غزة.. أب ينبش الأنقاض بحثا عن جثمان طفلته الضائع 

حجم الخط
1

غزة- محمد ماجد:

ما يزال صدى المأساة بمجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، يتردد رغم مرور أكثر من أسبوع على انسحاب الجيش الإسرائيلي منه، بعد أن حوّل أهم صرح طبي في القطاع إلى أطلال ودمار مخلفا آثار “مجزرة بشعة”.
يتجول الفلسطيني أحمد فليونة (38 عاما) على عكازيه بخطوات مثقلة، في أروقة مجمع الشفاء بين القبور العشوائية المنبوشة، سعيا للعثور على جثمان طفلته الذي لم يلق عليها نظرة الوداع بعد مصرعها بقصف إسرائيلي.
ورغم إصابته في قدميه جراء تعرضه لقصف إسرائيلي في ديسمبر/ كانون الأول أثناء البحث عن مياه لأسرته، إلا أن الرجل أصر على البحث عن جثمان طفلته الرضيعة التي كانت تبلغ من العمر 3 شهور.
تمكن الفلسطيني المكلوم من الوصول إلى مستشفى الشفاء بعد أيام من انسحاب الجيش الإسرائيلي منه عقب توغل داخله دام أسبوعين.
كان أبو فليونة يأمل أن لا يتسبب الجيش الإسرائيلي في أذى للقبور المحيطة بالمستشفى، حيث يوجد قبر طفلته الرضيعة التي لم يودعها بعد استشهادها بغارة إسرائيلية.
لكن الواقع كان مؤلما للأب الحزين، حيث قام الجيش الإسرائيلي خلال عمليته العسكرية داخل المجمع الطبي، بنبش جميع القبور المنتشرة في المساحات الترابية.

مقابر عشوائية

وتحتوي المساحات الخضراء والترابية في مشفى الشفاء على مقابر عشوائية، تم استخدامها لدفن القتلى، نظرا لصعوبة الوصول إلى المقابر الرئيسية بسبب الحرب.
وخلال توغل الجيش الإسرائيلي في المستشفى، قام بعمليات تجريف وتدمير لتلك المقابر، بالإضافة إلى تدمير كامل لمباني المجمع الطبي.
ومنذ بداية الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لجأ الناس في كافة محافظات القطاع لإنشاء مقابر جماعية وفردية عشوائية، في الأحياء السكنية وأفنية المنازل والطرقات وصالات الأفراح والملاعب الرياضية.
ويأتي ذلك في ظل استحالة الوصول إلى المقابر الرئيسية، جراء تعمّد الجيش قطع الطرق وتدمير البنى التحتية، فضلا عن عمليات الاستهداف المتكررة للمواطنين.
كما عكف الجيش الإسرائيلي، مع بداية الحرب، على تجريف واستهداف المقابر في المناطق التي تتوغل فيها آلياته العسكرية.

البحث عن نظرة وداع

وأثناء حفر أحد أشجار النخيل في مجمع الشفاء، يشارك الأب برفقة والده المسن في البحث عن مكان دفن طفلته، إلا أن جهودهما لم تثمر وباءت بالفشل.
ويتمنى الأب أن يعثر على قبرها وجثمانها، ليتمكن من إعادة دفنها ويعرف مكان قبرها النهائي، حتى يتسنى له أن يزورها لاحقا.
لكن التوغل الإسرائيلي وتجريف المستشفى، بالإضافة إلى المساحات الخضراء التي تحتضن الجثامين بجنباتها، يحول دون ذلك، حيث اختلطت جثث الضحايا ببعضها البعض.
ويقول الأب فليونة: “جئتُ إلى هنا للبحث عن جثمان طفلتي بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من مستشفى الشفاء”.
ويضيف: “لم نتمكن من دفن جثامين الحرب في المقابر المخصصة بسبب الاستهدافات الإسرائيلية والطرق المدمرة الوعرة، لذلك لجأنا إلى مستشفى الشفاء لاحتوائها على مساحات فارغة”.
ويتابع: “رغم إصابتي بقدمي في قصف إسرائيلي في ديسمبر الماضي وبتر أصابعي، إلا أنني مصر على البحث عن جثمان طفلتي لأجدها”.
بدوره، يقول محمد جد الطفلة: “نبحث هنا عن جثمان حفيدتي بعد تجريف الجيش الإسرائيلي للمستشفى.. لم نعد نعرف أين قبر الطفلة”.
ويضيف: “نبحث هنا وهناك عسى أن نعثر عليها، فولدي غير قادر على استيعاب أن يكون جثمان طفلته ضائعا”.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dr arabi:

    لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، اللهم أرنا في الصهاينة عجائب قدرتك ، والصبر والسلوان لأهلنا في غزه .

اشترك في قائمتنا البريدية