظهر سريعاً هو هشاشة عناصر عديدة في هذا الحساب. فالأثر السلبي لسني المجاعة لم يكن من السهل تعويضه بشكل سريع، قرى بأكملها لم تعد لها الحياة من يومها. أما الهجرة الى الأمريكتين فتواصلت في العشرية التي أعقبت تأسيس لبنان الكبير، ولم يحد منها سوى الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 1929. والتحديث الاجتماعي والصحي الذي وفّر قاعدة للتكاثر الماروني سابقاً، عندما استطاع الحدّ من وفيات الأطفال ورفع سن العيش، انعكس لاحقاً إلى تراجع في النمو العددي تحت تأثير «التمدّن» والابتعاد عن المجال الزراعي، في مقابل طفرة ديموغرافية شيعية لم تحدّ منها الهجرة الريفية باتجاه ضواحي بيروت الشرقية والجنوبية. أدّى ذلك إلى تعديل أساسي في المنظار، ولشيوع «التشاؤمية الديموغرافية» عند الموارنة، وهذه تتحرك بين نزعتين. واحدة تشاؤمية مكابِرة: تأسف لتراجع النسبة العددية لتعود فتكابر وتقول إن العدد ليس الفيصل هنا. وثانية تكيّفية: مقتنعة بأن تمتين الكيان اللبناني، بالتوصل إلى تسويات في الصميم مع المسلمين، بإمكانه الحفاظ على الغاية من هذا اللبنان، كوطن يمكن من خلاله للمسيحيين العيش بحرية كاملة واستبعاد أي تطبيق جزئي أو رمزي لأحكام أهل الذمة، وما يتبعها إلى يومنا هذا من استثناءات تحول أن يتبوأ نصرانيّ أو يهوديّ مثلاً المنصب الأوّل في أي دولة عربية.
الانقسام اللبناني كان أعمق من هذا التوتر الماروني – الماروني، بين المكابرين على طول الخط على التراجع الديموغرافي للمسيحيين وبين دعاة التكيفية الاستشرافية. لقد أتاح التوسع من لبنان المتصرفية إلى لبنان الكبير، كما أتاح نمو بيروت وتحولها إلى رأس كبير للغاية بالنسبة إلى كيان محدود المساحة ديموغرافياً، آفاقاً من الاختلاط والتمازج غير مسبوقين بين الجماعات. لكن التهجين الناجح هذا عزّز الانقسام ولم يتجاوزه. جعله في الوقت نفسه يتبدّل كانقسام. لا نقول يتبدّل بالشكل، وإنما بالأحرى يتبدّل بالمحتوى ويحافظ على الشكل الأساسي للوجود اللبناني من حيث هو وجود منقسم. المفارقة، في جزء منها، أنه بدل أن يتحول هذا الانقسام إلى ناف للكيانية اللبنانية، فقد تحول إلى سمة منها، إلى سمة وطنية لا يشكل الخطاب الاحتفالي بتجاوز الانقسامات عند كل عتبة سوى التعبير الأمضى عنها. بمعية هذا الانقسام انزاح المركز الإشكالي للكيان من «المسألة المارونية» إلى «المسألة الشيعية».
