واجهت غزة خلال العام الماضي العديد من الأزمات الخانقة التي انعكست سلباً على النمو الاقتصادي، ودفعته إلى التراجع بشكل كبير نتيجة العديد من الأزمات، ومنها الحصار الإسرائيلي المتواصل على القطاع، وحجز إسرائيل أموال المقاصة التي أثرت على رواتب الموظفين، إلى جانب أزمة كورونا والتي تسببت في انهيار كبير من القطاعات التجارية والصناعية، بعد أن تسبب الإغلاق المتكرر بخسائر مالية كبيرة كبيرة.
ووصف مختصون اقتصاديون في أحاديث منفصلة لـ”القدس العربي” الوضع الاقتصادي خلال عام 2020 بالأشد سوءاً على مدار السنوات الماضية، جراء جملة من العوامل أبرزها تداعيات تفشي فيروس كورونا وأزمة المقاصة، وهما اللتان تركتا تداعيات كارثية ألقت بظلالها على مجمل الأنشطة الاقتصادية، في حين بلغت الخسائر في قطاع غزة بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي نحو 1.5مليار دولار.
واعتبر أستاذ العلوم الاقتصادية معين رجب أن الوضع الاقتصادي لغزة في عام 2020 كان الأسوأ على الإطلاق، أما بالنسبة لفلسطين بشكل عام، فبدأ تدهور الوضع الاقتصادي منذ بداية مشكلة احتجاز الاحتلال لأموال المقاصة، ومن ثم تداعيات تفشي فيروس كورونا الأمر الذي أدى لتراجع الناتج المحلي بنسبة 15 في المئة.
وقال الخبير الاقتصادي لـ”القدس العربي” كان عام 2020 الأشد سوءاً خاصة بالنسبة للفئات المهمشة، سيما في قطاع غزة الذي عانى من الحصار، وكذلك من أزمتي المقاصة وفيروس كورونا، وتضرر عمال المياومة والمشاريع الصغيرة، وإزداد خلال هذا العام عدد الأسر التي تتلقى مساعدات كشريحة دفعت الثمن غالباً جراء العوامل المذكورة، منوهاً إلى أن الحكومة لم تستطع التدخل لضخ سيولة في الاقتصاد ومساعدة المتضررين، في ظل ما تعانيه من أزمة مالية خانقة وبقي دورها تنظيمياً، في حين أن دولاً أخرى قدمت مساعدات للشركات والعمال.
وأشار رجب إلى أن 80 في المئة من المصانع في عداد المغلقة منذ بداية الحصار، في حين تراجع معدل الإنتاج في المصانع التي تعمل إلى 20 في المئة، بسبب الاحتلال والحصار، ومنع إدخال المواد الخام اللازمة للصناعة، وتقييد حركة الإستيراد والتصدير، وتدهوَرَ الوضع الاقتصادي لعمال المياومة وأصحاب المحال التجارية والورش.
وبسؤاله عن التوقعات للعام المقبل، أشار أن تحسن الوضع الاقتصادي في العام المقبل مرهون بما سيطرأ من تغيرات على المشهد السياسي من ناحية، والتطور الإيجابي على صعيد مكافحة فيروس كورونا من جهة أخرى، وبالتالي حال افتراض انتهاء أزمة كورونا أو تخفيف آثارها خلال الربع الأول، وحدوث تطور في العلاقة مع الكيان الإسرائيلي من حيث دفع العملية السياسة في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، إضافة إلى المشهد المتعلق بالوضع الداخلي على صعيد حدوث تطور في قضية المصالحة، فسيكون الوضع الاقتصادي أفضل حالاً من عام 2020.
في سياق ذلك قال رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين علي الحايك، إن القطاع التجاري عانى على مدار 14 عاماً من الحصار، وذلك بفعل سياسة وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي المفروضة على المعابر التجارية، وأهمها منع إدخال العديد من السلع والبضائع بحجة الإستخدام المزدوج، ومنع تسويق منتجات قطاع غزة في أسواق الضفة الغربية، ما أدى إلى تراجع حاد في نشاط القطاع التجاري وكافة الأنشطة الاقتصادية، ليضاف عليها تأثيرات جائحة كورونا وتداعياتها.
وأشار إلى أن عدد العمال في القطاعات الصناعية في محافظات غزة، بلغ قبل أزمة كورونا نحو 21 ألف عامل، ليتراجع هذا العدد في شهر أب/أغسطس الماضي عقب تفشي الوباء داخل المجتمع لنحو 1700 عامل، ويعود تدريجياً عقب التعايش مع الوباء لنحو 10 آلاف عامل .
وأكد الحايك لـ”القدس العربي” أن العمل في كافة القطاعات الصناعية، انخفض وتراجع إلى معدلات غير مسبوقة خلال أزمة كورونا، وذلك بإستثناء قطاعات الصناعات الغذائية والكيميائية والملابس، مؤكداً أن الطاقة الإنتاجية لمجمل القطاع الصناعي لا تتجاوز 10 في المئة مقارنة مع ما كانت عليه قبل تفشي وباء كورونا، وبالتالي قدرت خسائر الصناعات بملايين الدولارات.
ونوه إلى أن المصانع المغلقة بلغت 500 مصنع من أصل 2200 مصنع وورشة لكافة القطاعات، متوقعاً أن يشهد العام المقبل تدخلات من قبل جهات مانحة مختلفة، داعياً لتعويض العمال وأرباب العمل عن خسائرهم في ظل حالة التوقف شبه التام الذي يعانيه اقتصاد قطاع غزة، وتعطل المرافق الصناعية والتجارية والخدمية حتى إشعار آخر.
وقدر الحايك الخسائر المباشرة وغير المباشرة للاقتصاد الفلسطيني في القطاع في وقت سابق نتيجة تفشي فيروس كورونا، وبدء إجراءات الإغلاق في أب/أغسطس الماضي، بأكثر من مليار دولار، شملت قطاعات الصناعة والتجارة والسياحة، والنقل والمواصلات، والتعليم والصحة والتشغيل والعمل.