غزة -«القدس العربي»: كشف وزير الجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته، بيني غانتس، عن تخوفه من ذهاب الأمور إلى مربع “التصعيد الأمني” الخطير، بسبب سياسات الحكومة الجديدة التي يترأسها بنيامين نتنياهو، وتضم شخصيات متطرفة، في وقت دعا فيه قيادي بارز في حركة الجهاد الإسلامي إلى “إشغال العدو وإرباكه” عبر تصعيد المقاومة بكل أشكالها الشعبية والمسلحة.
تحذيرات إسرائيلية
ونقلت تقارير عبرية أحدها في موقع قناة “i24news” الإسرائيلية عن غانتس قوله “أنا أحترم نتائج الانتخابات، لكنني متخوف جدا وأحذر من الاتجاه الذي نذهب اليه، حيث أنه متطرف وأيضا خطير أمنيا”.
وقال “في حال تصرفت الحكومة بشكل غير مسؤول، فقد يتسبب ذلك في تصعيد أمني”، لافتا إلى أنه أصدر تعليمات إلى الأجهزة الأمنية التابعة له أو التي هي على اتصال به للاستعداد لاحتمال التصعيد نتيجة التطورات بشكل عام، وبالنظر إلى شهر رمضان بشكل خاص.
جاء ذلك بسبب الانتقادات التي أطلقها كل من بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب “الصهيونية الدينية” المتطرف، وايتمار بن غفير زعيم حزب “القوة اليهودية” المتطرف، ضد رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية أفيف كوخافي، بعد اعتراضه في محادثة هاتفية أجراها مؤخرا مع بنيامين نتنياهو، على توليهما مهام أمنية كانت تخضع لإدارة الجيش.
وكشف غانتس خلال المقابلة أنه ورئيس الحكومة المنتهية ولايته يائير لبيد وافقا على إجراء كوخافي محادثة مع نتنياهو، في إجراء غير متبع، بأن يقوم قائد عسكري بإجراء محادثات مع رئيس حكومة قبل تنصيبه.
وقال غانتس معقبا على المحادثة أيضا “في النهاية هذا توجه لرئيس حكومة مكلف، أنا لم أكن مشاركا في المحادثة، ولا أعرف ماذا دار خلالها، لكنني أعرف جيدا الجيش الإسرائيلي والجهاز الأمني وأدرك جيدا الأضرار التي يمكن أن يسببها تقسيم جهاز الأمن، على مستوى وزير الجيش وعلى مستوى وزير الأمن القومي الذي يدير القوات في الضفة الغربية”. وتابع “أعتقد أن دور رئيس الأركان هو التعبير عن رأيه، بالتأكيد ليس من الصواب بالنسبة لي منعه”.
والجدير بالذكر أن الاتفاق الائتلافي لتشكيل الحكومة ينص على إتباع قوة حرس الحدود لوزير الأمن الداخلي بن غفير، بعدما كانت تحت سلطة الجيش، فيما جرى الاتفاق على تولي حزب “الصهيونية الدينية” منصب وزير في وزارة الجيش، تكون مهمته الإشراف على عمل منسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق الفلسطينية، وهو ضابط برتبة عميد، وكذلك “منسق” أعمال الحكومة وهو ضابط برتبة لواء، بعدما كانا يتبعان لرئيس هيئة الأركان.
كما عبر عن معارضته للمبادرة لتمديد فترة الانتظار لضباط الجيش الاسرائيلي الكبار بعد تسريحهم، وقال “أعتقد أن رؤساء هيئة الأركان والجنرالات السابقين هم شخصيات كبيرة على الصعيد الاجتماعي، ويمكنهم المساهمة بأنفسهم في النظام السياسي، هذا ليس ضررا، ليست لديهم مهارات أقل من أي أحد آخر”.
وفي سياق متصل، عين نتنياهو تساحي هنغبي من حزب “الليكود” ، البالغ من العمر 65 عاما، رئيسا لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ليحل بذلك محل إيال هولاتا، الذي استقال من المنصب، بعد فوز اليمين وتكليف نتنياهو بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة.
وسبق لتساحي هنغبي أن ترأس عدة وزارات على مدى السنوات الماضية، مثل الصحة والعدل والأمن الداخلي، كما شغل منصب الوزير المسؤول عن الإشراف على أجهزة المخابرات “الموساد” و “الشاباك”، وكذلك وكالة الطاقة الذرية والعلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة.
كما شغل تساحي هنغبي منصب نائب وزير الخارجية الإسرائيلية، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في “الكنيست”.
وكان هذا المسؤول الإسرائيلي قد قال قبل شهر، إنه يعتقد أن نتنياهو سيأمر بشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية إذا لم تبرم الولايات المتحدة اتفاقا نوويًا جديدًا مع طهران.
يشار إلى أن هناك توقعات فلسطينية وإسرائيلية على حد سواء، بأن تتصاعد الأمور الميدانية بشكل أخطر مع تولي حكومة اليمين مقاليد الحكم، خاصة في ظل دعم كل من سموتريتش وبن غفير للاستيطان، وتحكمهما بالأداة العسكرية التي تسمح لهما بذلك، وأيضا بسبب التوجهات المتطرفة لهذه الحكومة، القائمة على تنفيذ سياسات الضم لمناطق عدة بالضفة، وكذلك إقرار قانون “إعدام الأسرى”.
وكان كوخافي قد حذر نتنياهو من أن التغييرات المقررة والمتفق عليها في الاتفاقات الائتلافية “ستضر بمكانة إسرائيل الدولية”، بحيث تفضح نظام الأبارتهايد الإسرائيلي، وأنه بموجب ذلك “سيرى الرأي العام الدولي أن إسرائيل تحكم بنظامين قانونيين مختلفين أحدهما لليهود والآخر للفلسطينيين”.
دعوات فلسطينية للتصعيد
وردا على سياسات الحكومة الجديدة، هددت فصائل المقاومة برد غير متوقع، ودعت للاتفاق على برنامج سياسي مقاوم.
ودعا عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش، إلى “إشغال العدو وإرباكه” عبر تصعيد المقاومة في الضفة بكل أشكالها الشعبية والمسلحة لـ “منع التوسع الاستيطاني وإفشال حملات الاعتقالات الليلية لقوات الاحتلال”.
وأوضح في تصريح أن الاعتداءات التي ينفذها الاحتلال في الضفة والقدس المحتلتين، تأتي ضمن “محاولة فاشلة لفرض شروط الاستسلام على شعبنا وعلى المقاومة في قطاع غزة كما فشلت سابقا في إخضاعه بالضفة”.
وأضاف أن “استمرار حملة الاعتقالات والاعتداءات بالضفة الغربية والقدس، محاولة مقصودة لاستنزاف المقاومة وقادتها ومخزونها الثوري هناك، ومحاولة فاشلة لكسر إرادة الصمود لحاضنتها الأساس الشعب الفلسطيني من أجل تهويد القدس وتوسيع البناء الاستيطاني تنفيذا للمشروع الصهيوني على ارض الضفة والأغوار ، وتمرير مخططات حكومة المتطرفين العنصرية بزعامة نتنياهو وبن غفير”.
يشار إلى أن تقارير عبرية سابقة أشارت إلى أن شهر رمضان الذي يحل بعد أشهر قليلة، وتحديدا خلال الفترة الأولى لحكومة نتنياهو اليمينية، سيجري خلاله الكشف عن طبيعة التوجه وشكل التصعيد المقبل، خاصة وأن أعيادا يهودية تحل في شهر رمضان، حيث سبق وأن تعهد قادة الحكومة بتسهيل مهمة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، وهو ما من شانه أن يفجر موجة غضب شعبي فلسطيني، قد تنقلب إلى أعمال مسلحة، للرد على تلك الهجمات بشكل أكبر مما حصل في العامين الماضيين.
وأكد الناطق باسم حركة حماس محمد حمادة في تصريح صحافي، أن جرائم الاحتلال بحق المقدسات “سيقابلها شعبنا بمزيد من المواجهة والصمود في القدس والأقصى الذي سيبقى إسلامياً خالصاً”.
وكان مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس، قد حذر من “عسكرة” ساحات المسجد الأقصى، وذلك إثر كثافة الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد، لافتا إلى أنه يتابع الانتهاكات الأخيرة بالغة الخطورة التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق المسجد الأقصى المبارك، مشيرا إلى أن من أبرز الانتهاكات “تكثيف اقتحامات الشخصيات السياسية التي تتبنى أطروحات المنظمات المتطرفة أو تلك التي تمثلها وتنتمي لها، وتحت ستار الأعياد والمناسبات الدينية”.