فيلم «شوتي» الإيراني يحصد الجائزة الكبرى في مهرجان «مينا» السينمائي الدولي

صادق الطائي
حجم الخط
0

عُرف مهرجان مينا السينمائي عبر دوراته الثمان بدعمه السينما المستقلة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وانفتاحه على السينما العالمية. وقد أقيمت الدورة الثامنة من المهرجان في مدينة لاهاي، هولندا، على مسرح فايان، على مدى يومين 5 و6 نيسان/أبريل الجاري. وقدم صانعو الأفلام نتاجهم للمشاركة في هذه الدورة قبل 5 آذار/مارس على أن لا يتجاوز تاريخ إنتاج الفيلم ثلاث سنوات. وشارك في هذه الدورة 14 فيلما، وكان التركيز منصبا على موضوعة مواجهة العنصرية.
ترأس لجنة التحكيم لدورة هذا العام المخرج الهولندي الجزائري كريم طريدية، وضمت لجنة التحكيم في عضويتها كل من المخرجة المسرحية الهولندية سخريد ده زفارت، والمخرج السينمائي الجزائري طاهر حوشي، بالإضافة إلى الروائية اليمنية هدى الغطاس.
رئيس لجنة التحكيم، كريم طريدية، هو مخرج جزائري هولندي. بدأ مسيرته في صناعة الأفلام منذ عدة عقود، وأخرج العديد من الأفلام التي حازت على تقدير النقاد، وتناولت مواضيع مختلفة، مثل الهوية، والذاكرة، والتاريخ، والسياسة. ومن أبرز أفلامه «حكايات قريتي» الذي ناقش فيه التحرر من حالة الإحباط التي راودت الشعب الجزائري قبل الاستقلال. كما شارك طريدية في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، وتتميز أفلامه بأسلوبها الوثائقي العميق، وقدرتها على استكشاف القضايا المعقدة بطريقة إنسانية مؤثرة. وقد أشار مدير المهرجان محمد الأمين إلى إن اختيار المخرج طريدية جاء في خطوة لافتة تعكس تقديرًا لمسيرته السينمائية المتميزة في المشهد السينمائي الهولندي، وإسهاماته القيمة في السينما العربية.

ورش عمل

شهد مهرجان مينا هذا العام بالإضافة إلى العروض السينمائية تنظيم ورش عمل فنية وعروض موسيقية مميزة. إذ شاركت فرقة تيزويت الموسيقية بإثراء المهرجان، وهي مجموعة موسيقية مغربية تعزف الموسيقى الأمازيغية التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، أقيمت ورش عمل مثل رقصة «النحل» والأنشطة الإبداعية الأخرى مثل صنع الكولاج وصنع الموسيقى باستخدام Framedrums والتصوير الفوتوغرافي، وكلها تركز على موضوع مكافحة التمييز. وقدم مقهى المسرح أيضا برامج مجانية لمزيد من الإلهام، حيث قدمت فرقة درس العشق الإيرانية وفرقة تيزويت المغربية عروضاً تفاعلية. ويهدف المهرجان، كما صرح مديره الشاعر العراقي محمد الأمين المقيم في هولندا، إلى توفير منصة لصناع السينما المستقلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتقديم رؤيتهم السينمائية للجمهورين الهولندي والعربي.

جوائز الدورة

اختتمت فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان «مينا» السينمائي، بتتويج الفيلم الإيراني «شوتي» بالجائزة الكبرى لأفضل فيلم. وأشادت لجنة التحكيم بالفيلم الفائز معتبرة إياه: «عملاً مُبهراً بفضل نهجه الأصيل وموضوعه الواقعي والإتقان الاستثنائي للتصوير السينمائي ولغته السينمائية الجميلة التي استخدمها المخرج لسرد قصته». كما لفتت اللجنة الانتباه إلى قوة رسالة الفيلم وقدرة «الصمت الناطق» فيه على سرد الأحداث.
كما توزعت جزائز المهرجان لهذه الدورة على عدة أفلام، إذ تقاسم جائزة العدالة والسلام لهذا العام كل من الفيلم الإيراني «إلهة» للمخرجين بويا طالب نيا وحديث مرادي، والفيلم العراقي «حدث ذات يوم في الموصل» للمخرج عبد الله خالد. فيلمٌ «إلهة» تميز بالسردٍ الجيد، وبأنه نقيٌّ تمامًا كموضوعه ومثل الصورة التي نراها. وقد وجدت لجنة التحكيم أن أصالة الموضوع وسرد القصة يثيران الإعجاب. فالقصة بسيطة وجميلة، لكنها تحمل في طياتها حساسيةً عميقة تجاه التقاليد والثقافات المندثرة. كما كان المخرجان شديدي الملاحظة لرسالة مفادها ضرورة الاهتمام بالخلق البشري.
أما الفيلم العراقي «حدث ذات مرة في الموصل» الذي سبق له الفوز بجائزة مهرجان العراق السينمائي الدولي عن الأفلام الوثائقية فقد حظي بتقدير لجنة التحكيم لقصته الرقيقة التي تحكي سيرة رجل يعتز بسينماه المحلية في مدينة دمرتها الحرب.
وفي فئة التمثيل، حصد الممثل الجزائري بوجماع عبد الرحمن على جائزة أفضل ممثل عن أدائه المؤثر في فيلم «ليلة عابد» الذي يحكي قصة زوجين شابين من إحدى القرى ينتظران مولودهما الأول في ظروف صحية صعبة وينتظران دواءً من العاصمة لإنقاذ طفلهما. وحصلت زيزي محمود على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم المصري «فخ العصافير» للمخرج أحمد خليل الذي تدور أحداثه حول هالة، الطفلة التي تبلغ من العمر ثماني سنوات، تعيش حياة صعبة مع شقيقها أمير وزوجة أبيهما القاسية. تهرب هالة من واقعها المؤلم إلى عالمها الخيالي، حيث تجد ملاذًا من القسوة التي تحيط بها، لكنها تبقى مشغولة بسؤال واحد: «هل الأموات يطيرون؟». كذلك فازت الممثلة المغربية نادية كوندة مناصفة مع زيزي محمود بجائزة أفضل ممثلة عن أدائها المتميز في الفيلم المغربي «إخوة الرضاعة» للمخرجة كندة التازي، الذي يتناول قصة أم عازبة ورضيع يتيم.
وقد حصل على جائزة الجمهور الفيلم المغربي الآخر «أنين صامت» للمخرجة المغربية الشابة مريم جبور وبطولة الممثل المغربي القدير محمد خيي، والذي تناول قضية التوحد في قصته السينمائية. كما منحت لجنة التحكيم تنويهًا خاصًا لفيلم «صمت الراعي» للمخرج التونسي مروان طرابلسي، الذي فاز في عرضه العالمي الأول على جائزة أحسن فيلم وثائقي قصير في المسابقة الدولية بمهرجان الباطنة الدولي للفيلم القصير بسلطنة عُمان. وقد أثر فيلم «صمت الراعي» في لجنة التحكيم بشدة. فقد اعتمد في سرده الصوري على المجاز، بنهج أصيل وفني في آنٍ واحد. وتناول الفيلم ظاهرةً اجتماعيةً وسياسيةً تعكس واقعًا يُقلّل من أهميته الإعلام. وقد امتلك هذا المخرج الشجاعة ليُقدّم وجهة نظره التي تُظهر استخفافًا بالواقع اليومي. وأشادت لجنة التحكيم بنهجه الفني الأصيل وقدرته على تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية المهمة.
من جانبها أكدت المديرة الفنية للمهرجان، الصحافية المغربية خديجة بوعشرين، على إن المهرجان استلم في هذه الدورة أكثر من 300 فيلم قصير من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتنتمي أغلب هذه الأفلام للسينما المستقلة، ما يمنح إدارة المهرجان الأمل في دعم هذا النوع من السينما. ويهدف المهرجان لتوفير منصة لصناع السينما المستقلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتقديم رؤيتهم السينمائية للجمهورين الهولندي والعربي وقد اختتم مهرجان «مينا» السينمائي الدولي فعالياته بنجاح، مؤكداً على دوره الهام في دعم السينما المستقلة وتعزيز التبادل الثقافي والفني. وترعى المهرجان مؤسسة ميزوبوتاميا التي تهتم بنشر ثقافة السلام والتعايش السلمي من خلال الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية التي تنظمها على مدار العام في مدينة لاهاي بالتعاون مع المؤسسات الشريكة وشبكة واسعة من المتطوعين من سكان مدينة لاهاي في هولندا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية