دمشق – «القدس العربي» : بينما كانت مدارس إدلب أمس مسرحاً لانفجار صواريخ المقاتلات الروسية، حيث سقط العشرات من المدرسين والطلاب بين قتيل وجريح، في محاولة على ما يبدو لتفريغ المدينة من سكانها، وبالتالي تمهيد الطريق أمام النظام السوري للسيطرة على المدينة، كان لافتاً أمس موقف وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، من أن النظام السوري لن يستطيع أن يحقق نصراً عسكرياً في هجماته على إدلب، قائلاً إن بلاده تعمل مع تركيا لرؤية ما يمكنها فعله حيال ذلك، في حين يحاول الرئيس التركي موازنة موقفه بين الحليفين الروسي والأمريكي، وتدوير زوايا أولويات وهواجس أنقرة السياسية والأمنية في سوريا.
وقتل أربعة معلمين سوريين على الأقل، وأصيب عشرات التلاميذ جراء قصف جوي روسي استهدف خمس مدارس وروضتي أطفال في أحياء مختلفة من مدينة إدلب أمس الثلاثاء، بينما قالت وكالة الاناضول إن 4 مدنيين قتلوا بينهم معلمان وتلميذ، نتيجة قصف بالقنابل العنقودية نفذته قوات النظام السوري على المدارس والأحياء السكنية في إدلب. وقال وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة الدكتور مرام الشيخ مصطفى، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ) إن «استهداف البنى التحتية من مدارس ومستشفيات ومراكز دفاع وطني ومراكز إيواء سياسة ممنهجة للنظام لدفع السكان إلى النزوح».
لافروف: وقف النار استسلام لـ«الإرهابيين»… وروسيا غير متحمسة لانعقاد «القمة الرباعية»
وجاء كلام بومبيو الذي يبدو أنه يضع خطوطاً حمراء أمام الروس والنظام السوري في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية الأمريكية، مساء أمس، حيث شدد فيه على ضرورة تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في سوريا.
وأشار بومبيو إلى أن «نظام الأسد والروس والإيرانيين، قوضوا جميع جهود وقف إطلاق النار (في إدلب)». وأضاف «كما قلناها مراراً، النظام السوري لن يستطيع أن يحقق نصرا عسكريا، وهجومه في إدلب يزيد فقط من خطر الدخول في صراع مع حليفنا في الناتو تركيا». ودعا بومبيو إلى ضرورة تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإجراء مفاوضات برعاية الأمم المتحدة، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وتابع: كما أكد الرئيس ترامب، فإننا نعمل مع تركيا لرؤية ما يمكننا فعله.
لكن تعليق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نسف دعوات بومبيو والمناشدات الأممية والدولية بوجوب وقف إطلاق النار في إدلب في أسرع وقت نتيجة الكارثة الإنسانية، إذ قال: «تلك الدعوات لا تُعتبر اهتماماً بحقوق الإنسان وإنما هي «استسلام للإرهابيين أو حتى تشجيع لأنشطتهم وانتهاك صارخ للاتفاقيات والقرارات الدولية لمجلس الأمن الدولي».
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نوه كذلك إلى ضرورة إيجاد حل لإدلب في أسرع وقت، قائلاً: أواصل اتصالاتي مع بوتين لتقييم النواقص وتحديدها في خريطة الطريق التي وضعناها من أجل إدلب.
واتهم أردوغان روسيا بتقديم الدعم العسكري الكامل وعلى أعلى المستويات للنظام السوري، وقال: مهما أنكروا (الروس)، فلدينا قرائن تثبت ذلك.
وفي حين تبدو القمة الرباعية المزمع عقدها في تركيا، في الخامس من شهر آذار/ مارس المقبل، غير مكتملة الجوانب، حيث يبدو التردد الروسي في المشاركة هو الأوضح في الوقت الراهن، أشار أردوغان إلى احتمال لقاء بوتين في 5 آذار/ مارس، سواء في إسطنبول أو العاصمة أنقرة. وذكر أنّ وفداً روسياً سيزور تركيا اليوم للتباحث حول إدلب.
ميدانياً، نجحت فصائل المعارضة السورية بدعم مدفعي وصاروخي تركي من استعادة زمام المبادرة من النظام السوري وميليشيات «فاغنر» الروسية في ريف إدلب الشرقي، بعد استعادتها السيطرة على بلدة النيرب الاستراتيجية، حيث تدافع بشراسة عن إدلب، واسترجعت قرى عدة مجاورة لها، في حين عادت قوات النظام إلى استخدام الأسلحة المحرمة دولياً مثل القنابل العنقودية، التي سقطت على منازل المدنيين والطرقات الرئيسية في مدينة إدلب.
تزامناً دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأطراف المتحاربة في إدلب السورية، الثلاثاء، إلى السماح للمدنيين بالعبور الآمن هرباً من الهجمات، وذلك على لسان المتحدثة باسم اللجنة روث هيذرنغتون في إفادة صحافية في جنيف.
واشنطن لن تتحرك ولن تتحرك فقط الكلام منذ أيام أوباما عن الخطوط الحمر