المسألة المارونية كانت ابنة القرن التاسع عشر. طائفة حيوية ديموغرافياً وثقافياً في هذا الشرق تجد نفسها بالنتيجة أمام استحقاق محاكاة التطور الصادم للملل المسيحية العثمانية في البلقان. بمعنى: طيلة القرن التاسع عشر، ومن بعد فشل التصور الأول المتعلق بانقلاب الحال في السلطنة لصالح ملة الروم ككل، وهي التي كانت تضم مطلع ذلك القرن معظم مسيحيي البلقان أضف إلى روم الأناضول وروم البلدان العربية، فقد أخذت تخرج من هذه الملة الأم ملل «إقليمية». جزء من هذه الملة جنوب البلقان تحول إلى إنشاء الكيانية «اليونانية» أولاً لأن الثورة اليونانية 1821 لم تستطع أن تتحول إلى ثورة كل الروم، وثانياً لأن هذه الثورة وجدت نفسها تقتبس بالنتيجة مثالاتها من حضارة الإغريق القديمة منقولة لها من الحافظة الأوروبية الغربية الحديثة، وليس مباشرة أبداً. ومن بعد اليونان كان دور البلغار والصرب والرومان. انفصلت الكنيسة البلغارية عن ملة الروم في ذلك القرن وتأسست كملة جديدة، ثم نادى القوميون البلغار بإصلاح وتعميم لغتهم القومية، وبنطاق ترابي للتحقق القومي، أرادوا له أن يشمل في حالتهم أيضاً القسطنطينية. بالنتيجة، جرى تشكيل أمة قومية من ملة دينية. كي تحوّل ملة دينية إلى أمة قومية عليك أن تنجح في اختبار الانتقال من لغة ليثورجية إلى لغة معاشة بالفعل، وأن توجد مساحة ترابية لهذه الملة الدينية فاللغوية كي تصير أمة قومية. النموذج البلقاني هذا حاولت الحركة القومية الأرمنية الاقتباس منه في ظروف أصعب بكثير (حيث نخبها تعيش في المركز العثماني، الأستانة، والجسد الشعبي للأمة منقسم بين الأناضول العثماني وبين القوقاز الروسي). أما الموارنة، فقد عملت بطريركيتهم وجزء من نخبها عملياً للاقتباس الجدي وإنما الجزئي من هذا النموذج. فلم يطرح مثلا إعادة إحياء التداول بالسريانية، وإخراجها مجددا من لغة الصلوات إلى لغة الناس، وإنما غلب خيار «التعريب اللغوي» من جهة، و«التوغل» في اللغات الأوروبية، الإيطالية بالفرنسية، من جهة ثانية. وبعكس الدول – الأمم المسيحية التي خرجت جميعها من ملة الروم في البلقان، فإنّ الملة المارونية، التي لم «تترومن» إلا بالكثلكة، إبان عصر النهضة الإيطالي وإنشاء مدرسة روما المارونية، وجدت نفسها تبحث عن حل «كياني» لها على حساب (أو أقله بغض النظر عن حساب) الغالبية العددية من روم المشرق العربي. إيجاد كيانين، لبنان وسوريا، لئن أدى مع الوقت إلى تراجع الموارنة النسبي في لبنان، فإنه أدى إلى كبوة أكبر بكثير بالنسبة إلى حضور المسيحيين ككل في سوريا.

المصارحة الشيعية المارونية المؤجّلة

المسألة الشيعية طرحت نفسها بشكل مختلف للغاية. كمسألة مزدوجة، من جهة، يحرّكها «الحق في الاندماج وحصاد نتائج الاندماج» في هذا الكيان الذي توسع ليشمل مناطق الشيعة في البقاع الشمالي وما بات الجنوب اللبناني دون أن يقف على رأي الناس في هذه المناطق. ومن جهة ثانية، يحرّكها «الحق في الخروج» عن كل السرديات التي لم يشارك الشيعة في نسجها. السردية اللبنانية، المارو-مركزية. السردية القومية العربية، النوستالجية للأمويين. السردية العثمانوفيلية. سردية «العروبة» الخاصة باليمين الملكي العربي. نشأت المسألة الشيعية في لبنان منذ حلول الفرنسيين بدل العثمانيين في هذه المنطقة، انطلاقاً من التأليف الصعب بين الحق في الإندماج وبين الحق في الخروج.
الملفت هنا أنه لم يصر في التاريخ اللبناني المعاصر إلى أي محاولة جدية لإقامة حوار جدي بين حاملي المسألتين، الإثنو-دينيتين، المارونية والشيعية. بدل أن تنشأ محاولة تحاورية نقدية ويفترض أن تكون جريئة في سياقاتها غير السهلة، فقد حضرت الغنائيات، منها غنائية «اللبننة» التي تفترض أن هناك قوما لبنانيا كاملا يحاول أن يقنع قوماً لبنانياً مستجداً بمبدئية أو فضل أو واقعية اللبننة. هذه غنائية تبدأ بنفي جانب تريد رفع منسوبه عند الآخر. وهناك غنائية أننا، موارنة وشيعة، من «الفلاحين». هذه غنائية لا يمكن أن تذهب بعيداً، هنا أيضاً. أو من «الأقليات» غير السنية في هذا الشرق. وهذه غنائية تستند إلى عنصر جدي، ومهم، لكنها لا تستطيع ترجمته إلا بشكل «انتهازي» فقط، في لحظة توتر سياسي مع تيارات سنية مثلاً. الموارنة والشيعة ورغم أن لكل طائفة منهما مسألة مزمنة شرق المتوسط، فإنه قلما جرت المحاولة إلى طرق باب المسألتين معاً.
يرجع جزء من ذلك إلى طغيان خطاب التقليل من عمق الانقسامات. من اليمين حين تعتبر بأنه لولا جمال عبد الناصر وياسر عرفات وحافظ الأسد والإيرانيين لتراجعت الانقسامات الحادة بين الطوائف في لبنان مع الوقت، وانسكب الجميع في بوتقة واحدة، مسيحية المركز. يساراً، حين تعتبر أن هذه الانقسامات مختلقة نتيجة طبيعة الامبريالية والتبعية الكولونيالية وأن التحرر الوطني زائد التحرر الاجتماعي زائد التحرر الثقافي كفيل بمعالجتها. وقد كنا بحاجة على ما يبدو إلى ازدهار الطبعة الإسلاموية والمذهبية في آن من التحرر الوطني لإظهار أنه يزيد الانقسامات ولا يقللها. طبعا، يمكن لليساري المنكر لعمق الانقسام بين الجماعات الأهلية – الدينية أن يدعي أنه لو تأمن باكيدج تحرري شامل لحصل غير ذلك. لكن اليسار نفسه «انزلق» – كلمة غير دقيقة البتة – إلى التطيّف إبان الحرب الأهلية. المشكلة لم تكن في تطيّفه كيسار، فهذا لم يكن «خطأ سهو» بل انعكاساً من الصعب الابتعاد عنه، انعكاساً للانقسام العميق بين اللبنانيين. توحيدهم على قاعدة المكابرة على هذا الانقسام لن يؤدي إلا إلى تقسيمهم أكثر.
لم يعرف تاريخ لبنان بعد من مصارحة مارونية شيعية إلا بالشكل الاجتزائي لها. المسألة الشيعية كانت إلى حد كبير مسألة مارونية مضادة. لسان حالها يمكن تقويله بهذا الشكل: الطفرة الديموغرافية لنا، وليس للموارنة. جبل عامل هو مركز السردية اللبنانية الجديدة، المقاومة وليس جبل لبنان. جبل لبنان نفسه كان جبل الشيعة قبل حملات المماليك عليهم. وفي الوقت نفسه، جميعنا فلاحون، جميعنا أقليات، لنا تراثين متشابكين من المعاناة والشهادة. الموارنة حين يتوقفون عن العناد سيكتشفون أنهم شيعة أيضاً.

النكبة الشيعية

يتخذ الانقسام اللبناني منذ سنوات عديدة طابع انقسام حول «حزب الله». الحزب الإسلامي الشيعي اللبناني الذي يدين بالولاء لولاية الفقيه الإيرانية، ويرتبط نخاعه الشوكي وتجهيزه العسكري والأمني ربطاً بمنظومة الحرس الثوري الإيراني. على الصعيد الرسمي يتخذ هذا الانقسام شكلا «فصامياً». معادلة «لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته» التي تصاحب كل البيانات الوزارية، مقرونة بالتزام الحكومات المتعاقبة بالقرارين 1559 و1701. كما يتخذ شكلاً تعطيلياً للمؤسسات الدستورية، أو تفريغياً لها، كلما امتد الشغور الرئاسي بالكرسي الأول في الدولة، أُدخل البلد في حرب في ظل هذا الانقسام. هذا الانقسام تضخم نتيجة لاستمرار وتمادي هذه الحرب، وانتقالها من «المشاغلة» إلى حرب تطهير إثني إسرائيلي ضد شيعة لبنان. مجدداً، هناك من لا يتعب من نفي عمق الانقسامات. الأول، لا يريد أن يراها إلا كنشاز على معطى يحتاج إلى وضعه في الصدارة، وهو أن ثمة مواجهة بين الاستعمار وبين أهل المنطقة. والثاني لا يريد أن يراها إلا كواقع زائل حكماً مع تضعضع «حزب الله» وضعفه المرتقب له أن يزيد.
قطعاً لا يفسر «حزب الله» بديناميات الانقسام الأهلي وحدها. لكن متى كانت هذه الديناميات «داخلية» فقط؟
وقطعاً لا يشبه المشروع التغلبي الذي قاده الحزب أي مشروع تغلبي سابق بين الجماعات اللبنانية. لكن من الهشاشة البناء على هذا الافتراض للتفاؤل حول «نضج» التجربة اللبنانية، واستفادتها المرتقبة من أخذ العبر من نكبة هذا المشروع المقدّرة. النكبة الشيعية اليوم من شأنها تعزيز الانقسام اللبناني، أقله، ما لم تكن هناك إمكانية لظهور خطاب لا يجعل من نفي هذا الانقسام نقطة البدء في صياغة المشروع الوطني.
في الوقت نفسه، غنائية «نفي الانقسام» تفصح عن نفسها بالشكل المنفصم مجدداً. هنا مبالغة بتثمين باستقبال النازحين، وهناك مبالغة بالحديث عن صدّ الأبواب في وجوههم. مشكلة النزوح لا يمكن الحكم عليها إلا كل يوم بيومه، وبالأخص بالشكل الذي سيأخذه النزاع، والبعد الداخلي له الذي لا يمكن ابقاؤه في «الاحتياط» مدة أطول.
جزء من هذا التيه يرجع إلى أنه، ولئن كان يتمحور تاريخ هذا البلد الإثنو-ديني حول مسألتين، واحدة مارونية وثانية شيعية، فإن الانقسام الأساسي فيه لم يزل بين المسيحيين والمسلمين قبل أي اعتبار آخر. هذا ما لا تحتمل مجرد سماعه العقول المدمنة على خطابيات ميثاق 1943 والبرنامج المرحلي للحركة الوطنية 18 آب/أغسطس 1975 وحركة 14 آذار/مارس 2005 و«ثورة» 17 أكتوبر 2019.
المفارقة في المقابل، أن التعبير الوحيد المتداول عن هذا الانقسام لا يأتي إلا بشكل فظ، كمثل قولة «لا يشبهوننا» لكن الجواب عليها يأتي تصديقياً لها بالمحصلة، «حتماً لا نشبهك».
المشكلة أن عدم التشابه ليس من الأساس بالخطأ الذي يفترض مداراته. إنه موجود. لا يقلل منه الاختلاط والتمازج. يجعله أكثر تعقيداً، بل وأكثر توتراً، ما لم يجر إلى إقرار الانقسام على حقيقته المزمنة. لا تزال حين تتكلم عن الانقسام العميق بين اللبنانيين يأتيك من يحدثك عن الحاجة إلى كتاب تاريخ مدرسي موحد لتجاوز ذلك، أي للمطالبة عملياً بنفي التاريخ، تاريخ الجماعات المختلفة، وتجريم الذاكرة، واستجماع كل ما هو ركيك من هذه الغنائية أو تلك.
سواء من ناحية أن التوافق الكياني الكامل بين المسيحيين والمسلمين في هذا البلد لم يحدث بعد، أو من ناحية أنه كبلد أسس في الأساس لحل مسألة مارونية، وطرح مع الوقت مسألة شيعية، ولا يمكن حل أي من المسألتين على قاعدة نفي وجود المسألة الأخرى، أو إلحاقها كهامش ليس أكثر على المسألة الأخرى.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية