فيما بعد (إلى أطفال غزة)

حجم الخط
0

حمت راحتا أبي الدافئتان أذنيّ. سمعتُ الدم يركض في عروقه. كأن القنابل الساقطة في الخارج كانت تلاحقه. رفرفت شفتا أمّي كفراشة مرعوبة. كانت تدعو الله أن يحمينا. كما فعلت في الحرب السابقة واستجاب لدعائها. ذراعاها تطوّقان أختيّ.

لعل الله لم يسمعها هذه المرة. فالقصف كان مدوياً.

بعد أن دمّروا بيتنا في جباليا لجأنا إلى مدرسة الأنروا.

لكن القنابل لاحقتنا هناك

. . .

وعثرت علينا.

***

كذب أبي وأمّي

لم نظل معاً

مشيت وحدي

لساعات

كذبوا

فلا ملائكة

بشر يمشون

معظمهم أطفال

الأستاذ كذب أيضاً

لم تصبح جراحي شقائق نعمان

كما تقول القصيدة التي تعلمناها

***

لكن سيدو لم يكذب

كان هناك

كما وعدني

قبل أن يموت

وجدته يتكئ على عكّازه

ويفكّر بيافا

حين رآني

بسط ذراعيه كنسر

نسر متعب على عكّاز

عانقني وقبّل عينيّ

***

– سيدو! هل سنعود إلى يافا؟

– لا نقدر.

– لماذا؟

– نحن موتى.

– هل نحن في الجنة؟

– نحن في فلسطين حبيبي
وفلسطين جنة

. . .

وجحيم.

– وماذا سنفعل الآن؟

– سننتظر

– ماذا ننتظر؟

– ننتظر الآخرين

. . .
ليعودوا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية