فايننشال تايمز: قرارات محمد بن زايد الأخيرة تعكس رغبة في تحقيق توازنات داخل العائلة ومنح صورة عن الاستقرار

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن- “القدس العربي”:

قال محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “فايننشال تايمز” أندرو إنغلاند، إن القرارات التي اتخذها حاكم الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، بتعيين نجله الشيخ خالد وليا للعهد، وترفيع أشقائه في مناصب الدولة وإمارة أبو ظبي، تهدف لتقديم صورة عن الاستقرار في الدولة.

وقال إن الشيخ خالد بن محمد كانت لديه أجندة مزدحمة في الأسابيع التي سبقت تعيينه وليا لعهد أبو ظبي، فمن بين النشاطات التي قام بها كانت استضافة رئيس شركة مايكروسوفت ومدير “أي بي أم” وافتتح ميناء جديدا وشارك في اجتماعات الحكومة، وزار قيادة العمليات المشتركة بوزارة الدفاع.

وكانت هذه إشارات عن دور بارز ومتميز بات الشيخ خالد يلعبه في السنوات الماضية، حيث كان والده الشيخ محمد بن زايد يعد ابنه الأكبر لهذا الدور. وكانت هذه هي التكهنات بشأن ما يجري من سياسة في قصر الدولة الخليجية الغامض، ولحين الإعلان عن تعيينه في منصب ولي العهد يوم الأربعاء.

وظلت التوقعات تدور حول ميل الشيخ محمد بن زايد لتعيين ابنه البالغ من العمر 43 عاما، أو البحث عن ولي عهد مجرب من بين أشقائه، خاصة الشيخ طحنون بن زايد، مسؤول الأمن القومي القوي.

وعبر هذا الإعلان، يأمل محمد بن زايد بإسكات الحديث حول إمكانية وجود صراع داخل العائلة الحاكمة، وتقديم صورة عن الاستقرار واستمرارية حكم العائلة، فقد تولى الشيخ محمد الحكم العام الماضي بعد وفاة والده الشيخ خليفة، الذي ظل بعيدا عن السياسة وإدارة أمور البلاد بسبب مرضه.

ونقل الكاتب عن محلل إماراتي قوله إن الإمارات هي قوة صاعدة في الشرق الأوسط، وقد تم حسم الجواب على سؤال من سيقود البلاد في الخمسين عاما المقبلة. وأضاف أن الشيخ خالد وقبل تولي والده الرئاسة، كان يجَهّز للمنصب الذي عُيّن فيه يوم الأربعاء.

وتوسعت هذه المسؤوليات في قطاعات متعددة من الاقتصاد والأمن والطاقة، فهو يحمل شهادة من جامعة جورج تاون، ويترأس اللجنة التنفيذية في شركة النفط الوطنية “أدنوك” وعضو في المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية، وعين هذا الشهر عضوا في مجلس سلطة أبو ظبي للاستثمار (أديا) والصندوق السيادي الذي تبلغ ميزانيته 790 مليار دولار.

وحل الشيخ خالد محل والده كرئيس لمجلس أبو ظبي التنفيذي، أي حكومة الإمارات الفعلية، حيث كان عضوا فيه لعدة سنوات.

ويقول توفيق رحيم، الزميل في معهد نيو أمريكا: “ينظر إليه كشخصية جادة وحادة”، و”السؤال هو كيف سيؤكد المزيد من التأثير على المؤسسات الرئيسية”.

وظل محمد بن زايد خلال 18 عاما كولي للعهد، بمثابة المسؤول الرئيسي الذي دفع باتجاه تطوير أبو ظبي، مع رئيسها الشيخ خليفة. وبعد إصابة الشيخ خليفة بجلطة دماغية عام 2014، أصبح محمد بن زايد الحاكم الفعلي، وأشرف على سياسة خارجية حازمة قادت للتدخل العسكري في اليمن وليبيا، وقمع المعارضة في الداخل، واستخدام ثروة الإمارة النفطية لتوسيع تأثير الإمارات في الخارج.

ويتوقع أن يطول حكم محمد بن زايد البالغ من العمر 62 عاما، ولكن تعيين ولي للعهد والتغييرات الأخرى في المناصب العليا، تعكس رغبة بتفويض السلطات نظرا لأنه يريد التركيز على الرئاسة، بحسب أشخاص على معرفة بالأمر. وقال شخص مقرب في أبو ظبي: “واحد من الأمور التي يمكن استنتاجها من التعيينات الأخيرة، هي أنها نهاية للمرحلة الانتقالية وبداية لمرحلة أخرى”.

وعين الشيخ محمد بن زايد أخوته أو ما يعرفون بأولاد فاطمة في مناصب بارزة. ولأول مرة، أصبح لدى الإمارات نائبان للرئيس بعدما عين محمد بن زايد، الشيخ طحنون والشيخ هزاع في منصبين استُحدثا حديثا. ويرى البعض أنها مناصب اسمية، لكن آخرين يرون فيها إشارة عن توزيع للواجبات في عهد الشيخ محمد.

وفي تعيين مفاجئ، كلف الرئيس شقيقه منصور بن زايد، مالك نادي مانشستر سيتي، بمنصب نائب رئيس الوزراء. وهذا يعني أنه سيعمل إلى جانب صهره رئيس الوزراء وحاكم إمارة دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

ويرى محللون أن استحداث منصب نائب ثان للرئيس، يعكس هيمنة أبو ظبي على الفدرالية، ولكنها قد تحلل حاكم دبي من بعض واجباته. ويعني تعيين الشيخ طحنون كرئيس لهيئة الاستثمار في أبو ظبي، أنه سيوسع من تأثيره، فهو يدير مؤسسة استثمارية أخرى، وبنك أبو ظبي الأول، أكبر مقرض في البلد، والشركة الدولية القابضة التي كانت شركة مغمورة وأصبحت برأسمال يصل إلى 236 مليار دولار.

وحل الشيخ منصور مكان محمد بن زايد كرئيس لمبادلة، وهي عجلة أخرى للاستثمار برأس مال يصل إلى 284 مليار دولار. ويرى البعض أن التغييرات في شكل القيادة تعكس توازن السلطة داخل العائلة.

ويرى كريستيان كوتس أولرتشيسن، من جامعة رايس أن الشيخ محمد “يقوم بعملية توازن بين تقوية ابنه كولي للعهد، ومنح أشقائه الذي يرون أنفسهم جزءا من عملية الخلافة، مسؤوليات أخرى”. ويرى آخرون أنه يوزع المسؤوليات بين المقربين الموثوقين، في وقت تتزايد طموحات الإمارات.

ويقول ديفيد روبرتس، الخبير بالخليج في كينغز كوليج لندن، إن التحركات هي “عملية إعادة ترتيب جميلة للبيت”. مضيفا: “تاريخ الخلافة الطويل (بين ملكيات الخليج) شائك، ولهذا كانت هناك حاجة لعملية وضوح حول من يتسلم المناصب”. وقال إن الإمارات تتطور بطرق عدة، اقتصاديا وسياسيا، ومن هنا، فتطور بنية الحكم أمر منطقي لدولة تطورت بشكل متسارع في السنوات الماضية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    فعلا يبدو ذلك جليا ??

اشترك في قائمتنا البريدية