تونس «القدس العربي»: شكلت الذكرى الرابعة عشرة للثورة التونسية مناسبة للعديد من القوى السياسية والحقوقية للدعوة إلى المصالحة الوطنية وتنقية المناخ السياسي وإطلاق حوار شامل بين السلطة والمعارضة.
واعتبرت حركة النهضة أن تونس «بحاجة ماسة وملحّة إلى إصلاحات حقيقية ومشاركة سياسية فعلية في منظومة تعددية وديمقراطية تضمن احترام الحريات العامة والفردية وفاعلية مؤسسات المراقبة والمساءلة والمحاسبة ومقاومة الفساد وتعمل على إرساء العدالة الاجتماعية المنشودة والإصلاحات المستوجبة وإنجاز المشاريع التنموية» معتبرة أن «الخروج من الأزمة العميقة التي تعيشها البلاد لا يتحقق إلا بمجتمع حصين مُتفتّح و مُتجّذر في هويته وطَموح في تَطلُّعاته ومُتّحِد حول سيادته الوطنية وحول دولة القانون العادلة والمنيعة والمؤثرة ونخبة مبدعة وخَلاقة وشبيبة مُتوثّبة ومُشبَعة بالروح الوطنية وبعقيدة العلم والعمل والريادة».
ودعت، في بيان، الإثنين، إلى «إجراء حوار وطني جادّ وشامل غير إقصائي بين كل القوى الوطنية من أجل إنقاذ تونس وفق برنامج ديمقراطي تشاركي يعالج القضايا والمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة بدءاً بإطلاق سراح كل الموقوفين السياسيين ورفع كل التضييقات عن الأحزاب والمجتمع المدني والحريات العامة والفردية». وكتب مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي (أول برلمان بعد الثورة): «الفترة الحالية تقتضي إيجاد حلول جديدة وسلميّة تتماشى مع المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة، ولعلّ أبرز سبيل للخروج من الأزمة الحالية هي المصالحة الوطنيّة، فهي الكلمة المفتاح لتحقيق السلم المجتمعية وإعادة رأب الصدع الذي يعيشه مجتمعنا». واعتبر أن المصالحة الوطنيّة «تشترط عدداً من المتطلبات الأساسية والضروريّة، فالمبادرة في حدّ ذاتها لا يمكن أن تصدر عن أيّ جهة أخرى سوى رئيس الجمهورية، فهو الآن بلا منازع رئيس تونس الماسك بزمام الأمور، وهو المؤهّل للاضطلاع بهذه المهمّة، كما أنّ لعب دور الحكم يندرج ضمن صلاحياته، ونأمل أملاً صادقاً أن يكون جامعاً ومقرّباً لكلّ وجهات النظر، على الرغم من أنّ المؤشّرات لا تنبئ بذلك».
وأضاف بن جعفر: «أمّا عن الأجسام الوسيطة من نقابات وجمعيات وخاصة الأحزاب السياسية، فلا ديمقراطية جدية ومستدامة بدونها، ولكن ينبغي لها، إن كانت تطمح للعب دورها الأساسي في تجذير ديمقراطيتنا الناشئة والمتعثّرة، أن تعيد النظر في تنظيمها الداخلي وأن ترتب بيتها وتقيّم تجربتها على امتداد الفترة الانتقالية السابقة وأن تشخّص بموضوعية وحياديّة مواطن القوة والضعف ومكامن الفشل والنجاح، ثمّ ينبغي لها أن تتعامل مع الواقع بتواضع وهدوء وأن تقدّم بدائلها المتماهية مع الواقع بجدية عوض الإمعان المتشدد والاكتفاء المريح بالتشهير بمساوئ الآخر وأخطائه».
واعتبر أن «الجميع مدعوّ للتحرّك من أجل تفعيل المصالحة الوطنية عبر تنقية المناخ وبناء جسور الثقة بين الدولة ومكونات المجتمع».
وأشار إلى أن «المصالحة الوطنيّة شرط أساسي لتعبئة كل القوى الحية وكل الطاقات بدون استثناء من أجل تحقيق التنمية وتحفيز الاستثمار، وهي كفيلة بخلق مناخ أعمال يبعث على الثقة والاستقرار التي يبحث عنهما كلّ مستثمر سواء كان أجنبيّاً أم وطنيّاً».
واعتبر بن جعفر أن «المصالحة الوطنية أصبحت حاجة ملحة إذا أردنا تجاوز الاحتقان السائد، حقيقة كان أو شعوراً شائعاً، وإذا أردنا التعويل على قدراتنا الذاتية وتوفير أفضل الظروف لمواجهة التحديات الجسيمة التي تواجهها تونس في قادم الأيام بالنظر إلى أوضاعنا الاقتصادية والمالية الحرجة، وكذلك اعتباراً لما يشهده العالم من حروب وتقلبات وما يعيشه الإقليم من توترات، ينبغي لنا العمل على وحدة الصف الداخلي وصلابة الجبهة الوطنية باعتبارهما مفتاح النجاح والتقدم».
ودعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتنقية المناخ السياسي بإطلاق كل مساجين الرأي والتعبير والاحترام التام للحقوق والحريات، وذلك بمناسبة الذكرى 14 للثورة التونسية.
وقالت إنّ «الثورة التونسية شكلت محطة فارقة في تاريخ البلاد، وعبرت عن إرادة الشعب في استعادة سيادته وإسقاط منظومة الفساد والاستبداد».
واعتبرت أن «الاحتفال بهذا اليوم العظيم يمثّل مناسبة لاستحضار تضحيات الشهداء والجرحى وكل مكونات الشعب التونسي وفي مقدمته القوى المدنية والديمقراطية في سبيل إسقاط نظام الاستبداد». كما حذرت من «خطورة التضييق على منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والمدونين، وتنامي خطاب الكراهية والعنصرية».
وطالبت بإلغاء المراسيم «التي تمس بجوهر الحقوق والحريات وفي مقدمتها المرسوم 54، وبمباشرة مراجعة الترسانة القانونية لملاءمتها مع المعايير الدولية، وتبني سياسات شاملة وعادلة تعالج مشكلات الفقر والبطالة والتفاوت الجهوي والتهميش المجتمعي».