فرنسا: حل البرلمان وإسقاط الحكومة والألعاب الأولمبية الأحداث التاريخية والرمزية بامتياز

آدم جابر
حجم الخط
0

بعد فوز اليمين المتطرف، بقيادة حزب مارين لوبان في الانتخابات البرلمانية الأوروبية حل الرئيس الفرنسي الجمعية الوطنية الفرنسية داعيا لانتخابات تشريعية مبكّرة، في خطوة أحدثت زلزالاً سياسياً وخلطت الأوراق.

باريس ـ «القدس العربي»: كان العام الـ2024 عام الأحداثِ التاريخية والرمزية بامتياز في فرنسا، لاسيما على الصعيد السياسي، مع حلّ البرلمان وحجب الثقة عن حكومة ميشيل بارنييه، ولكن أيضاً احتضان باريس لدورة الألعاب الأولمبية لأول مرة منذ قرن.

بدأ العام بتقديم إليزابيث بورن استقالتها من رئاسة الحكومة، يوم الثامن من كانون الثاني/يناير، بعد عشرين شهرًا على تعيينها، وذلك بناءً على طلب من رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، الذي عيّن خلفاً لها غابريال أتال، ليُصبح هذا الأخير، عن عمر 34 عاماً، أصغر رئيس وزراء في تاريخ الجمهورية الخامسة الفرنسية. في شهر حزيران/يونيو مُني المعسكر الرئاسي بهزيمة مدوية في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، والتي حققّ فيها اليمين المتطرف، بقيادة حزب مارين لوبان «التجمع الوطني» فوزاً تاريخياً.

حلّ البرلمان

 رداً على هذا الفوز، فاجأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجميع معلناً في خطاب متلفز عن حلّ الجمعية الوطنية الفرنسية مع الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكّرة، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ 27 عاماً، أحدثت زلزالاً سياسياً وخلطت الأوراق. حقق اليمين المتطرف تقدما في الجولة الأولى من هذه الانتخاباتِ التشريعية يوم 30 حزيران/يونيو، لكنّه تلقى صفعة كبيرة في الجولة الثانية، التي جرت بعد ذلك بأسبوع، حيث حلّ ثالثاً بعد تحالف اليسار ثم معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون الذي خسر الأغلبية النسبية التي كان يتمتع بها في الجمعية الوطنية، ما أدى إلى تقديم غابرييل أتال لاستقالة حكومته.
غير أن هذا الاستحقاق أفرز برلماناً مُشتّتاً ومُنقسما على ثلاث كتل رئيسية، لا يتمتع فيه أيُّ معسكر بالأغلبية المطلقة أو النسبية (289 مقعداً برلمانياً من أصل 577 مقعداً): الجبهة الشعبية الجديدة التي شكّلتها أحزاب اليسار بـ 193 مقعداً، يليها المعسكر الرئاسي لوسط اليمين بـ166 مقعداً، ثم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاؤه بـ142. أما حزبُ «الجمهوريون « اليميني الديغولي المحافظ فحصل على 47 مقعداً فقط. رغم ذلك، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ميشيل بارنييه، السياسي المخضرم المنتمي إلى هذا الحزب رئيساً للوزراء، في شهر أيلول/سبتمبر وكلفه بتشكيل الحكومة، وذلك في أعقاب مشاورات ماراثونية وترقب طويل جعل حكومة غابرييل أتال تحطّم الرّقم القياسي من حيث البقاء في السلطة حكومة تصريف الأعمال، إذ ظلت في مكانها 38 يوماً.

إسقاط الحكومة

بات ميشيل بارنييه، مفاوض الاتحاد الأوروبي السابق في ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست» البالغ من العمر 73 عاماً، أكبر رئيس وزراء عمراً عند تعيينه في تاريخ الجمهورية الخامسة الفرنسية. لكنّه سُرعان ما أصبح أيضًا رئيس الوزراء «الأقصر عمراً» على رأس الحكومة (ثلاثة أشهر)؛ حيث صوت البرلمانيون بأغلبية واسعة على مذكرة سحب الثقة عن الحكومة التي طرحها تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» لأحزاب اليسار وصوت عليها نواب حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف، في تطور سياسي تاريخي هو الأول من نوعه في البلاد منذ 62 عاماً. بعد إسقاط حكومة ميشيل بارنييه، عيّن الرئيس الفرنسي حليفه فرانسوا بيرو، رئيس حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية، رئيسا للوزراء وكلفه بتشكيل الحكومة، ليصبح بذلك هذا السياسي المخضرم، البالغ من العمر 73 عاماً، رابع رئيس وزراء لفرنسا في العام 2024.
في خضم الأزمة السياسية، ضرب الإعصار «شيدو» يوم الرابع عشر من كانون الأول/ديسمبر أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي، والذي يعد  أقوى إعصار يشهده منذ تسعة عقود.

أولمبياد باريس

علاوة على الأحداث السياسية الكبيرة التي طبعت عام 2024، فإن هذا العام شهد حدثاً رياضياً تاريخياً تمثل في احتضان باريس لدورة الألعاب الأولمبية لأول مرة منذ قرن من الزمن؛ في الفترة ما بين السادس والعشرين من تموز/يوليو حتى الحادي عشر من آب/اغسطس. بالإضافة إلى تنظيمها الألعاب البارالمبية الأولى في تاريخها، من الفترة ما بين الثامن والعشرين من آب/اغسطس والثامن أيلول/سبتمبر.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، ألغى الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر، اتفاقية التعاون العسكري بين نجامينا وباريس، داعياً فرنسا إلى سحب كامل جنودها من أراضي بلاده. تزامن ذلك، مع مطالبة الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي فرنسا بسحب جنودها من التراب السنغالي. وشكلت الخطوات من هذين البلدين الحليفين تقليدياً لفرنسا، انتكاسة دبلوماسية جديدة لباريس في أفريقيا، بعد طرد جنودها من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
على الصعيد الديني والثقافي والفني، أعيد في كانون الأول/ديسمبر، افتتاح كاتدرائية نوتردام دو باري العريقة، بحضور شخصيات عديدة، أبرزها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، وذلك بعد إغلاق استمر خمس سنوات تمت خلالها إعادة الترميم عقب الحريق الذي طال النصب التذكاري عام 2019. وكان البابا فرانسيس الغائب الأكبر عن الحفل الكبير الذي أقيم بهذه المناسبة، على الرغم من دعوة الرئيس الفرنسي له. لكن البابا قام بعد ذلك بأسبوع بزيارة تاريخية هي الأولى إلى مدينة آجاكسيو، عاصمة جزيرة كورسيكا الفرنسية.
ترفيهياً، شهدت مسابقة ملكة جمال فرنسا هذا العام حدثاً تاريخياً حيث ذهب اللقب إلى مضيفة طيران أنجيليك أنغارني فيلوبون، البالغة من العمر 34 عاما، من جزيرة مارتينيك. وباتت بذلك أكبر متبارية سنا تفوز بهذه المسابقة، وذلك بفضل تعديل في القانون يسمح للنساء اللواتي تتخطى أعمارهنّ 24 عاماً أو المتزوجات أو الأمهات بالمشاركة في المسابقة.
راحلون:
خسر عالم الفن السابع الفرنسي النجم آلان ديلون، الذي توفي يوم الثامن عشر من آب/اغسطس عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد مسيرة حافلة فرض خلالها نفسه بصفته الممثل الأكثر وسامة.  كما خسر عالم السياسية الفرنسي، يوم التاسع من شباط/فبراير، وزير العدل الأسبق روبير بادانتير، الذي يُعدّ مهندس إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا. توفي هذا الأخير عن عمر ناهز 95 عاما. وأعلن الرئيس الفرنسي ماكرون عن دخوله إلى مقبرة العظماء خلال تأبين وطني أقيم له.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية