فلتان امني في قطاع غزة
فلتان امني في قطاع غزة ما يشهده قطاع غزة من اعمال فوضي وفلتان امني لا يخدم الطموحات الفلسطينية المشروعة في قيام دولة مستقلة، ويصب في مصلحة الدعايات الاسرائيلية التي تقول بان الفلسطينيين غير مؤهلين لحكم انفسهم بانفسهم، وبالتالي لا يستحقون دولة خاصة بهم.الفوضي هذه بلغت ذروتها يوم امس عندما تعرض مواطنون امريكيون لمحاولة خطف من قبل مجموعة مسلحة، واقتحمت مجموعة اخري مكتبا لوزارة الداخلية في مدينة رفح جنوب القطاع، بينما اختارت مجموعة مسلحة ثالثة احداث ثغرة في الجدار الحدودي الذي يفصل قطاع غزة عن مصر.ومن المفارقة ان من بين المواطنين الامريكيين الذين تعرضوا لمحاولة خطف والدا الفتاة الامريكية راشيل كوري التي استشهدت برصاص القوات الاسرائيلية عندما كانت تتظاهر ضد عمليات نسف البيوت وقتل الابرياء من قبل الدبابات الاسرائيلية في مدينة رفح. ولولا ثورة اهل المنزل الذي كان هؤلاء في زيارتهم بالمدينة نفسها ضد المسلحين ومنعهم من خطف ضيوفهم بالقوة لنجحت المهمة، واحتل خطف هؤلاء العناوين الرئيسية في نشرات التلفزة وصدر الصفحات الاولي في الصحافة العالمية. ثقافة الخطف التي تنتشر بشكل مرعب ثقافة غريبة علي ابناء الارض المحتلة. فالاجانب الذين يذهبون الي قطاع غزة هم في غالبيتهم الساحقة من منظمات خيرية وانسانية تساند القضية الفلسطينية، وتقدم مساعدات نوعية وعينية لابناء المخيمات في مجالات الصحة والتعليم والخدمات العامة الاخري.ان العلة تكمن في جهتين، الاولي السلطة الفلسطينية واجهزتها الفاسدة التي بذرت بذور الفوضي بسبب تعددها غير المنطقي والتناحر بين قياداتها، والثانية سلطة الاحتلال الاسرائيلي التي تغذي هذه الظاهرة وتعزز حالة الفلتان الامني بغاراتها واغتيالاتها المتواصلة لرموز المقاومة الفلسطينية، واضعافها المتعمد للسلطة، وتجنيد جيش من العملاء.فالفساد في الاجهزة الامنية، الذي هو انعكاس للفساد المنتشر في وزارات السلطة ومؤسساتها، دمر مصداقيتها، وخلق حالة الفلتان الامني الحالية، وما تفرزه من فوضي وعمليات قتل واقتحامات.فليس من قبيل الصدفة ان تكون معظم الجماعات المسلحة التي تقوم بعمليات الخطف للاجانب واقتحام مقرات السلطة ومخافرها في قطاع غزة، هي في الاصل مجموعات تنتمي الي حركة فتح الحزب الحاكم، وكانت تعمل في اطار الاجهزة الامنية نفسها التي تهاجم مقارها.قيادة السلطة ضعيفة منهارة، وهذا الضعف يساهم في تفاقم الفوضي. فلو اقدمت السلطة علي محاربة ظاهرة الفلتان الامني في صفوفها اولا، وتعاملت بشدة مع الجماعات المسلحة الخارجة علي القانون لما استفحلت ظاهرة الفوضي هذه بالشكل الذي نراه حاليا.فعندما تتجاوب السلطة وقيادتها مع مطالب الخاطفين وتوفر لهم الوظائف التي طالبوا بها، ولا تجري التحقيقات المطلوبة وتقدم المتورطين الي القضاء، فان علينا ان نتوقع تكرار هذه الجرائم، سواء من قبل المجموعة نفسها او مجموعات اخري مماثلة.قطاع غزة يتحول، وبسرعة، الي صومال آخر وكل العناصر اللازمة لهذه الوصفة الكارثية من الفوضي والفلتان الامني متوافرة حاليا. فهذا القطاع الذي يضم مليونا ونصف المليون نسمة تحول الي سجن كبير، ومستودع من الفقر والحرمان والاحباط، حيث تصل معدلات البطالة الي ستين في المئة علي الاقل ويعيش معظم السكان علي اقل من دولارين في اليوم. وطالما استمر هذا الوضع المحبط ستستمر الفوضي والفلتان الامني للأسف الشديد.9