طرابلس – «القدس العربي»: مع الانسداد الذي وصلت له العملية السياسية في ليبيا، تتصارع الدول لتلعب دوراً في المبادرات المقبلة وخاصة الدول الغربية الكبرى وعلى رأسها فرنسا التي خسرت الكثير من نفوذها في القارة السمراء وتحاول تعويض ذلك بالمحافظة على استقرارها في الأراضي الليبية.
وقال موقع “أفريكا انتليجينس” الاستخباراتي إن فرنسا تقود سلسلة من المشاورات الموسعة لمحاولة إيجاد حل لإخراج ليبيا من الوضع السياسي الراهن.
وذكر الموقع أن المبعوث الخاص للرئيس ماكرون أجرى سلسلة زيارات وعقد عدة لقاءات عرض خلالها خطة جديدة لإنهاء الأزمة في ليبيا منذ فشل تنظيم الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في كانون الأول/ ديسمبر 2021.
وتهدف هذه المشاورات بين الليبيين وفقاً للموقع، إلى إعادة إطلاق عملية تنظيم الانتخابات، بدأت في مطلع شهر فبراير الحالي بسلسلة كبيرة من المشاورات، أجرتها باريس، مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية.
وعقد في الفترة من الثاني وحتى الـ7 من شباط / فبراير مع مجموعة من السياسيين من بينهم وزير الصحة السابق في المجلس الوطني الانتقالي ناجي بركات، والمرشح لانتخابات 2021 المستشار محمد خالد غويل، ونائب وزير التخطيط السابق بعهد معمر القذافي، فوزي عبد العال، إلى جانب نائب وزير الإعلام السابق في المجلس الوطني الانتقالي خالد نجم.
وأضاف الموقع الفرنسي إن هدف فرنسا جمع الأطراف في 3 مسارات: اجتماعي، واقتصادي، ومن ثم سياسي، على مراحل بهدف الوصول إلى نقطة التقاء تجمعهم لإنهاء الأزمة الراهنة.
وتأتي تلك التحركات الفرنسية وفقا للموقع والتي تراهن عليها فرنسا، في أعقاب “المحاولة الفاشلة” لجمع الأطراف الرئيسية حول طاولة خماسية برعاية أممية، في إشارة إلى مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي.
والسبت، استقبل عضو المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى ليبيا بول سولير، الذي كان يحمل رسالة من إيمانويل ماكرون.
وأكد ماكرون في الرسالة التي حملها سولير، استمرار فرنسا بالاهتمام بالملف الليبي، ومعالجة الانسداد السياسي، وتحقيق الاستقرار من أجل الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي، ودعم جهود إعادة الأعمار في مناطق الجنوب الليبي.
وفي السياق، اجتمع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي مع المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى ليبيا بول سولير، وناقشا دعم فرنسا لعمل اللجنة المالية العليا وضمان إجراء الانتخابات الليبية.
وقال بيان للمجلس الرئاسي إن المنفي استقبل سولير بحضور السفير الفرنسي مصطفى مهراج في مقر المجلس السبت.
وأضاف البيان أن سولير نقل للمنفي تحيات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأكد حرص بلاده على ضرورة استمرار حالة الاستقرار في ليبيا، ودعمها لرئيس المجلس في كل خطواته لمعالجة حالة الانسداد السياسي وضمان إجراء الانتخابات في بيئة ملائمة يُشارك فيها كل الليبيين.
وأشار المجلس الرئاسي إلى أن اللقاء تطرق إلى الدعم الفرنسي لتطبيق معايير الإفصاح والشفافية وترشيد الإنفاق والعدالة في استخدام الموارد المالية لتنفيذ مشاريع التنمية.
هذه المشاورات أثارت تساؤلات حول الذي تبحث عنه فرنسا في ليبيا وفي الجنوب الليبي على وجه الخصوص، وعن وجود أطماع فرنسية في الجنوب الليبي من عدمها.
ويرى محللون أن فرنسا تبحث على أن يكون لها دور في هذه المرحلة، خاصة أنها خسرت المعركة في عام 2019، ولم يكن لها مكانة في ليبيا في تلك الفترة، واختفت من المشهد إلى حد كبير، لهذا أرسلت فرنسا مبعوثاً خاصاً للرئيس الفرنسي، في محاولة منها لتقديم المعونة بحجة مساعدة ليبيا في هذه العملية
وتحاول فرنسا تدارك خسارة نفوذها في ليبيا خاصة في إقليم فزان بعد دخول مجموعة فاغنر الروسية على الخط، لذلك قام المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي بول سولير بجولة التقى خلالها مختلف الأطراف السياسية والعسكرية الفاعلة في ليبيا.
وتنتشر فاغنر في مواقع استراتيجية شرق وجنوب ليبيا من بينها قواعد عسكرية وحقول نفطية، وهو ما يشكل تهديداً حقيقياً لنفوذ باريس التاريخي على إقليم فزان.
وحسب محللين، تحاول فرنسا أن تحافظ على موقع مريح بالنسبة لها من خلال احترام التوازنات السياسية والاجتماعية في ليبيا، وهو ما تبين بالخصوص من خلال لقاء سولير مع المنفي والكوني وغيره من المسؤولين، سواء في علاقة بالانتخابات أو بخطة إعادة إعمار درنة والجبل الأخضر.
وكانت العلاقات بين باريس وحفتر جيدة، خصوصاً أن فرنسا شكلت حليفاً مهماً لحفتر، ومكنت قواته من الخبراء والأسلحة منذ إعلانه عن إطلاقه معركة الكرامة في أيار/مايو 2014 وحتى معركته في طرابلس، لكن هذه العلاقات تشهد الآن تذبذباً بسبب اعتماد حفتر على قوات فاغنر.