غزة على طاولة التشريح في «البيت الأبيض»؟

حجم الخط
15

لا يحتاج المرء إلى التنبؤ بأكثر المواضيع خطورة وحساسية للتباحث خلال لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو المرتقب يوم غد الثلاثاء، فكلا الشخصين سيعملان على وضع غزة على «طاولة التشريح» في «البيت الأبيض».
المتوقع طبعا من بنيامين نتنياهو أن يعمل على ضمان موافقة ترامب على تفاصيل التفاوض مع «حماس» حول المرحلة الثانية من الهدنة، ولا يتوقع أن يكون هناك خلاف بين الاثنين حول إطلاق سراح الإسرائيليين الذكور المتبقين في غزة، بمن في ذلك المدنيون والجنود، مقابل إطلاق إسرائيل سراح عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين. المشكلة بالنسبة لنتنياهو، هو الاتفاق على «الهدوء المستدام» وانسحاب الجنود الإسرائيليين المتبقين في قطاع غزة، مما يؤهّل الطرفين، للوصول إلى المرحلة الثالثة، التي تتضمن إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة وإجراءات «اليوم التالي» التي تتضمن «عدم قيام حماس بإعادة بناء قدراتها العسكرية» وهي جملة مفتوحة على احتمالات عديدة، منها، كما تريد «الجامعة العربية» ونسبة معتبرة من الفلسطينيين، عودة السلطة الفلسطينية، وذلك ضمن احتمالات أخرى، عودتها مع «قوات عربية»… وانتهاء بإعادة أحلام الغلاة في الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية: إخراج الغزيين، واستكمال الاستيطان.
يشير اختيار ترامب عقد اجتماع «قمة» مع رئيس وزراء إسرائيل شخصيا، إلى أنه لا يريد ترك القضايا الكبيرة لمبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وللمفاوضين الإسرائيليين الأقل شأنا من نتنياهو.
يعبّر اللقاء في «البيت الأبيض» طبعا، عن أهمية إسرائيل في السياسة الأمريكية، داخليا وخارجيا، ويؤمن لنتنياهو حاجته من الغطرسة، التي عبّر عنها بإعلان مكتبه أنه أول زعيم أجنبي يلتقي بترامب بعد تنصيبه رئيسا، لكنّ، اللقاء، من جهة أخرى، يؤمّن لترامب وضعية أكثر مناسبة للتعاطي مع مسودة الاتفاق لمناقشة القضايا المستعصية آنفة الذكر في هدنة غزة.
يفترض هذا السيناريو طبعا أن ترامب أدرك أن اقتراحه الكارثي بـ«نقل أهل غزة» إلى الأردن ومصر، هو اقتراح لا يمكن صرفه على أرض الواقع، ولا فرضه على القاهرة وعمّان، إلا إن كان ما يريده فعلا لا إنهاء الحروب في العالم، كما وعد الأمريكيين في برنامجه الانتخابي، وأعاد قوله والشغل عليه بعد استلامه منصبه، وهو ما نراه يعمل عليه فيما يخص الحرب الروسية ـ الأوكرانية، بل توفير الأسباب لانفجارات أكبر في الشرق الأوسط.
فتح الاقتراح، مع ذلك، بابا لنتنياهو، وشركائه في الإبادة الجماعية وخطط التطهير العرقي للفلسطينيين، ليس في غزة فحسب، بل في الضفة الغربية أيضا، للتلاعب بترامب، بدعوى «ضمان تنفيذ خطته» كما قال بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، وأحد أركان الإرهاب الاستيطاني ضد الفلسطينيين.
تقع غزة إذن بين سيناريوهين، يمكن للأول أن يقود لتهدئة مستدامة في غزة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وهو سيناريو يمكن أيضا أن يخفف الحرب الدائرة والمتنقلة إجراما واستيطانا وإرهابا ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويضع آفاقا لتسوية ممكنة للقضية الفلسطينية ضمن حل الدولتين وفي إطار الخطط الأمريكية الاستراتيجية في الشرق الأوسط، والتي تتضمن العمل على توسيع التطبيع العربي مع إسرائيل، والتعامل مع المشروع النووي الإيراني.
والسيناريو الآخر، هو أن يتوصل نتنياهو إلى وقف مسار اتفاق وقف إطلاق النار، ومعاودة «خطة الجنرالات» للإبادة والتجويع والقتل في غزة، وهو ما سيقود بالتالي إلى فتح نيران جهنم على الفلسطينيين، والمنطقة، وانقلاب خطط إنهاء الحروب التي بشر بها ترامب إلى خطط إسرائيل في «الحل النهائي» للفلسطينيين، وقيادة حرب مباشرة ضد إيران، مما ستكون له تداعيات كبرى على العالم والإنسانية جمعاء.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Abdo:

    أتساءل أين هي الجامعة العربية ن كل ما يحدث في قلب العالم العربي أو ينطبق عليها المثل: إني أنطقت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ….حبذا لو تم حلها واستقال امينها أبو الغيط لأنها تشكل عبئا سياسيا على العرب

  2. يقول محي الدين احمد علي رزق:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    غزة على طاولة التشريح في “البيت الأبيض”… لقد وصل حال عالمنا العربي والإسلامي إلى درجة أصبح فيها الدم العربي والإسلامي يسيل كالأنهار، ولا أحد يبالي!
    هل أصبحنا عالة على أنفسنا؟
    هل أصبحت أمتنا بلا قيمة؟
    هل استسلمنا مثل خراف العيد الكبير لمن يرغب في ذبحنا؟
    لماذا هذا الهوان؟ هل لا نملك القوة التي أنعم الله بها علينا، أم أننا لا نعلم حجمها؟
    هل ربنا غضبان علينا؟
    وإذا كان كذلك، فلماذا لا نبحث عن أسباب غضبه علينا لكي نتصالح معه بإرادتنا، قبل أن يُجبرنا على الإصلاح رغم أنوفنا؟
    جنود الله لا حصر لهم…
    فلماذا هذا الرعب ممن لا قيمة لهم؟
    أقسم بالله، بعد معاشرتي لهم قرابة 54 عامًا، لا قيمة لهم!
    وللعلم، أقول هذا في وجوههم، وأنا في هذا العمر، بلا خوف ولا تردد.
    قبل طوفان الأقصى، لم أشعر يومًا بأنني رجل عجوز، لكن منذ أن بدأت حرب الإبادة على أعظم ما أنجبت الأمة العربية، وهو الشعب الفلسطيني، شعرت فجأة وكأنني كبرت 20 عامًا إضافية!
    82 + 20 = 102
    هذا هو عمري اليوم!
    حسبي الله ونعم الوكيل…

    1. يقول Senem:

      صحيح واضح جدا من هم الذين بلا قيمة 😄😂😏

  3. يقول حنين:

    نتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بالتعاون مع مؤسسة “كونراد أديناور” في رام الله ارتفعت نسب دعم حماس في الضفة الغربية و قطاع غزة 3 أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب مقابل سلطة أوسلو, التي يعتبرها الكثيرون فاسدة وغير شرعية وغير قادرة على تمهيد الطريق أمام الاستقلال, وحماس لا تزال مصدرا للسلطة في جميع أنحاء قطاع غزة وقال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة إن الحكومة في غزة بدأت تنفيذ خطة متكاملة تشمل جميع المؤسسات والوزارات والبلديات. تفكيك حماس وكتائبها مهمة مستحيلة رغم مرور ما يزيد على عام من الحرب, الحركة تظهر قدرتها على إعادة ترتيب نفسها بعد كل عملية عسكرية يقوم بها جيش الاحتلال, ويعود ذلك بالأساس إلى وجود الكادر البشري الكبير لدى الحركة من عناصرها ومؤيديها, ما يمثل صفعة شديدة للاحتلال وأعوانه. الله المستعان.

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية