فرنسا: سخط في الأوساط الثقافية على قرار حكومي بوقف التعاون الثقافي مع النيجر ومالي وبوركينا فاسو

حجم الخط
3

باريس- “القدس العربي”:

يبدو أن الأزمة المشتعلة بين فرنسا ودول الساحل الثلاث، بسبب “وباء” الانقلابات التي ندد بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دخلت المجال الثقافي، إلى حد إثارة السخط في الأوساط الثقافية، التي احتجت عبر صوت العديد من النقابات المهنية، أمس الخميس، بعد توجيه إداري يطالب بتعليق كل أشكال التعاون مع النيجر ومالي وبوركينا فاسو، بما في ذلك في مجال الثقافة.

فقد استنكرت النقابة الوطنية للمؤسسات الفنية والثقافية (Syndeac)، هذا الخميس، رسالة “بنبرة تهديدية” أرسلتها في اليوم السابق المديريات الجهوية للشؤون الثقافية (DRAC)، بناء على تعليمات من وزارة أوروبا والشؤون الخارجية، تحثّ المؤسسات الثقافية على تعليق، حتى إشعار آخر، كل تعاونها مع البلدان التالية: مالي، النيجر، بوركينا فاسو.

جاء في الرسالة المعنية: “يجب تعليق جميع مشاريع التعاون التي تنفذها مؤسساتكم أو خدماتكم مع مؤسسات أو مواطني هذه البلدان الثلاثة، دون تأخير ودون أي استثناء. يجب أيضًا تعليق كل الدعم المالي، بما في ذلك عبر الهياكل الفرنسية، مثل الجمعيات على سبيل المثال. وبنفس الطريقة، لا يجوز إطلاق أي دعوة من أي مواطن من هذه البلدان”.

وعبرت النقابة الوطنية للمؤسسات الفنية والثقافية Syndeac، ونظراؤها من النقابات الأخرى الناشطة في المجالات الثقافية، عن سخطها حيال الرسالة. واعتبرت هذه النقابات أن هذه الموجة من التعليمات الصادرة من أعلى تثير الدهشة في الأوساط الثقافية.

وتقول Syndeac: “لم نواجه أبدًا أمرًا كهذا. فلسفة فرنسا تجاه الفنانين الذين يعيشون في البلدان التي هي في صراع معها كانت دائمًا تتمثل في الاستمرار في دعوتهم، دون قطع الحوار أبدًا. هؤلاء المبدعون ممنوعون بالفعل من العمل من قبل حكامهم. وإذا أضفنا طبقة أخرى، فسيكون ذلك بمثابة كارثة حقيقية بالنسبة لقدرتهم على البقاء، ولكن أيضًا بالنسبة لصورة فرنسا”.

وتضيف النقابة الوطنية للمؤسسات الفنية والثقافية: “تنفيذ النهج الذي أوصت به السلطات الفرنسية حاليا سيشكل سابقة. وهو متناقض مع ما كان عليه الحال في بداية الحرب في أوكرانيا، حيث كان الخطاب على النحو التالي: مواصلة دعم الفنانين الروس، لأنهم ليسوا فلاديمير بوتين”. فما الفرق بين فنان بوركينابي ومالي ونيجيري وفنان روسي؟ تتساءل Syndeac.

غضب النقابات الناشطة في المجال الثقافي هذا أجبر وزارتي الخارجية والثقافة الفرنسيتين على توضيح موقفهما: “لأسباب أمنية، منذ 7 أغسطس، علقت فرنسا إصدار التأشيرات من نيامي وواغادوغو وباماكو، وكذلك تنفيذ إجراءات التعاون الثقافي في هذه البلدان. لا تطلب وزارة الخارجية ولا وزارة الثقافة أي إلغاء برمجة للفنانين، من أي جنسية كانت. وهذا القرار لا يؤثر على الأشخاص الذين يحملون تأشيرات صادرة قبل هذا التاريخ أو المقيمين في فرنسا أو في بلدان أخرى”. وشددت وزارة الخارجية على أنه من الخطأ القول بأننا نسعى إلى حظر كل أنواع التعاون الثقافي.

إذا تم تعليق التعاون الثقافي العام، كما هو الحال مع مساعدات التنمية ودعم الميزانية، فلن يقتصر الأمر على الفنانين الذين لم يحصلوا على تأشيرات بعد. وتبرر الخارجية موضّحة: “لقد أوقفنا إصدار التأشيرات، ولم تعد مراكزنا قادرة على معالجة هذه الطلبات بسبب الوضع الأمني ​​المتدهور في البلدان الثلاثة”. ففي النيجر، على سبيل المثال، هاجم المتظاهرون المؤيدون لانقلاب 26 يوليو السفارة الفرنسية، والسفير سيلفان إيتي، الذي يطالب المجلس العسكري برحيله، تشير الوزارة.

وفي 29 يوليو/تموز و6 أغسطس/آب، أوقفت فرنسا جميع مساعداتها التنموية وإجراءات دعم الميزانية مع النيجر وبوركينا فاسو. وفي نوفمبر 2022، كانت قد فعلت ذلك مع مالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول صحف الحفيد الرضوية المطهرة صدى الوديعة المقدسة:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    حظر الحوار الفني والثقافي دليل على ان الفرنكفونيه هي الوجه الاخر للاستعمار بشكله الحربي تحديدا
    يعاني المجتمع الفرنسي بكافه مكوناته ودياناته من ارتجاليه الرئيس ماكرون الذي يقضي فتره المراهقه المتأخرة في الاليزيه

  2. يقول Adil Germany:

    حتى يفهم الناس أن التعاون الثقافي والفني ومعه مئات من الجمعيات الثقافية الفرنكفونية العاملة بالدولة الإفريقية ما هي إلا أدات للإبقاء على النفوذ الفرنسي و ترجمته سياسيا واقتصاديا.

  3. يقول محمد العرجوني:

    بكل موضوعية لماذا ترك مثقفو هذه البلدان الثغرة لفرنسا حتى تمنعهم… لماذا لا يقاطعون هم أيضا كل تعامل ثقافي مع فرنسا؟

اشترك في قائمتنا البريدية