فاز النجم البريطاني ريز أحمد بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم قصير عن فيلمه «الوداع الطويل» الفيلم بطولة وكتابة ريز أحمد بالاشتراك مع أنيل كاريا.
ريز أحمد (رضوان أحمد) الممثل البريطاني الباكستاني ومغني الراب، حصل على جائزة (إيمي وورد) وتم ترشيحه أيضا لجائزة (كولدن كلوب). ونتذكر دوره المتميز في فيلم «صوت المعدن» الذي رشح لجائزة الأوسكار.
فيلم «الوداع الطويل» يتناول حياة المهاجرين في المملكة المتحدة، قام بإخراج الفيلم أنيل كاريا.
تدور أحداث الشريط في إحدى ضواحي لندن، ويتناول أسرة آسيوية (بريطانية باكستانية) تستعد لحفل زفاف أحد أفراد أسرتها. مثل معظم العائلات، ينخرطون في نقاشات تافهة، ويقضون لحظات مرحة مع بعضهم بعضا ويشاركون فرحهم حبهم بطريقتهم الخاصة. يتحول كل هذا إلى مأساة عندما تصبح الأسرة ضحايا جريمة كراهية مشحونة بالعنصرية حين تقتحم مجموعة من الرجال المسلّحين البيض المتطرفين منزلهم بعنف. يتم جر الأسرة من منزلها. ودفع النساء في مؤخرة شاحنات صغيرة لا تحمل أي علامات ويوضع الرجال في طابور في الشارع، ويقتل كل منهم برصاصة. كان الفيلم في البداية طبيعيا، ومنغمسا في الاستعدادات لحفل الزفاف وعائلة أحمد في لحظة فرح، الفتيات يستعدّن لهذه المناسبة من تعديل تسريحة الشعر وحتى صبغ الأظافر، وأين يجب أن توضع الكراسي، أغاني الراب وغيرها من الاستعدادات لهذه الليلة الكبيرة. لكن حين ينظر أحمد من النافذة، يشاهد شاحنات لا تحمل علامات لمسلحين بيض ملثمين. وفي لمح البصر ينقلب الحفل إلى حادث دموي، تتوقف البهجة وتموت الفرحة لحظة اقتحام الملثمين العنصريين لبيتهم، واقتيادهم خارج البيت من نساء وأطفال وحتى الكبار، الآباء والأمهات، سرعان ما بدأوا في جمع الناس وإعدامهم.. يتوج المشهد الكابوسي بمونولوج غاضب أداه أحمد أثناء تجوله فى الشارع وهو جريح وشاهد على قتل أهله، مقتبس من قصيدته «من أين أنت». يردد أحمد أمام الكاميرا: «الآن يريد الجميع في كل مكان استعادة بلدهم». «إذا كنت تريدني أن أعود إلى حيث أنا بعد ذلك، بوب، فأنا بحاجة إلى خريطة».
في هذا الفيلم يوجه البطل وكاتب القصة (ريز أحمد) مخاوفه وهو يستمد من الاشتباكات الحالية للمهاجرين ضد موجات من العنصرية المغلفة بالقومية التي تنامت في المملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك بعض المشاعر المعادية للمهاجرين، وقد دافع العديد من البريطانيين عن هذه الخطوة، في حين جسّد ريز أحمد بضربات الطبلة المتصاعدة كراهية الأجانب، وفي الوقت نفسه، تشير إلى موقف ريز الرافض التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي. بعد التصويت، ارتفعت التقارير عن جرائم الكراهية والانتهاكات العنصرية في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وأفاد أكثر من 70% من الأشخاص من الأقليات العرقية بالتمييز العنصري في فبراير/شباط 2019 ، مقارنة بـ 58% في يناير/كانون الثاني 2016 (قبل الاستفتاء) وفقًا لدراسة وطنية أجرتها
(الأوبينيوم). تحدث أحمد في مقابلة حديثة من لندن: «أنيل كاريا وأنا أردنا بشكل عاجل سرد قصة عن التحول، والتخلص من مشاعرنا وفضح كوابيسنا وإخراجها إلى العالم».
يعكس الفيلم الواقع العاطفي اليومي لمختلف الشعوب في الديمقراطيات الغربية المنقسمة بشكل متزايد، والواقع على الأرض في أماكن أخرى. يقول أحمد: «حقًا، المكان الذي تدور فيه هذه القصة هو داخل نفسنا. لكنها أيضا تحدث في ذكريات أسلافنا». «هذا يحدث في أوكرانيا الآن. إنه يحدث في الهند، مع المذابح العام الماضي. إنه يحدث في ميانمار. حدث في الولايات المتحدة. حدث في البوسنة». يأخذ ريز أحمد والمخرج آنيل كاريا المشاهدين في رحلة بائسة مزعجة في فيلمهما القصير «ذا لونغ غودباي» (الوداع الطويل) المستوحى من مخاوف شخصية من تزايد التعصب والتمييز في العالم. الفيلم الذي تبلغ مدته 12 دقيقة يحمل اسم ألبوم يتناول كذلك مسألة العنصرية وصادر في عام 2020 لأحمد، المولود في ويمبلي خارج لندن لأبوين باكستانيين. كرر ريز أحمد مرارا مشاعره المعقدة حول الهوية وشق طريقه في هذا العمل البريطاني. يغني الراب في أغنية «من أين أنت»: «ربما أكون من أي مكان ومن العدم». وله مساهمات في الكثير من الأفلام التي تتحدث عن قصص اللاجئين. فقد شارك في إنتاج فيلم الرسوم المتحركة (الفرار) للمخرج الدنماركي جوناس راسموسن، الذي يسرد حكاية الفتى الأفغاني (أمين) وهروبه من أفغانستان وحتى وصوله إلى الدنمارك، يقول «فيلم» الوداع الطويل» يتعلق بالهوية والوطن والانتماء، أما «الفرار» فهو عبارة عن الهوية والوطن والانتماء، هكذا وصف أحمد أوجه التشابة بين الفيلمين اللذين ساهم في إنتاجهما.
اشتهر أحمد عقب أدائه دور جهادي في فيلم «أربعة أسود» الذي اكتسب شهرة بعد عرضه عام 2010، إلى جانب التمثيل، يعرف أحمد كمغني راب، من خلال كلمات أغانيه يلامس ظاهرة الإسلاموفوبيا في المملكة المتحدة في ألبومه الصادر عام 2020 بعنوان (الوداع الطويل).
خلال متابعة الفيلم، يمكننا أن نشعر بأننا ننتظر بعض الوقت لمفاجأة حتى لو لم نعرف بعد السبب، ربما يتعلق الأمر بمسيرة اليمين المتطرف على التلفزيون، التي يريد والد أحمد مشاهدتها. وربما يتعلق الأمر بالصديق الذي دعته أخته إلى حفل زفافها. نحن نعلم فقط أن عاصفة مقبلة ولم نكن نتوقع بالشكل الصادم. هذا الخوف والترقب يلعبان دورا في تصعيد الحدث الرئيسي حتى وصوله إلى الذروة التصادمية. لا يمكنك أن تتصور وأنت تشاهد هذا الفيلم القصير، الإحساس السعيد والفرح الغامر الذي يخيم على أرجاء البيت وعلى الأشخاص الذين يستعدون للاحتفال، وكيف تتحول هذه البهجة إلى كابوس وإلى صرخات مخيفة في لحظة قصيرة، حيث يتم اعتقال الأشخاص الذين دعوهم إلى منازلهم مثل المجرمين في الشارع ودون اي ذنب فقط لأنهم آسيويون! من الصور القوية والمشاهدة التي تحمل دلالات كبيرة حين يتوسل أخ أحمد الجيران البيض، الذين يحدقون من خلال نوافذهم طلب المساعدة وهم يكتفون بالتفرج عليهم فقط. لا يسع أحمد كمسلم بريطاني من أصل باكستاني إلا أن يشعر بأنه غريب في بلده مع تزايد الكراهية في المشاعر الأوروبية المؤيدة للبيض، التي تعيشها بريطانيا اليوم – خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حكومة ذات أغلبية من حزب المحافظين، والقومية اليمينية الزاحفة التي تنفر من الأقليات في جميع أنحاء البلاد، ودائما يشير ريز أحمد بإلحاح شديد إلى تصاعد نغمة الكراهية والعنصرية وكراهية الأجانب في أغانيه، التي لا يمكننا تجاهلها وهي التي نراها في العالم الحقيقي.
يواجه فيلم «الوداع الطويل» العنصرية في المملكة المتحدة، ويتحدى أولئك الذين ينكرونها أو يتجاهلونها، ويُظهر أكثر جرائم الكراهية وحشية وما يمكن أن يحدث عندما يخذلنا أولئك المكلفون بحمايتنا.
أحداث فيلم «الوداع الطويل» خاصة جدا بكلمات وتجارب ريز، مزيج قوي من التصوير السينمائي والسيناريو والراب، يوضح الفيلم القصير للمخرجين أنيل كاريا وريز أحمد بشكل كبير عواقب تطبيع الكراهية ببراعة وبشكل دراماتيكي من خلال قصة هجوم لليمين المتطرف في إحدى ضواحي شمال لندن وكيف يمكن أن تتغير الحياة بسرعة في المشهدين الأولين، حين يتم استبدال مشهد المرح لعائلة بريطانية آسيوية متماسكة، تستعد لحضور حفل زفاف عائلي في المشهد الأول بالخوف المنهك عندما يتم إطلاق النار على شباب آسيويين وهم جاثمون على ركبهم وفي وضح النهار من قبل مجموعة يمينية متطرفة، حيث يتجاهل كل من الشرطة والجيران البيض صرخاتهم وطلبهم للمساعدة. يصور الفيلم الخوف والقلق والغضب الذي أعرب عنه العديد من البريطانيين الآسيويين. في المشهد الثالث والأخير، يستخدم أحمد متعدد المواهب قوة الكلمات لتحدي الروايات السياسية الحالية حول الهوية والانتماء، ويوضح العلاقة المضطربة والعواطف المتضاربة التي يشعر بها العديد من البريطانيين الآسيويين في ما يتعلق بهويتهم البريطانية – تداعيات العنصرية والتمييز التي ما زالوا يواجهونها، يواجه فيلم «الوداع الطويل» العنصرية في المملكة المتحدة، ويتحدى أولئك الذين ينكرونها أو يتجاهلونها، ويُظهر أكثر جرائم الكراهية وحشية وما يمكن أن يحدث عندما يخذلنا أولئك المكلفون بحمايتنا. يذكرنا أن التحيز والكراهية ليسا حكرا على اليمين المتطرف فقط، لكننا جميعا يمكن أن نكون مذنبين، إذا فشلنا في التحدي ونصبح متفرجين. إنه تذكير صارخ بأن الفن يجسد الحياة، وعلينا فقط أن نتذكر الهجمات الأخيرة على مسجد فينسبري بارك، والمسجد في كرايستشيرش ونيوزيلندا، لنرى ما يمكن أن يحدث عندما نغض الطرف عن تلك التجاوزات.
فيلم «الوداع الطويل» يتضمن موسيقى من تأليف ريز أحمد، وهو يعكس هويته كفنان باكستاني بريطاني، وتعتبر إشارات ريز لثقافة جنوب آسيا دقيقة ومهمة. قام أحمد في الفيلم بدمج الموسيقى مع العناصر المرئية من خلال استثمار موهبته في غناء الراب، ومن خلال عمق الكلمة وإطلاقها للجمهور، ليعكس رهاب الإسلام الذي يعيشه بعض المجتمعات الغربية، هذا يشكل صدمة للأجيال الجديدة ويؤدي للعزلة ويحول دون الاندماج الثقافي والاجتماعي. يتطلب الأمر شجاعة لتقديم مثل هذا العمل بجرأة لتثقيف الجمهور بالموضوعات الحساسة من خلال الطرح الجريء والصادق، الذي يتسرب من كلمات ريز كي تصنع صورا قوية. لطالما كان أحمد صريحا بشأن تجربته كشخص بريطاني باكستاني، ولم يتردد أبدا في التحدث عن حقيقته بشأن التمييز، والكراهية الذي عاشه كرجل أسمر في مجتمع أبيض؛ في عام 2006 أصدر أغنيته المنفردة الشجن بعد حادثة الحادي عشر من سبتمبر/أيلول التي تسخر من نظرة المجتمع إلى المسلمين في عالم يسوده الخوف من الإرهاب. في عام 2016 ساهم أحمد بمقال في مختارات نيكش شوكلا، المهاجر الصالح، حول عدم ارتياحه لما يتعرض له من مضايقات في المطارات. في عام 2017 ألقى خطابا في مجلس العموم حول الحاجة إلى مزيد من الإدماج المتعمق والمساواة في وسائل الإعلام. في الختام: الفيلم تحفة فنية حديثة متداخلة للغاية مع المشهد الثقافي الحالي لدينا في بريطانيا التي ابتليت بالكراهية تجاه المهاجرين والأقليات.
كاتب عراقي
تحية لهذا المبدع الواعد ريز احمد، كلمة قالها استوقفتني وادركت اننا أمام عقل راصد و فاعل ، الكلمة : «الآن يريد الجميع في كل مكان استعادة بلدهم». «إذا كنت تريدني أن أعود إلى حيث أنا بعد ذلك، بوب، فأنا بحاجة إلى خريطة »
لا شك أن الفيلم فيلم قضية و ليس اي فيلم ، ارغب جدا في مشاهدته ، شكرا على التذكير به !