يا لها من فرحة انتظرها العرب طويلا. المغاربة وإخوانهم العرب ملأوا شوارع الرباط والدار البيضاء مثل شوارع الدوحة ولندن وباريس ومدريد وعشرات المدن حول العالم.
أكثر من 300 مليون عربي عاشوا سعادة غير مسبوقة فور نجاح المغربي البارع أشرف حكيمي في تسجيل هدف من ركلته الترجيحية في شباك الحارس الاسباني. هدف أعلن فوز المغرب على اسبانيا 3-صفر وعبورها المستحق والمشرف إلى الدور ربع النهائي في كأس العالم 2022 في قطر. حدث لم يحققه فريق عربي في كبرى مسابقات كرة القدم منذ انطلاقها على مدار 92 عاما.
كلهم كانوا أبطالا بداية من الحارس الفذ ياسين بونو ونهاية بحكيمي صاحب ركلة الترجيح الحاسمة مرورا ببقية اللاعبين الأربعة عشر الذين شاركوا في المباراة. ولا نغفل زملاءهم الاحتياطيين ولا مدربهم وليد الركراكي وزملاءه في الجهاز الفني. وكل التقدير لفوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وزملائه في الجامعة. وله الفضل في دعم الفريق بنجميه الكبيرين حكيم زياش ونصير مزراوى اللذين استبعدهما المدرب السابق البوسني خليلوزيتش بدون وجه حق. ولم يتردد لقجع في إقالته بعد تأهل المغرب ليعيد للأسود إثنين من أمهر لاعبي افريقيا.
عبور منتخب المغرب لثلاثة حواجز اوروبية كبرى نحو ربع نهائي المونديال حدث فريد يستوجب الدراسة والتحليل. كرواتيا وصيف المونديال السابق وبلجيكا صاحب برونزية المونديال السابق واسبانيا ثالث أمم اوروبا. ولعل أبرز عناصر وأسباب نجاح المنتخب المغربي هي الادارة الرياضية التي عملت بإخلاص وتفان لتحقيق النجاح.
لا تنسى أن المغرب في مطلع التسعينات كانت أول دولة افريقية تقارع الكبار وتتقدم بطلب تنظيم نهائيات كأس العالم 1994 في مواجهة الولايات المتحدة. وكررت طلبها غير مرة اعتماداً على بنية تحتية رياضية ممتازة.
واليوم تمتلك المغرب في عام 2022 رصيدا مميزا من النجاحات على كل الأصعدة في كرة القدم. وللمرة الأولى في تاريخ الكرة الافريقية منذ نشأة الاتحاد الافريقي عام 1957 تمتلك دولة واحدة كل الكؤوس الاربعة لبطولات الاندية. الوداد البيضاوي بطل دوري الابطال على حساب الاهلي المصري. ونهضة بركان بطل كأس الكونفدرالية على حساب أورلاندو بايريتس الجنوب افريقي. ونهضة بركان بطل الكأس السوبر على حساب جاره الوداد. والجيش الملكي الرباطي بطل كأس دوري الابطال لأندية السيدات على حساب ماميلودي صن داونز الجنوب افريقي.
ومنتخب المغرب هو البطل في كأس الأمم الافريقية للمحليين وكذا توجت المغرب بطلة لكأس افريقا لكرة الصالات. وها هو المنتخب المغربي يقارع كبار العالم في المونديال ويرفع شأن افريقيا عاليا.
والحقيقة التي لا ينكرها أحد أن المغرب هي صانعة وكاتبة التاريخ القاري والعربي في مسابقة كأس العالم. ففي مونديال المكسيك 1970 كانت المغرب أول دولة تعبر التصفيات الافريقية إلى نهائيات كأس العالم. وفي تلك البطولة تعادل المغاربة مع منتخب بلغاريا 1-1 وحققوا لأفريقيا أول نقطة في تاريخها في المونديال. وبعد 16 عاما ومجددا في المكسيك في نهائيات 1986 عاد المغاربة ومعهم عدد من الانجازات والارقام القياسية القارية والعربية. وأصبحوا أول منتخب افريقي يعبر الدور الاول إلى ثمن النهائي وأول منتخب افريقي يتصدر مجموعته بالدور الاول (على حساب انكلترا وبولندا والبرتغال). وأول منتخب عربي لا يخسر أي مباراة في مجموعته.
ومع حلول عام 2022 وفى قطر أول دولة عربية تستضيف المونديال كان للمغاربة الانجاز الاكبر بسيل من الارقام القياسية والاحداث الجديدة. وعاش 300 مليون عربي فرحة خيالية مع التأهل لربع النهائي كأول فريق عربي يسجل الانجاز الفذ.
وعلى الصعيد الافريقي حفر وليد الركراكي اسمه كأول مدرب عربي وافريقي يتأهل بفريقه الى ربع النهائي. ومعه أصبح الحارس ياسين بونو أول حارس عربي وافريقي لا تستقبل شباكه أي هدف في ركلات الترجيح. وكسر منتخب المغرب حاجزا عاليا جدا عجز الافارقة عن عبوره من قبل. وأصبح منتخب المغرب أول فريق عربي افريقي يفوز على منافس أوروبي بركلات الترجيح في كأس العالم. وبالطبع يسجل للمغرب أنه الفريق الوحيد الحالي في المونديال من بين 32 فريقا لم يتمكن أي منافس من هز شباكه في أي مباراة حتى الآن. وعلى مدار 4 مباريات متتالية في الدورين الاول والثاني اهتزت شباك المغرب بهدف واحد فقط أمام كندا وجاء بالخطأ من قدم المدافع نايف لكرد في مرماه.
ويتمتع المقيمون في قطر خلال كأس العالم بمشهد هو الاروع على الاطلاق حيث تتغطى مدينة الدوحة عاصمة قطر بوشاح أحمر يمثل علم المغرب في كل مكان وكأنه هبط من السماء ليغطي المباني الحكومية والخاصة. ولا تجد شارعا أو حافلة أو مقهى إلا والمغاربة هم الاغلبية بقمصان منتخبهم الوطني. والحفاوة تحيط بهم من كل جانب.
شكرا للمغرب التي أعطتنا فرحة انتظرناها طويلا. العمل الجاد والادارة الواعية والنظام الجاد الخالي من الفساد ومن المجاملات هي أسس التقدم والنجاح. مبروك للمغرب. ألف مليون مليار مبروك.