بيروت ـ «القدس العربي»: قبل 10 أيام على حلول موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية مازال الغموض يكتنف مصير الجلسة وهوية المرشح الأوفر حظاً للرئاسة على الرغم من ارتفاع أسهم قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يستمر الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر في وضع فيتو على اسمه ويربط رئيس مجلس النواب نبيه بري انتخابه بتعديل دستوري يتطلب 86 صوتاً.
وركّز البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد على الشأن الرئاسي، فقال «إن مشكلة لبنان اليوم هي فقدان الثقة لدى السياسيين بأنفسهم، وببعضهم البعض، وبمؤسسات الدولة» مشيراً إلى «فقدان الثقة لدى السياسيين بأنفسهم، كما هو ظاهر اليوم في عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ سنتين وشهرين». ورأى «أنهم ينتظرون اسم الرئيس من الخارج، وهذا عار كبير، علمًا أننا نقدر ونشكر للدول الصديقة حرصها على انتخاب الرئيس وتشجيعها للدفع إلى الأمام بعجلة انتخابه. في التاسع من كانون الثاني/يناير المقبل أي بعد عشرة أيّام وهو اليوم المحدد لانتخاب الرئيس مازال البعض يفكّر بالتأجيل بانتظار إشعارٍ ما من الخارج. وهذا عيب العيوب وهو مرفوض بكلّيته. وحذار اللعب بهذا التاريخ الحاسم».
وأضاف الراعي: «ثقة السياسيين بعضهم ببعض مفقودة، وهي ظاهرة في عدد المرشحين المعلنين والمخبئين وغير الصريحين والموعودين، وكأنهم لا يجرؤون المجيء إلى البرلمان لانتخاب الرئيس، بانتظار اسم من الخارج. والثقة بمؤسسات الدولة مفقودة، لأن بعض السياسيين لا تعنيهم هذه المؤسسات، وأولها المجلس النيابي فاقد صلاحية التشريع، وأن يتوقف مدة سنتين وشهرين عن مهمته التشريعية فلا يعنيهم الأمر، ولا تعنيهم مخالفتهم للدستور، ولا يعنيهم الضرر اللاحق بالبلاد. وما القول عن تعطيل بعض القضاء أو السيطرة عليه أو تسييسه من بعض السياسيين، علمًا أن القضاء أساس الملك. وما القول عن عدم ثقة بعض السياسيين بالدولة ككل، دستورًا وقوانين وأحكامًا قضائية، وإدارات عامة، واقتصادًا ومالاومصارف، وإيداع أموال فيها، وهجرة خيرة شبابنا وشاباتنا وقوانا الحية، وكأن لا أحد مسؤول عن هذا الخراب». وختم «لا أحد يقدّر دور الرئيس الآتي: فأمامه إعادة الثقة إلى السياسيين بأنفسهم، وببعضهم البعض، وبالدولة ومؤسساتها. وأمامه بناء الوحدة الداخلية بين جميع اللبنانيين بالمحبة المتبادلة، على أساس من المواطنة اللبنانية والولاء للبنان والمساواة أمام القانون. وأمامه إصلاحات البنى والهيكليات المقررة في مؤتمرات باريس وروما وبروكسل. مثل هذا الرئيس يُبحث عنه، ويرغم بقبول المهمة الصعبة، ويحاط بثقة جميع السياسيين واللبنانيين عامة».
المفتي قبلان: فريسة سهلة
td الموازاة، اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أن الحل بتفاهم رئاسي يضع أولويات لبنان التوافقية بمواجهة فتنة الغرف السوداء الدولية ومشاريع الإنقسام» وتوجه في بيان إلى «القوى النيابية بالبلد» قائلاً: «إن لبنان لا يحكم إلا بالتوافق والطبخة الوطنية الهادئة، وأي رئيس بنسخة الخارج يمر بكارثة وطنية، ولبنان لا يمكن أن يستقر إلا بالتوافق الداخلي، وأي إصرار على المقامرة يضعنا بعين العاصفة، والتنوع اللبناني ضعيف إلا بالتوافق، وحفظ الميثاقية التوافقية أساس بقاء لبنان، ولعبة الأمم تخترق الحواجز السيادية وسط بلد يحتضن كل تعقيدات الشرق الأوسط، ودون التضامن وطني البلد سيكون فريسة سهلة للخارج الذي يتعامل مع لبنان كساحة للصراع والتصفيات الإقليمية».
الراعي يحذّر من التأجيل وقبلان يدعو للتفاهم… وجعجع يتهم «الثنائي» برفض قائد الجيش
وأضاف «بأدق لحظة من تاريخ لبنان أقول للزعامات السياسية في البلد: لبنان عيش مشترك وعائلة وطنية وقيمة أخلاقية أكبر من لعبة العدد ونزعة الثأر والأرباح الطائفية، ووضع لبنان من وضع المنطقة ولا نريد له السقوط بفتنة الإنقسام والنار الطائفية ومتاريس الصراع الدولي، والمسيحي الوطني يمثلني بالصميم، والتيار الوطني والقوات اللبنانية شريك وطني لحركة أمل وحزب الله والتقدمي الإشتراكي وباقي التيارات السياسية إلا أن التيارات السياسية ليست كل لبنان، ولا بد من تلاقي جبل عامل وجبل كسروان والطريق الجديدة والشمال والبقاع وجبل الشوف بمركزية بيروت كعاصمة للحكم التوافقي الضامن للتنوع والوحدة والعيش المشترك، والحل بتفاهم رئاسي يضع أولويات لبنان التوافقية بمواجهة فتنة الغرف السوداء الدولية ومشاريع الإنقسام، ولا لحظة مفصلية أهم من الإستماع للرئيس نبيه بري بصفته الضامن التاريخي للتسويات الوطنية». وفي المواقف من الاستحقاق الرئاسي، إتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع محور الممانعة بالعمل على الحؤول دون انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية.
«لا لتهريب رئيس»
وقالفي عشاء ميلادي لمنسقية «القوات» في منطقة عاليه «تبيّن لي شخصياً ومن خلال الاتصالات التي أقوم بها في موضوع ملف رئاسة الجمهورية أن المنظومة لا تزال موجودة وهي تستمر بعملها كمنظومة وكأن شيئًا لم يكن» لافتاً إلى «أن محور الممانعة لا يريد العماد جوزف عون، وبطبيعة الحال، «التيار الوطني الحر» أيضًا لا يريده، وهم يخططون لإسقاطه في الانتخابات». وقال: «المنظومة» تعمل ليلانهارًا لتهريب رئيس للجمهورية لا يحقق طموحات الشعب اللبناني، وإنما يضمن لهم استمرار المرحلة الماضية. وفي المقابل، نحن مستمرون في العمل بكل جدية لمنعهم من تحقيق ذلك، ولن نسمح لهم بإعادة إحياء أنفسهم من جديد من خلال رئيس ينفذ أجندتهم. وهؤلاء وحدهم يمكنهم تعطيل انتخابه العماد جوزف عون، لأنه بصفته قائدًا للجيش، يحتاج إلى 86 صوتًا لانتخابه». وأضاف «لقد بدأوا منذ الآن بنغمة انتخاب العماد عون يحتاج إلى تعديل دستوري، ولا يمكن أن يتم ذلك من دون تعديل دستوري، في حين أن غيره لم يكن في حاجة إلى تعديل دستوري. ليس هذا فحسب، بل إنهم يقولون إن التعديل الدستوري يجب أن يتم تبعاً للآلية الدستورية، الأمر الذي يتطلب وجود حكومة مكتملة الصلاحيات، وأن يكون لدينا رئيس للجمهورية. بالإضافة إلى ذلك نسمع أيضاً أنه كي يتم التعديل، نحن في حاجة إلى دورة عادية للمجلس النيابي، مع العلم أن المجلس النيابي سيخرج من دورته العادية في نهاية الشهر وبالتالي، عندما تنعقد جلسة الإنتخاب في التاسع من كانون الثاني، يكون المجلس خارج الدورة العادية».
ورد التيار الوطني الحر على جعجع مؤكداً على موقفه الرافض لانتخاب قائد الجيش، وكتب على منصة «أكس»: «نحن بالتيار موقفنا كتير واضح: من البداية ضد ترشيح قائد الجيش أولاً بسبب أدائه، وثانياً لأنه مخالف للدستور. يا ريت القوات ورئيسها بيعلنوا بوضوح موقفهم من ترشيح قائد الجيش، ويخبرونا كيف ممكن نطمح لعهد اصلاحي يبدأ بمخالفة الدستور؟ بالمناسبة بيكفي تسمعوا رأي خبيركم الدستوري الأستاذ سعيد مالك بالموضوع».
وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله «إننا في حزب الله نريد رئيساً صناعة لبنانية، وأن ينتخب بإرادة لبنانية وفق المواصفات التي تؤدي إلى تحقيق مصلحة البلد، وان يكون قادراً على ادارة الامور في المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات وفي مقدمها انتهاك العدو للسيادة اللبنانية».
ودعا «إلى العمل كي نصل في جلسة 9 كانون الثاني إلى انتخاب رئيس للجمهورية وفق القواعد الدستورية التي تحدد النصاب الدستوري. علماً أن نصاب الجلسة وعدد المقترعين يحتاج إلى توافقات بين الكتل النيابية، وبالتالي يجب ان تلتقي هذه الكتل على المواصفات المطلوبة».