الرباط- “القدس العربي”: لم تبرد بعد نار المدرسين المغاربة بعد أن نعتهم رئيس جمعية حقوقية بـ “العطاشة” وهو توصيف قدحي في حقهم يعني المشتغلين بالجملة وفي أي شيء، وذلك على هامش مشاركتهم في الإحصاء العام للسكان والسكنى الذي سينطلق في أيلول/ سبتمبر المقبل.
تصريحات رئيس “الجمعية المغربية لحقوق الانسان” المثيرة للجدل والغضب، جاءت على شكل تدوينة نشرها على صفحته في فيسبوك، انتقد فيها إقبال رجال ونساء التدريس على المشاركة في عملية التعداد السكاني، ومزاحمة الشباب العاطل عن العمل من أصحاب الشهادات، الذي كان سيجد فرصة شغل ولو ظرفية إلا أنها مناسبة وفق رأيه، ويبدو أن الحماسة انتهت بعزيز غالي ليقول عنهم “عطاشة”.
اختلفت التبريرات والتوضيحات والتفسيرات أيضا، لكن ذلك الوصف القدحي لم يتزحزح من صدارة الغضب التعليمي، ومعه جزء كبير من الرأي العام في الافتراض كما في الواقع. ونشرت تدوينات على فيسبوك لمن لا علاقة له بالتدريس، لكنه غضب للمساس بـ “كرامة” المدرسين، وفق تفسير ما قاله الحقوقي “المغضوب” عليه من طرف أسرة التدريس.
صفحة تعود لـ “الكوتش خالد هجلي” وردت فيها تدوينة بالدارجة تفيد بأن “الطبيب الذي يترك المستشفى العمومي ويشتغل ليل نهار في العيادات الخاصة دون ترخيص ولا يعثر عليه المرضى أليس عطاشا”، والسؤال وجهه لعزيز غالي، وأضاف متحدثا عن تعدد المناصب وغيرها من المظاهر التي بالنسبة إليه يجوز عليها التوصيف نفسه.
لكن مدونا اسمه محمد صنّف الواقعة في باب “التهريج الحقوقي”، وكتب المختصر ما قاله غالي من كون “الدخول المدرسي سيفشل لأن الأساتذة عطاشة”، وأورد رد الأسر التي أكدت انها لن ترسل الأبناء إلى المدرسة حتى ينتهي الإحصاء.
علّقت صحيفة “الأحداث المغربية” عبر موقعها الإلكتروني على الواقعة بنشرها صورة أمير الشعراء أحمد شوقي، وتحتها صورة لعزيز غالي رئيس “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، وكتبت “أمير الشعراء قال عن المعلم: كاد أن يكون رسولا”، بينما “أخونا هذا (المقصود غالي) قال: بل عطاشا وجمعها عطاشة بالفرنسية”، وتساءلت بصيغة السخرية “فمن نصدّق يا ترى؟”.
من الردود الرصينة التي وجهت الخطاب مباشرة للحقوقي المغضوب عليه من أسرة التعليم، ما كتبه مولاي إبراهيم سدرة، وهو يسأل عزيز غالي “ألم تجد غير الاستاذ المكافح المسكين لتوجه له سهام التنمر خلال استراحة مستحقة وعشية دخول تربوي صعوباته ورهاناته في تصاعد؟”.
وأضاف صاحب التدوينة “لست أفهم حقيقة أين هو المشكل إن تمت الاستعانة برجال التعليم في إحصاء السكان. ننتقد بشدة وكأنهم سيحصون سكان بلد معادٍ لنا”، لذلك “كفى مزايدات ولنكن إيجابيين”، و”هل من حقوق الإنسان أن نستخف (احتقارا) بمصطلح (عطاشة) احالة على عمال مكافحين مواطنين مغاربة دفعتهم ظروفهم الاجتماعية ليشتغلوا (عطاشة) في مهن تتطلب (الجهد والعناء) وتزيدهم يا غالي ألم الاحتقار فوق ألم ظروفهم”.
الأرقام الرسمية التي كشفت عنها “المندوبية السامية للتخطيط” (مؤسسة رسمية للمسوح والاحصائيات الاقتصادية والاجتماعية) أكدت تصدر الشباب حامل الشهادات للمشاركين المشتغلين في الإحصاء، تليهم نسبة المدرسين ثم موظفين وأخيرا بعض المتقاعدين.
ورغم ذلك، يتواصل الهجوم المضاد، ويردّ المدرس القصف للحقوقي المذكور، كما دخلت الصحافة المحلية وبعضها انحاز لطرف، وكان واضحا في هجومه على عزيز غالي، مثل “الجريدة 24” وهو موقع إلكتروني، احتفت به صفحة “أخبار التعليم والمغرب” على فيسبوك، بعنوان عريض يقول “(عزيز غالي).. هكذا أعلن رئيس (الجمعية المغربية لحقوق الانسان) عن ضحالة فكره وضآلته”.
هجوم آخر من خلال تدوينة على فيسبوك ورد فيها أن “عزيز غالي كان حبيب شريحة واسعة جدا من الأسرة التعليمية هو والمهداوي وكل مناضلي (الكيلو) يعني الأوزان”، فيما اختار ناشط مغربي أن ينشر ما تيسر عن كلمة “العطاش” التي أثارت كل هذا الجدل والغضب.
وحسب ما أوضح صاحب التدوينة، فإن “مصطلح (عطاش) ليس له أي دلالة تحقير عند المغاربة، من يقول غير ذلك فليأت بتعبير أو مثل مغربي دارج يؤكد ذلك، المغاربة يستعملونه للاحتجاج والتأفف من الاستغراق في العمل”، لأن “(العطاش) يتقاضى أجره على المهمة الموكولة له وليس على الوقت الذي بقضيه فيها، وهو قبل أن يتعاقد على الأجر يعرف طبيعة العمل ومشقته”، ويوضح كاتب التدوينة أن “(العطاش) كان في الأحياء العمّالية يحظى بالاحترام والتقدير لأنه يكسب قوته بعرق جبينه حلالا، ولأن بنيته الجسمانية قوية”.
في خضم هذا الجدل، الذي اعتبره البعض عقيما، لكن الغالبية العظمى من المدرسين وعموم الرأي العام اعتبرته نقاشا أساسيا لإعادة الاعتبار لرجل التعليم والحفاظ على كبريائه وكرامته، صدرت أرقام تهم نسب توزيع المشاركين في الإحصاء، منهم أكثر من 59 في المئة من الطلبة وحاملي الشهادات، 31 في المئة من النساء ورجال التدريس، والباقي موزعون بين موظفين في الإدارات العمومية والخاصة وبعض المتقاعدين.
وكشفت المندوبية السامية للتخطيط عن تفاصيل صرف تعويضات المشاركين في الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 وتوفير ظروف الاشتغال الملائمة لهم، وتأمينهم ضد المخاطر والحوادث التي قد يتعرضون لها بالإضافة إلى توفير وسائل النقل اللازمة.
السيد غالي قال كلمة حق بدلا من رجال التعليم الذين يتقاضون أجورهم الشهرية من أجل تعليم أبناء الشعب كان الاجدر تكليف غيرهم كخريجي الجامعات العاطلين عن العمل بالقيام بمهمة الاحصاء وبذلك نضرب عصفورين بحجر واحد :عدم تعثر الدراسة واستفادة العاطلين عن العمل بالتعويضات اما من يوجهون انتقاداتهم للسيد غالي لماذا لايتطوعون بالمشاركة دون تعويض مادام يتقاضون اجرهم الشهري وبما ان الامر يتعلق كذلك بواجب وطني