فشل ثلاثي «أستانة -12» في التوصل لحل للأزمة في سوريا وترحيل «الدستورية» إلى جنيف

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: فشل ثلاثي محادثات أستانة (تركيا وإيران وروسيا) في الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية السورية، في حين أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، فشل المشاركين في الجولة الـ12 للمفاوضات بصيغة أستانة حول سوريا في التوصل لاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية السورية، وسط تساؤلات عن موقف اللاعب الدولي القوي والغائب عن تلك الاجتماعات والمقصود هنا الدور الأمريكي.
أما وزارة الخارجية التركية، فذكرت أن الأطراف المشاركة في مباحثات أستانة حول سوريا، أكدت عزمها على تنفيذ الاتفاقيات الخاصة حول استقرار الوضع في إدلب. وجاء في البيان الختامي: قررت كل من روسيا وإيران وتركيا (الدول الضامنة) عقد الجولة المقبلة من أستانة في جنيف، في حين أن الجولة 13 من المسار ستكون في شهر تموز- يوليو المقبل، وأكدت الدول المشاركة على جاهزيتهم الكاملة لدعم جهود المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، بما في ذلك الحوار الفعال مع الأطراف السورية.

روسيا «تعوض» بهجمات برية وجوية شمالاً ووسطاً

كما أجرت الدول نقاشات ثلاثية مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا «غير بيدرسون» لإطلاق اللجنة الدستورية في أسرع وقت ممكن، وفق قرار مؤتمر «الحوار الوطني- سوتشي»، ووفق البيان الختامي أكدت الدول الثلاث على التزامها بوحدة واستقلال الأراضي السورية وسيادتها ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف البيان أن «الدول الضامنة اتفقت على إجراء العملية السياسية في سوريا بقيادة دمشق ورعاية أممية، كما اتفقوا على ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاقيات في إدلب، والعمل على الحد من سيطرة هيئة تحرير الشام على إدلب».
وكانت النسخة الأولى من مفاوضات أستانا قد انطلقت في 23 يناير- كانون الثاني 2017، وتمخض عنها التأكيد على الحل السياسي في سوريا، ضمن اتفاق حول إنشاء آلية ثلاثية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار في سوريا، توصلت إليه كل من وفود روسيا وتركيا وإيران.
إلا أن مراقبين للشأن السوري، اعتبروا نقل محادثات أستانة في نسختها ال12 إلى جنيف، نقطة تحول خاصة على صعيد فشل الدول الضامنة في حسم الملف السياسي منعزلة عن مقررات جنيف والقرارات الدولية، وأن الخلافات بين تلك الأطراف وتبيان مواقفها الميدانية تجاه الأوضاع السورية عرقل الاتفاق والمأمول منه.
وتشكل محافظة إدلب مع ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي وجزء صغير من ريف اللاذقية الشمالي منطقة «خفض تصعيد»، بموجب اتفاق أبرم في سبتمبر/أيلول 2017، بين تركيا وروسيا وإيران، في العاصمة الكازخية نور سلطان.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، أبرمت تركيا وروسيا اتفاق «سوتشي» من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في منطقة «خفض التصعيد» تلك، وسحبت بموجبه المعارضة أسلحتها الثقيلة من المنطقة التي شملها الاتفاق في 10 أكتوبر/تشرين الأول خلال العام نفسه.
لكن قوات النظام السوري والمجموعات الموالية لإيران واصلت انتهاكاتها للاتفاقات؛ حيث صعدت، منذ مطلع 2019، هجماتها على المنطقة. وفق الأناضول.
سورياً، يبدو أن الحل السياسي أصبح أكثر تعقيداً من الأوقات السابقة، مع فشل ثلاثي أستانة في بلورة خطوطه العريضة، علاوة على الآمال المعقودة على عودة العملية السياسية تحت المظلة الدولية ووفق قرارات مجلس الأمن 2254، والذي تعتبره المعارضة أفضل وأسلم الطـرق للنـجاة لما بـقي في سـوريا.

أسباب الفشل

المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي تحدث عن أسباب فشل مسار «أستانة»، وقال إن مصيرها محتوم بذلك لتمسك روسيا بها وسعيها من اجل الاستعاضة عن القرارات الدولية وقرارات مجلس الامن والامم المتحدة وتحويل المرجعية اليها، لتكون موسكو البديلة عن الامم المتحدة في ايجاد حل سوري.
وقال العريضي، إن أستانة اظهر فشل موسكو في إيجاد الحل السياسي، فالأخيرة لم تنجح الا في الجانب العسكري فقط، وكشف المتحدث عن مقترحات عدة تقدمت بها الأمم المتحدة من اجل وضع الإطار السياسي الناظم لعمل اللجنة الدستورية الا ان موسكو وضعت امام تحقيق أي تقدم بهذا الشأن مجموعة من العراقيل، مضيفاً «الأمم المتحدة اقترحت اسماء من اجل اللجنة الا ان موسكو اعترضت على هذه الاسماء، كما أوجدت الامم المتحدة آلية عمل دستورية فيما سارعت موسكو لوضع حواجز مجدداً امام تلك الخطوات، كما طالبت برئاسة اللجنة الدستورية، واصرت على اقتراحات تحدد من نوع التصويت كما حاولت تحويل انتداب اللجنة وولايتها حسب الرغبة الروسية».
وأضاف المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية لـ «القدس العربي»، «بعد ان وعدت موسكو بايجاد حل في سوريا، فها هي تفشل في ذلك، وحتى الان لم تنجح موسكو إلا في المجال العسكري والعنف والبطش وذلك وفق تصريحات الروس انفسهم حيث اعترفوا بأنهم جربوا اكثر من 300 صنف من انواع الاسلحة في سوريا واثبتت جدواها.
أستانة وجدت في الاساس لمحاولة التنصل من الحل السياسي الضاغط ومن تطبيق القرارات الدولية، حسب العريضي، الذي اكد محاولات موسكو الهروب من قرارات الامم المتحدة ومن تحويلها من صاحبة اليد العليا عسكريا في سوريا إلى «المرجعية لأي حل» ومن هنا سعت موسكو لتفصيل حل على قياس مصالحها وقياس منظومة الاستبداد الضامنة لمصالحها في سوريا.
فكان معظم خطواتها توصف بالتكتيكية ولم تقارب المسألة السورية بالشكل الاستراتيجي، والشكل هذا يجبرها على ان تكون منسجمة مع المجتمع الدولي، والقرارات مجلس الامن والقرارات الدولية، في ظل فهم حقيقي لجوهر الصراع في سوريا، وهو معروف أنه عبارة عن انتفاضة شعبية طالبت بالحرية وقوبلت بالحديد والنار. ولفت إلى ان البنود الاساسية الموضوعة حتى الان على جدول استانة، هو بند محاربة الارهاب، «لكن عن اي إرهاب يجب ان نتحدث، انه إرهاب الدولة، عملياً الارهاب الوحيد الموجود في سوريا هو إرهاب الدولة، وهو الفوضى الذي خلقها النظام من اجل فسحة لارتكاب الجرائم كذريعة».
وحسب المتحدث فإن الهدفين الأساسيين لمسار أستانة هما إنساني وعسكري، اذ ان الأخير كان ترجمة لاحد البنود الاساسية للقرارات الدولية، تحديداً وقف اطلاق النار، وهو اتفاق ابرم بين موسكو وتركيا، ولكن ترحيل الحديث عن هذا الملف إلى استانة هو السبب وراء إيجاد مناطق خفض التصعيد التي لم تراع بل اخترقت وحولت إلى مناطق زيادة تصعيد.
ثانياً البعد الانساني، كان الهدف تعزيز قيام إجراءات بناء الثقة، تمثلت باطلاق سراح المعتقلين ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة والسماح بارسال الدعم الدولي إلى تلك المناطق، ولكن لم يتحقق أي من هذه النقاط، وحتى الآن استانة لم تكن السبب في اطلاق سراح اي معتقل.

تصعيد ميداني

ولم يطل الانتظار بعد فشل الدول الضامنة في التوصل لاتفاق حول اللجنة الدستورية، حيث أغارت أسراب من المقاتلات الحربية الروسية على مواقع عدة في حماة وإدلب وسط سوريا وشمالها، بعد اختتام الجولة ال12 من مفاوضات أستانة.
في حين استهدفت تتظيمات جهادية عبر الأسلحة الصاروخية، قاعدة حميميم العسكرية الروسية في الساحل السوري، دون معرفة الأضرار الناتجة عن الهجوم الذي لم يصدر عن الجيش الروسي أي تفاصيل حوله.
وذكرت غرفة عمليات «وحرض المؤمنين» الرافضة لاتفاق سوتشي حول الشمال السوري، كانت قد تشكلت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2018، والتي تضم كلاً من «حراس الدين- أنصار التوحيد، أنصار الدين، أنصار الإسلام»، أن الهجوم على القاعدة الاستراتيجية الروسية تم بواسطة صواريخ غراد، إضافة إلى هجوم بري ضد مواقع النظام السوري في سهل الغاب وسط البلاد، أدى إلى مقتل وإصابة العديد من عناصر جيشه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية