غزاويات يضعن مواليدهن وسط هدير القصف

حجم الخط
1

غزة ـ لندن ـ «القدس العربي»: وسط القصف الإسرائيلي الوحشي على غزة، تضع نساء من القطاع مواليدهن من دون عناية أو إشراف طبيب، وأحيانا في الخيام والملاجئ، بل حتى داخل الحمامات العامة.
ووفق وزارة الصحة في غزة، فإن ما بين 60 ألف سيدة حامل في القطاع يحرمن من الرعاية والمتابعة الصحية ما يعرضهن ومواليدهن للخطر الشديد.

الأشد قسوة

وتضع نحو 180 امرأة مواليدهن في كل يوم، والكثير ينجبن من دون عناية طبية أو إشراف طبيب، وأحيانا في الخيام والملاجئ التي لا تتوفر فيها أدنى الشروط الصحية، بل حتى داخل الحمامات العامة، حسب ما يقول عمال الصحة في الأمم المتحدة والسكان في القطاع.
الفلسطينية دعاء الأستاذ تقول لـ «المركز الفلسطيني للإعلام» إنها وضعت مولودها قبل شهر في مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وتصف ليلة الولادة بأنها الأشد قسوة نظراً لأحزمة نارية شنتها مقاتلات الاحتلال في محيط المستشفى.
وتبين أنه إضافة الى آلام المخاض، تملكها الخوف وهي تضع مولودها الأول تحت حمم القصف.
ووفق المركز، معاناة الأستاذ امتدت إلى بعد الولادة، في ظل عدم قدرتها على توفير حليب الأطفال لمولودها نظراً لفقدانه من الأسواق بفعل الحصار، مؤكدة أن الظروف قاسية جدا وبكل ما تحمل الكلمة من معنى.

قدرة محدودة

ووفق الدكتورة أماني أبو منديل، مسؤولة في قسم الولادة في مستشفى العودة، فإن المشفى الذي خصص لاستقبال النساء الحوامل للولادة في منطقة وسط قطاع غزة صغير ويحتوي على سريرين فقط، كما أنه يمكن إجراء 4 عمليات ولادة قيصرية فقط.
وتؤكد لـ «المركز الفلسطيني للإعلام» أن هذه قدرة محدودة جداً لتغطية منطقة وسط القطاع التي تؤوي مئات الآلاف من المواطنين لا سيما منطقة دير البلح التي وجه جيش الاحتلال المواطنين للنزوح نحوها.
تقول المواطنة ابتسام الحو للمركز: إنها وضعت مولودها بعملية قيصرية بحجز مسبق.
وتضيف: في تمام الثالثة فجرا يوم الإثنين (22 يناير/ تشرين الثاني الماضي) تعرض المشفى لقصف مدفعي عنيف أدى لتهشم الزجاج فوقهم، وما هي إلا لحظات واقتحم الجنود الصهاينة المستشفى وقطعوا التيار الكهربائي وقتلوا كل من وجدوهم في الطابق الأرضي في المستشفى.
وتشير إلى أن جيش الاحتلال حجز النساء في غرفة واحدة وأخضعهن لعمليات تفتيش دقيقة ومهنية، لاسيما أنهن نسوة يعانين من النفاس ومراحل ما بعد الولادة.
وتضيف أن جيش الاحتلال طلب من الرجال الموجودين خلع ملابسهم والنزول من الطوابق العلوية، وجرى إخضاعهم لتنكيل شديد ومنهم من تعرض للقتل والاعتقال.
وتتابع أن جنود الاحتلال طلبوا منها ومن النساء اللواتي معها الخروج من المستشفى.
وتصف الموقف بـ «المرعب» سيما أنها تحمل مولودها الذي هو في حاجة لحاضنة أطفال ولم يمر على إجراء العملية القيصرية سوى ساعات قليلة.
وتقول إنها وتحت القصف وإطلاق النار وفي جنح الظلام خرجت من المستشفى وهرعت تسير مسرعة في شوارع المدينة حتى وصلت الى مدينة دير البلح، تقول: كانت ليلة قطعة من الموت.
وتوضح أن الاحتلال اعتقل زوجها الذي كان يرافقها في المستشفى وأخضعه للتحقيق والتنكيل ومن ثم أفرج عنه.
ولم تنته رحلة الموت هنا، فمولودها الذي لم يحمل اسما بعد، فارق الحياة متأثراً بعدم دخوله الحاضنة وتلقي الرعاية الصحية الضرورية.
وقد ارتفعت حالات الإجهاض ووفاة الأجنة نتيجة القصف الإسرائيلي، واستخدام الأسلحة الخطيرة كالفوسفور الأبيض.

سوء التغذية

وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان ومؤسسة الحق في بيان، قبل أيام: تجري عمليات الولادة للنساء كالولادة القيصرية دون تخدير كاف أو أدوية مسكنة وسط نقص الأدوات والمستلزمات الصحية الضرورية.
ويعد التهديد الأكبر، حسب البيان، هو سوء التغذية نتيجة عدم حصولهن على الفيتامينات والبروتينات والمعادن التي تمكن الجسم من القيام بوظائفه. ويعاني العديد من النساء الحوامل من سوء التغذية والأمهات مما يعرض حياتهن وحياة اطفالهن للخطر.

في الخيام والملاجئ وداخل الحمامات العامة

المواطنة نسمة حمو، 19 عاماً، وهي سيدة حامل من مراكز الإيواء، نزحت منذ بداية الحرب من منطقة النصر شمال قطاع غزة الى مستشفى الشفاء ومن ثم عادت إليها.
قالت لـ «المركز الفلسطيني للإعلام»: «نزحت إلى مستشفى الشفاء منذ بداية الحرب ومن شدة الخوف شعرت بأعراض ولادة مبكرة، فتدخل الأطباء وتلقيت العناية المناسبة. وبتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 قُصف المستشفى واضطررت للهروب مشياً على الأقدام لمدة طويلة فشعرت بتعب شديد وأنا في الشهر الثامن من الحمل مما ضاعف شعوري بالخوف من إسقاط الجنين وهو مولودي الأول».
وتضيف: «عُدت إلى منطقة النصر حاصرنا فيها الاحتلال لمدة 6 أيام عانيت فيها من سوء التغذية وقلة مياه الشرب مما زاد من أوجاع الحمل وخوفي من فقدان جنيني».
وتابعت: «ألقى جيش الاحتلال قنابل فوسفور وأصبحت أرتجف رعباً من إمكانية ولادة جنيني بتشوهات، جاءني المخاض في منتصف الليل ونحن محاصرون».
وقالت: إن «رغبتي في إنجاب طفلي الأول أعطتني قوة كبيرة لتحمل الولادة في حمام المنزل وقد سقط الجنين على الأرض وانقطع الحبل السري لوحده».
وأكدت أن «طريقة الولادة هذه تسببت في ورم رأس طفلتها لمدة طويلة مما وضعها في توتر مستمر على سلامتها دون وجود أطباء للاطمئنان على حالتها الصحية».
وأضافت: «ولدت الطفلة ضعيفة البنية بسبب سوء التغذية أثناء الحمل مما اضطرني الى اعطائها حليباً صناعياً، وهذا مناف لرغبتي بإرضاعها طبيعياً».
كذلك نقل المركز عن المواطن محمود صبري من خان يونس، قوله عن زوجته إنها حامل وبقيت على ولادتها أيام قليلة. وعبر عن تخوفه من ظروف ولادتها لا سيما وأن مستشفيات المدينة مجمع ناصر ومستشفى الأمل التابع للهلال الأحمر تخضع لحصار إسرائيلي مشدد.
يقول: لا أدري أين ستذهب للولادة، ألا يكفي أننا نعيش تحت القصف العشوائي والحرمان من الطعام والشراب والأمان؟
وأيضاً، رصدت صحيفة «وول ستريت جورنال» نورا بعلوشة، إذ إن بوادر الإنجاب أو الطلق بدأت عندها في مساء كانوني بارد، ووسط جلجلة القصف الذي ترددت أصداؤه حول البناية التي لجأت إليها في شمال غزة. ولم تكن هناك إشارة هاتف للاتصال بسيارة الإسعاف، ومن الخطر الخروج إلى خارج البناية.
ووفق الصحيفة، الكثير من نساء غزة ينجبن بدون عناية طبية أو إشراف طبيب، وأحيانا في الخيام والملاجئ، بل حتى داخل الحمامات العامة.
وتتذكر بعلوشة قائلة: «شعرت بالخوف وعرفت أنني لن أصل المستشفى. خرج الماء وعرفت أنني سأنجب في أي لحظة» ولاحقا، طبيبا أشرف على عملية الإنجاب في بيت، «لم يكن لدي أي خيارات» تقول. وساعدت زوجة شقيق بعلوشة، على الولادة باستخدام ملقط غسيل للإمساك بالحبل السري ومقص يستخدم في المطبخ لقطعه.
ولا تجد النساء اللاتي يتوقعن الولادة ويكنّ محظوظات بالوصول إلى المستشفى، العناية المطلوبة، حسب عمال الصحة مع الأمم المتحدة، ذلك أن عدد المستشفيات الذي يقدم الخدمات هو 13 من أصل 36 مستشفى في قطاع غزة. وحتى تلك التي تقدم خدمات، فهي تقدمها بشكل جزئي، وتعاني من قلة الأطباء والممرضين، ومثقلة بالأعباء والمرضى والجرحى.
ولا يوجد سوى مستشفى واحد للولادة في قطاع غزة، وهو المستشفى الإماراتي في رفح قرب الحدود مع مصر. ونظرا لوجود نصف سكان قطاع غزة (1.3 مليون نسمة) في رفح، فإن المستشفى يستقبل يوميا 80 حالة ولادة، بزيادة عن 15 حالة قبل الحرب، حسب صندوق السكان التابع للأمم المتحدة، والذي يقدم للمستشفيات في غزة مستلزمات الولادة.
والسيدة التي تدخل المستشفى للإنجاب تخرج بعد ساعات من الولادة حتى لو كانت الولادة قيصرية، تبعا لـ«وول ستريت جورنال».
كما أن هناك نقصا في المواد الطبية والمياه النظيفة في قطاع غزة. وذكر تقرير للأمم المتحدة، أن عدة نساء أنجبن بعمليات قيصرية دون تخدير.
وقال ليلى بكر، مديرة صندوق السكان في الدول العربية للصحيفة: «حاولنا تقديم مستلزمات الولادة للنساء، ولكننا لا نستطيع إيصالها بالسرعة المطلوبة. توجد أغطية بلاستيكية نظيفة للأمهات، ومقص معقم لقص الحبل السري وبطانية، وهي ليست كثيرة، ولكنها يمكن أن تحدث فرقا بين الحياة والموت».
وتستمر مشاكل النساء بعد الولادة حيث سوء التغذية التي تنتشر بين الأمهات والأطفال، وتعاني العائلات من مشاكل للحصول على حليب الأطفال أو الحفاضات وملابس دافئة للمولدين الجدد.
وتقول ديبورا هارينغتون، طبيبة التوليد البريطانية: «لا عناية، أثناء الحمل». وقضت هارينغتون أسبوعين في مستشفى الأقصى وسط غزة، كجزء من فريق طبي شكّلته منظمة العون الطبي الفلسطينية، ومنظمة الإغاثة الدولية.
ولا يتم تشخيص حالات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل أو التسمم، فيما تنتشر حالات فقر الدم بين النساء، ولا يحصلن عن مكملات الحديد التي يحتجن إليها، حسب عمال الصحة في الأمم المتحدة.
وقالت هارينغتون: «معظم النساء اللاتي عاينتهن يعانين من فقر الدم، وعادة ما ينجبن مبكرا ويفقدن الكثير من الدم، وهذا يعني وفاتهن، وكذلك الأطفال الخدّج، فمن المحتمل وفاتهم».
وتستمر مشاكل النساء بعد الولادة حيث سوء التغذية التي تنتشر بين الأمهات والأطفال. وتعاني العائلات من مشاكل للحصول على حليب الأطفال أو الحفاضات وملابس دافئة للمولدين الجدد.
وأنجبت رزان غانم، طفلا معافى، ولكن المشاكل بدأت عندما خرجت من المستشفى الإماراتي وعادت إلى ملجأ تابع للأمم المتحدة، حيث الدخان المتصاعد من الطبخ. وبدأ الطفل بالسعال وأصبحت لديه حرارة كما تقول.
ونصح الأطباء بنقله إلى المستشفى، وعندما شاهدت الازدحام، والأطفال المرضى في أروقته وغياب النظافة، قررت أخذه إلى حيث لجأت ومعالجته، وتقول إنه تحسن الآن.
وتتعرض النساء وأطفالهن الجدد للموت بسبب القصف، حتى أنه «لا يتم تسجيل الطفل كمولود، هناك أمر صعب في الحصول على شهادة وفاة قبل شهادة الولادة» وفق هارينغتون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    لا إله إلا الله محمد رسول الله، ماذا يحدث برب السماء لأهلنا الفلسطينيين في غزة العزة و الصمود والبطولة والشهادة 😔✌️🔥🐒

اشترك في قائمتنا البريدية