في حمأة النيران المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط وتوسع دائرة الصراعات، يسود انطباع زائف بأن النظام السوري لا يأبه لما يتردد، همسا طورا وجهرا طورا آخر، عن ترتيبات جديدة في المنطقة يجري التحضير لها إقليميا ودوليا ضمن مشاريع معلبة وسيناريوهات متعددة الصيغ والمصالح لمرحلة ما بعد الحرب.
ومع أن سوريا توجد في صلب هذه الترتيبات، مفترضة كانت أم واقعية، لم يبدر عن النظام السوري، قولا أو فعلا، ما يفيد بأنه معني بهذه التحولات الجيوسياسية، أو أنه يلقي بالا لتداعياتها ولطبيعة وحدود دوره في حسابات المرحلة الجديدة. إذ اكتفت دمشق بدفن رأسها في الرمال في انتظار انقشاع غبار المعارك، وتحولت، وهي التي توجد في قلب محور المقاومة، إلى جبهة ساكنة منذ تفجرت معركة السابع من أكتوبر.
ومع كل ما يقال عن استمرار سوريا في الوفاء لخطها السياسي، بدا واضحا أن دمشق اختارت، قسرا أو طوعا، الخروج من دائرة الصراع ضمن توجه استراتيجي يؤكد نزوع النظام السوري، المنهك اقتصاديا وعسكريا خصوصا بعد 2011، نحو تلافي الدخول في صدامات أو حروب مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة. يتوافق ذلك مع رغبة روسية ملحة في وقف أي تصعيد في جبهة الجولان أو اتساع رقعة الحرب بما يهدد مصالحها في سوريا بعد أن بات لديها منفذ للمياه الدافئة.
لا يمكن تبرير هذا الصمت بحالة الجفاء في العلاقات بين دمشق وحركة حماس على خلفية موقف الحركة من الثورة السورية، ولا باختفاء مظاهر التضامن الشعبي والرسمي مع الفلسطينيين في محنتهم في غزة، وبالقدر نفسه لا يمكن أن ينظر إلى صمت سوريا حيال الأوضاع في غزة ولبنان وغضها الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في العمق السوري الذي تحول إلى ساحة اغتيالات مفتوحة لقيادات حزب الله والحرس الثوري الإيراني، ومرتعا لأجهزة الاستخبارات والميليشيات والأذرع العسكرية، إلا على أنه مؤشر دال على خروج دمشق من دائرة المواجهة. وبهذا المعنى فقد كان لافتا لمن يهمه الأمر نأي سوريا بنفسها عما يعرف بوحدة الساحات. يؤكد ذلك حقيقة أن سوريا ليست راغبة ولا قادرة على التورط في صراع إقليمي وقد صارت نقطة رخوة في خاصرة محور المقاومة.
لا يمكن أن ينظر إلى صمت سوريا حيال الأوضاع في غزة ولبنان وغضها الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في العمق السوري، إلا على أنه مؤشر دال على خروج دمشق من دائرة المواجهة
على أن صمت سوريا إزاء هذه التطورات وإحجامها عن تنشيط جبهة الجولان يفهم على نطاق واسع على أنه توطئة لتحول في مواقف دمشق يمضي في اتجاه فتح قنوات حوار مع الخارج وتحديدا مع الولايات المتحدة في استنساخ لاستراتيجية متوارثة تروم بالأساس الحرص على الاستقرار السياسي وضمان استمرارية النظام مع رهانها على عامل الزمن والتعافي التدريجي.
وبديهي إذن، وفق هذا المنطق، أن يسعى النظام السوري وقد استنزفته العقوبات الغربية إلى الحفاظ على التوازنات الإقليمية في بيئة تحفل بالتناقضات، وأن يعمل على كسر طوق العزلة المفروضة عليه دوليا والدفع في اتجاه تطبيع علاقاته مع الغرب وتحسين العلاقات مع الجارة تركيا.
وضمن هذه الرؤية الاستراتيجية يمكن أيضا فهم لعبة الغزل الخفي بين دمشق وعواصم عربية مؤثرة في سياق تقارب يرمي إلى إعادة دمشق للحضن العربي وتخليصها من عباءة إيران ومنع ذوبانها في مشاريعها بالمنطقة خصوصا بعد استعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية وافتتاح سفارة للمملكة العربية السعودية في دمشق في سبتمبر الماضي.
وإذ أبدى الرئيس بشار الأسد رغبة صريحة في تحقيق هذا التقارب ليقينه أن ترتيبات المرحلة المقبلة تستدعي في حدودها الدنيا البقاء على مسافة واحدة من اللاعبين الكبار في المنطقة، إلا أن فك الارتباط مع إيران ليس أمرا هينا، فالعلاقات بين البلدين صارت عرضة لاضطرابات وهزات متوالية بلغت حد اتهام طهران أجهزة أمنية سورية بالضلوع في تسريب معلومات عن تحركات ضباط إيرانيين في سوريا.
وعلى الرغم من حرص طهران على عدم التفريط في سوريا لدورها المحوري في نفوذ إيران الإقليمي، بات في حكم المؤكد أن الحرب في غزة عمقت الشرخ بين الطرفين وأنهت مرحلة التوافق بينهما في ظل حديث متواتر عن محاولات لإخراج سوريا من المعادلات الإقليمية.
لذلك ترى سوريا في معركة طوفان الأقصى وما تلاها من تقلبات فرصة شبيهة في سياقاتها ومخرجاتها بتلك التي لاحت في الأفق بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ومناسبة للتخلص من تبعيتها للروس والإيرانيين بعد أن أصبحت ساحة احتراب وصراع نفوذ بين القوى الإقليمية والدولية.
لكن يبدو أن بشار الأسد، طبيب العيون الذي قيل، لدى وصوله إلى السلطة قبل نحو ربع قرن من الزمن إنه جاء ليصحح الرؤية في دمشق، أصيب بعمى الألوان ولم يعد يميز، في سعيه اليائس للخروج من عنق الزجاجة، بين الحلفاء والأعداء.
كاتب مغربي
آن الأوان لإعادة الوضع بسوريا لما كانت عليه قبل 2011 حين حظيت برعاية عربية ودولية بدعم كل الدول العظمى وبلغت الثقة إلغاء ديونها وتدفق استثمارات عربية مليارية بتوازي مع تسليمها ملف إدارة لبنان 20 عام مرورا باتفاق الطائف وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، إذن آن الأوان لوضع حد لفوضى سوريا بإخراج كل مقاتل غير سوري وإبعاد ميليشيات تتبع دول إقليمية طامعة بها تمهيدا لعودة رعاية عربية ودولية وتدفق مساعدات واستثمارات لإعادة الإعمار بالتوازي مع إعادة تسليمها ملف إدارة لبنان لحصر سلاح بيد الدولة وطرد إيران.
>
إن الإجابة على عنوان
المقال ( ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ…
ﺃﺳﺪ ﺃﻡ ﻧﻌﺎﻣﺔ؟ )
يستدعي الدخول إلى عالم الأدغال الكثيف
مرورا بأصدقاء طرزان..
كالذي كان يحمله على
كتفه في بعض الأحيان..،
و الحديث في ذلك ربما من شأنه أن يستفز منظمات حقوق
الحيوان لأسباب قد
تكون وجيه.. ، لذلك من
الأفضل عدم الحديث
عن هذا الأمر… ،
و الإكتفاء بالاستمتاع
باستحضار صور الأدغال
الطبيعة الجميلة…،
و الحمد الله الخالق
البارئ العظيم المصور ، الحمد لله رب العالمين.
كما جاء. في المقال،سوريا خرجت منهكة اقتصادياً وعسكرياً من حربها مع المليشيات المعارضة.
لم يكن عبدالناصر مقتنع بالوحدة مع سوريا ، ولكنه مؤسس وقائد عدم الانحياز ، فأقام الوحدة للحيلولة دون وقوع سوريا بيد الشيوعيين/ انحياز لمحور
نصر أكتوبر 1973 أعاد مصر وبالتالي العالم العربي لبؤرة عدم الانحياز وشهد العالم العربي ـ بما فيه سوريا ـ تقاربا ونموا وازدهارا
حماة 1982 أحد معارك الحرب الباردة ، فالسعودية مولت والأردن درب “الإخوان المسلمين” واقر “الملك حسين” بذلك وقدم لسوريا اعتذاراً علنيا ، ولكن سوريا (تكبلت) بفلك الاتحاد السوفيتي بالنتيجة
موقف روسيا من “7 أكتوبر” كموقف امريكا إن لم يكن أسوأ ، فعجز امريكا عن إنهاء الأزمة/ الحرب وكبح التصعيد ، مغبط لروسيا باتجاه الأنظار بعيدا عن أوكرانيا ، فبيدها أراض وأجواء وسيادة سوريا ولا تحرك ساكناً وإسرائيل تسرح وتمرح فيها ، هذا إذا لم تزودها بالاحداثيات