غزة: معاناة النازحين تتفاقم في فصل الشتاء

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

بدأ العام الجديد على السكان في قطاع غزة وهم مثقلون بالهموم والمتاعب، في ظل استمرار حرب الإبادة منذ أكثر من عام على التوالي، حيث يمعن الاحتلال في ارتكاب المجازر بحق المدنيين العزل، لاسيما ما يحدث في مناطق شمال غزة، حيث يمارس الجيش الإسرائيلي تطهيرا عرقيا، ويطبق خطة الجنرالات التي تهدف إلى إفراغ مناطق شمال غزة من السكان وقتلهم.
وفي ظل غياب الحلول التي من شأنها وقف العدوان الهمجي، ومماطلة المستوى السياسي في إسرائيل التوصل إلى حلول لوقف العدوان، تزداد معاناة السكان تزامنا مع استمرار عمليات الجيش البرية للعديد من المناطق، إلى جانب استخدام الاحتلال التجويع كسلاح، وهو ما زاد من معاناة السكان وأثر على البنية الصحية للكثيرين منهم، إلى جانب ارتفاع معدلات سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة.
معاناة النازحين التي تتواصل خاصة الذين يعيشون داخل الخيام في مناطق وسط وجنوب القطاع مع دخول فصل الشتاء تتفاقم بشكل كبير جدا، حيث تؤثر التقلبات الجوية والبرد الشديد في زيادة الضغط عليهم، لاسيما تسجيل حالات وفاة في صفوف الأطفال وكبار السن بشكل شبه يومي نتيجة البرد الشديد، إضافة أن هطول الأمطار الغزيرة التي أغرقت خيام النازحين الذين باتوا لا يجدون مخرجا للواقع الصعب الذي يعانون منه.
الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» قالت في بيان لها: يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة بحق السكان المدنيين، وهدم المنازل وتشريد السكان وتجاهل كافة المناشدات والقرارات الدولية والأممية، وهو ما يعمق من أزمات السكان الذين يواجهون حربا هي الأعنف منذ بداية تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وافتتح الاحتلال الإسرائيلي العام الجديد بسلسلة من المجازر الدامية، فبعد أن أحرق مستشفى كمال عدوان وأخرجه عن العمل بشكل كامل، ارتكب خلال اليوم الأول من هذا العام مجزرة دامية بحق ممن تبقوا من السكان في محيط مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، حيث ألقت الطائرات حزاما ناريا عنيفا على المباني السكنية، ما أدى إلى وقوع عشرات الشهداء والإصابات، كما أقدم الجيش على ارتكاب مجازر دامية بحق العائلات الموجودة في مدينة بيت حانون أقصى شمال القطاع، إلى جانب استهداف خيام النازحين في منطقة المواصي جنوب القطاع.
وما بين التشاؤم والتفاؤل الحذر، ينقسم سكان غزة حول مستقبل هذا العام، إن كانت هناك انفراجة تنهي حرب الإبادة التي دخلت عامها الثاني، مع وصول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الشهر الجاري ووعوده بوقف الحرب، في المقابل لا يزال الإحباط يخيم على بعض الذين لا يعولون كثيرا على ترامب، وما إذا كان سيضغط على إسرائيل لوقف الحرب أو مسايرة مخططات إسرائيل في غزة.
في أحاديث منفصلة مع مراسل «القدس العربي» يعبر مواطنون عن أملهم وتفاؤلهم الحذر في تغير حياتهم نحو الأفضل مع بوادر التوصل إلى هدنة إنسانية لمدة شهرين في غزة قبيل وصول ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يعتبر هؤلاء أن إمكانية التوصل إلى هذه الهدنة سيكون مقدمة لوقف الحرب، في المقابل يخشى مواطنون من فشل الجهود كما في السابق، ومنح ترامب إسرائيل الضوء الأخضر لمواصلة الحرب وتهجير السكان.

عدو همجي
لا يعرف معنى الإنسانية

يقول أبو منذر وهو نازح في منطقة مواصي خانيونس، لقد مر العام الماضي كالجحيم على السكان في كافة مناطق القطاع، حيث شهد سلسلة مجازر مخيفة، ونأمل أن يكون هذا العام بداية لإيجاد حلول تنهي الحرب وإراقة الدماء.
ويشير إلى أنه متفائل كثيرا في إمكانية التوصل إلى هدنة خلال الأيام المقبلة، «على الأقل وقف الحرب والقتل إلى حين التوصل إلى حلول دائمة وجذرية تنهي معاناتنا كمواطنين عزل، تركنا لوحدنا في هذه الحرب البشعة أمام عدو همجي لا يعرف للإنسانية معنى».
ويتمنى المواطن أن تصحو الضمائر العربية من غفلتها، وتساعد الفلسطينيين في الخروج من الواقع المأساوي بدلا من مشاهدة المجازر عبر شاشات التلفزيون، والاعتماد على تلك المشاهد اليومية من دون تحريك ساكن، وهذا الصمت أعطى الاحتلال ذريعة للاستمرار في المجازر طوال العام إلى هذا الوقت.
أما شاهر الهندي فلا يعول كثيرا على أي انفراجة قريبة للواقع في غزة، وهذا التشاؤم ناتج بالنسبة له من تجاهل العرب والعالم لمعاناة السكان، فبعد كل المجازر الدامية التي لا تعد ولا تحصى، لا يقدر العالم على لجم الاحتلال وفرض قيود وضغوط عليه، لإجباره على وقف إبادة السكان في غزة.
وأوضح أن الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية في إسرائيل، تعمل وفق مخطط يقوم على إبادة وتهجير السكان في غزة، وبعد مرور أكثر من عام على الحرب، لا يزال الجيش يواصل حرق المواطنين وتهجيرهم من شمال القطاع، وهي الخطة التي أعدها الجيش وبدأ في تطبيقها بشكل صامت وبعيدا عن الإعلام.
ويتخوف المواطن من التوصل إلى هدنة جزئية خلال الأيام المقبلة ويعود الاحتلال إلى مواصلة الحرب، وإن عاد الاحتلال فسيرتكب المزيد من المجازر، ولا يجد الغزيون من ينقذهم من جبروت الاحتلال، كون أن العالم الظالم يعطي الاحتلال الحق في الدفاع عن نفسه بقتل المدنيين والتنكيل بهم.
في سياق ذلك يقول الكاتب والمحلل السياسي شريف السيد هناك تفاؤل وأمل في حدوث انفراجة لدى الغزيين مع دخول العام الجديد، واستبدال الإدارة الأمريكية بإدارة جديدة قادرة على فرض شروط على إسرائيل، فإدارة بايدن لم تعد قادرة على الضغط على الاحتلال ووقف العدوان، وفشلت محاولاتها المتكررة خلال العام الماضي في إحراز أي تقدم نحو التوصل إلى هدنة.
ولفت في حديثه لـ «القدس العربي»إلى أن السكان يعولون على حدوث انفراجة خلال الفترة المقبلة، مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض وهناك احتمالات كبيرة لأن يضغط على إسرائيل لوقف الحرب، مقابل تحقيق إنجازات لإسرائيل.
ويأمل بوجود جهد دولي وعربي مكثف وحقيقي لدعم أي خطة لوقف إطلاق النار، ووقف معاناة الغزيين الذين يواجهون ظلما من القريب والبعيد، ويحتاجون إلى سنوات طويلة للتعافي من آثار الحرب المدمرة على الصعيد النفسي، ودمار البنى التحتية الهائل.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية