دمشق – «القدس العربي»: تقدمت قوات المعارضة السورية، الجمعة، إلى محافظة حمص أكبر المحافظات السورية وسط البلاد، وتوغلت في المدينة بعدما أحكمت سيطرتها على مدن الرستن وتلبيسة والدار الكبيرة وباقي بلدات ريفها الشمالي، وذلك بعد ساعات فقط من إعلانها السيطرة الكاملة على مدينة حماة وقسم كبير من أريافها.
المشهد العسكري شمال ووسط سوريا، ارتبط بطريقة معقدة بجملة من المتغيرات جنوباً وشرقاً، حيث أعلنت مجموعات مسلحة في درعا والقنيطرة والسويداء عن تشكيل غرفة عمليات مرتبطة بـ “ردع العدوان” لقيادة هجوم يستهدف العاصمة دمشق، مؤكدة السيطرة على نقاط عسكرية للجيش جنوب سوريا، بينما انسحبت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية من محافظة دير الزور، باتجاه حمص ومدن الساحل، وتوجه قسم منها إلى العراق عبر بوابة البوكمال.
وتقسم محافظة حمص، سوريا إلى نصفين، حيث تمتد من حدود العراق شرقاً إلى الحدود مع لبنان غرباً، وتبعد نحو 160 كلم عن العاصمة دمشق العاصمة، وتتميز بخليط من الطوائف الإسلامية والمسيحية وأقليات عرقية ودينية.
مصدر عسكري من غرفة العمليات المشتركة لمعركة “ردع العدوان” قال في تصريح لـ “القدس العربي” إن “كتائب المعارضة المسلحة دخلت إلى مدينة حمص، وتنتشر في مدن الريف الشمالي بالتنسيق مع الثوار المتواجدين في مناطق الرستن وتلبيسة”، مشيراً إلى أن قوات النظام السوري “في حالة تقهقر وانسحاب”. وأكد المصدر: “التواصل مع قطع عسكرية نسقت مع إدارة العمليات لتسليم نفسها”.
وحول المعارك القادمة، قال المصدر العسكري: “ستكون في القلمون والغوطة ومدينة دمشق”.
وأشار المتحدث إلى حركة نزوح وانسحاب جماعي لمقاتلي النظام وعائلاتهم من مدن وبلدات حمص باتجاه طرطوس واللاذقية على الساحل السوري.
وتأكيداً على ارتباط العمليات العسكرية ببعضها شمالاً وجنوباً، أعلنت إدارة العمليات العسكرية إحكام سيطرتها على 12 قطعة عسكرية بالجنوب السوري بعد طرد قوات النظام منها، أهمها اللواء 52 ميكا وسرية عابدين، كما أعلنت السيطرة على كتيبة الرادار في بلدة نامر بريف درعا وسيطرتها على تل الحارة الاستراتيجي بريف درعا بعد اشتباكات مع قوات النظام.
وقالت مصادر محلية لـ “القدس العربي” إن أبناء محافظة درعا من بقايا فصائل المعارضة، شنت سلسلة هجمات استهدفت حواجز أمنية ومفارز عسكرية ومخافر للشرطة.
كما أعلنت المجموعات المسلحة المحلية حظر تجوال في مدينة نوى غربي درعا، بالتزامن مع دخولها مبنى الناحية في المدينة وسلب العناصر لأسلحتهم، بينما اعتقل مقاتلون محليون عناصر الشرطة وتعهدوا بإيصالهم إلى أهلهم بسلام.
وأمام تهديد قوات النظام، انسحبت مفرزة المخابرات الجوية وحاجز عسكري لها من بلدة المسيفرة شرقي درعا، باتجاه بلدة أم ولد. كما انسحب عناصر مركز أمن الدولة من مدينة إنخل شمالي درعا باتجاه مدينة الصنمين.
ويجري ذلك وسط حالة من الترقب تعيشها محافظات الجنوب السوري عموماً، وخصوصاً في السويداء القريبة، وبينما أظهرت صور خروج عدد من المعتقلين من سجن السويداء المركزي، احتشد المئات في مظاهرات احتفالية عبرت عن ترحيب شعبي “بتحرير سوريا من نظام الأسد” تحت عنوان “جمعة تحرير سوريا”، ورفع المتظاهرون لافتات حيّت “ثوار الشمال السوري”، في لحظات حماسية عكست إرادة الأهالي في المطالبة بحقوقهم المشروعة، موجهين رسالة واضحة للنظام السوري وللمجتمع الدولي حول استمرار الحراك السلمي وتضامنه مع المحافظات في الشمال.
وانسحبت آليات عسكرية لقوات النظام السوري، من منطقة اللجاة شمال غربي السويداء بعد تعرض نقاطها لهجمات من الفصائل المحلية والتي أعلنت لاحقاً أسر مجموعة عناصر من قوات النظام في السويداء، وتعهدت بسلامتهم.
وشكلت الفصائل المحلية في السويداء غرفة عمليات عسكرية معلنة النفير العام، حيث أكدت في بيان منع خروج السلاح المخصص لحماية محافظة السويداء تحت أي ذريعة كانت. وأضافت: “يُحرم على جميع أبناء المحافظة رفع السلاح بوجه بعضهم البعض لأي سبب أو خلاف منعاً للاقتتال، لأن هناك من يتربص ويبذل كل جهد لإدخال المحافظة في احتراب داخلي، وسيستغل أي إشكالية لإيقاد نزاع مسلح، لن ينجو منه أحد حتى لو كان رابحاً للمعركة”.
وطالبت الفصائل المحلية، عناصر الشرطة في مبنى قيادة الشرطة في السويداء بالانسحاب الفوري، بينما اندلعت مواجهات على حاجز شهبا بين عناصر الحاجز والفصائل المحلية.
إلى ذلك، وجه الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الشيخ حكمت الهجري رسالة إلى الأهالي دعاهم فيها إلى حماية المرافق العامة والخاصة والخدمية في ظل التطورات الراهنة.
انسحاب من دير الزور
وانتقالاً إلى أكبر محافظات الشرق السوري، قال المتحدث باسم شبكة أخبار “الشرق نيوز” فراس علاوي لـ “القدس العربي” إن قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية الداعمة له انسحبت بشكل مفاجئ من عموم محافظة دير الزور، وتوجهت إلى محافظتي حمص ودمشق.
فيما أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن أرتال الجنود توجهت باتجاه منطقة تدمر الواقعة شرق مدينة حمص، التي باتت الفصائل المعارضة على بعد حوالي خمسة كيلومترات منها.
وقال علاوي إنه بعد انسحاب عناصر الفرقة الرابعة والدفاع الوطني إلى حمص ودمشق، وتراجع الحشد الشعبي العراقي إلى الأراضي العراقية، عبرت قوات سوريا الديموقراطية نهر الفرات إلى الضفة الغربية، ثم دخلت مدينة دير الزور وتوجهت إلى مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية للسيطرة عليها.
وأكد أن الحرس الثوري الإيراني سرّح جميع العناصر المحليين من أصحاب العقود في المدينة، وفك ارتباطه بهم. انسحاب قوات النظام السوري، أفسح المجال أمام “مجلس دير الزور العسكري” التابع لقوات سوريا الديمقراطية، لدخول مدينة دير الزور ومناطق غرب الفرات.
وقال المجلس، في بيان له: “التطورات التي تحصل في وطننا سوريا تشكل خطراً على أمن شعبنا ومنطقتنا في دير الزور”، معتبراً أن الهدف من هذا التقدم هو حماية أمن قواتهم وسكان المنطقة من التهديدات المحيطة في ظل سوريا الراهنة.
وتضم مدينة دير الزور مقرات لمستشارين إيرانيين ومؤسسات ومراكز ثقافية. وتعتبر منطقة غنية بحقول النفط مقسمة بين أطراف عدة، إذ تسيطر قوات النظام ومقاتلون إيرانيون ومجموعات موالية لهم على المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات الذي يقسم المحافظة إلى شطرين، فيما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، وهي فصائل مدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، على المناطق الواقعة عند ضفافه الشرقية.
وقال القائد العام لقسد، مظلوم عبدي، الجمعة، إنهم “مستعدون للحوار مع جميع الأطراف وينبغي مشاركتنا في الاجتماعات الدولية الخاصة بسوريا”، مشيراً إلى تواصله مع هيئة تحرير الشام. وأضاف عبدي أنهم بمساعدة التحالف الدولي استطاعوا إخراج النازحين من ريف حلب الشمالي إلى مناطق شمال شرقي سوريا.
وبعد سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل موالية لتركيا على حلب خلال الأيام الماضية، خرج آلاف من عفرين بريف حلب الشمالي إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية “قسد”.
ونوه عبدي أن التطورات المتسارعة إثر انسحاب قوات النظام شكّلت فراغاً في مناطق عدة خاصة في البادية السورية، مشدداً أنهم اتخذوا تدابيرهم وأن الجهود المشتركة مع التحالف الدولي لمواجهة خطر تنظيم داعش مستمرة بشكل أقوى.
كما لفت إلى أن تركيا تهدد بالهجوم على منبج ومناطق أخرى شمالي سوريا، مشيراً إلى مساعيهم لحل المشاكل العالقة مع تركيا بجهود التحالف الدولي وروسيا.
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم على هذا العجب العجاب الذي يحدث في هذا الزمن البئيس لشعوب الشام من عصابة اللئام ✌️🇵🇸🤕☝️🔥🐒🚀🐒