شكلت الحركة الطلابية أحد أهم ركائز الفعل الاحتجاجي عبر العالم، وقد عرفت زخما كبيرا مع نهاية الحرب العالمية الثانية حيث ارتبطت بالفعل الاحتجاجي الشبابي المستقل والثوري المتصل بالقضايا الاجتماعية والتحررية لشعوب العالم، فقد شكل “الاتحاد العالمي للطلاب” إضافة ” للمؤتمر العالمي للطلاب” النواة الأولى للحراك الطلابي العالمي المناهض للمنظومة الرأسمالية والرافض لواقع الاستغلال والهيمنة الرأسمالية. وفي المقابل كان الحراك الطلابي في المعسكر الشرقي دائما ما يعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من البناء الاشتراكي في أفق إنشاء المجتمع الشيوعي.
وفي هذا السياق يعتبر الحراك الطلابي الداعم لفلسطين، الذي بدأ من أعرق الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية ليمتد إلى مؤسسات أكاديمية أخرى داخل وخارج أمريكا، استمرارا لهذه الحركات التي عرفت أوجها خلال الستينيات من القرن الماضي خاصة من خلال رفض الغزو الأمريكي لفيتنام، ومناهضة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا إضافة لمساندة الحرب التحررية الجزائرية.
ظاهرة غير مسبوقة
بذلك يشكل هذا الحراك ظاهرة اجتماعية غير مسبوقة جديرة بالتأمل والتقدير لما يحمله في طياته من دلالات عميقة و إستراتيجية على مستوى انقلاب السرديات والصور النمطية وما لها من تداعياتها الكبرى على الواقع السياسي والفكري والاجتماعي داخل و خارج بلاد العم سام، حيث يمكن إجمال هذه الدلالات كالتالي:
وعي الشباب الأمريكي والغربي عموما بعدالة القضية الفلسطينية وأهميتها: وذلك ليس فقط باعتبارها قضية تحرير شعب محتل ولكن أيضا على مستوى كون القضية الفلسطينية هي قضية عابرة للشعوب والأديان وهي قضية تحرير هذا الشباب الغربي نفسه من سيطرة وتضليل الرأسمال العالمي وآلياته المختلفة والتي عملت منذ أجيال على إنتاج سرديات تحريفية وصور نمطية غير واقعية وكذا إنتاج معرفة مضللة عن الآخر.
وفي هذا السياق فإنه حتى على المستوى المادي الصرف هناك فئة من الشباب الرافض لتمويل الحروب والنزاعات على ظهر دافعي الضرائب في أمريكا وغيرها من الدول الغربية.
رفض المفهوم الليبرالي المتوحش في إدارة المؤسسات الأكاديمية: التي تسمح لرأسمال الشركات الكبرى بالتغلغل في كافة مفاصل هذه المؤسسات والتحكم المطلق في مدخلات ومخرجات التعليم الأكاديمي والذي يجب أن لا يشذ عن الأطر العامة لليبرالية على مستوى القيم والتصورات نحو إنتاج نخب موالية ومدافعة عن النظام الرأسمالي العالمي.
سقوط أقنعة الحرب الناعمة: لقد كشف الحراك الطلابي في أمريكا عن مدى هشاشة الآلة الدعائية والإعلامية الأمريكية بالرغم من ضخامتها وتعدد أساليبها وحجم إمكانياتها المالية، مما يطرح سؤال جدوى آليات الحرب الناعمة في التأثير المستمر على الشعب الأمريكي خاصة الأجيال الشابة منها، فمع بروز ما يسمى بالإعلام البديل وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من التقنيات الالكترونية أضحت السردية الغربية ومنظورها للعالم في مهب الريح ومحل نقد شديد من قبل الحراك الطلابي.
انكشاف شعارات احترام الحقوق والحريات العامة: فكما كشفت حرب غزة عن مدى نفاق المجتمع الغربي الرسمي وتوظيفه لقضايا ومآسي الشعوب في ما يخدم مصالحه بمعزل عن أي أطار قانوني أو حقوقي أو إنساني فإن الحراك الطلابي في أمريكا أبان الهوة الساحقة بين شعارات احترام الحقوق والحريات العامة وعلى رأسها حرية التعبير وبين واقع القمع والعنف والطرد والحرمان من الحقوق الجامعية وعسكرة الجامعات وفصل ومحاكمة أساتذة الجامعات والاعتقالات، الذي قوبل به هذا الحراك، وبشكل لا يختلف ع ما تفعله أعتى الدول الديكتاتورية الذي طالما انتقدته الولايات المتحدة الأمريكية !!
تعدد خلفيات الحراك الطلابي: إن السمة الأساسية للحراك الطلابي المتضامن مع فلسطين هو تعدد خلفيات المشاركين فيه خاصة المشاركة الفعالة للطلبة اليهود في هذه الفعاليات والرافضين لجرائم الإبادة في فلسطين بغض النظر عن مرتكبيه، مما يعري تماما تهمة “معاداة السامية” التي يتم توظيفها فقط لتكميم الأفواه والتضييق على حرية التعبير وتصفية الحسابات مع معارضي الطرح الإمبريالي، فليس من المعقول أن يعادي الطلبة اليهود أنفسهم!
انطلاقا من الدلالات الآنفة الذكر يمكن التوصل إلى كون الحراك الطلابي الغربي المساند للقضية الفلسطينية والمندد بالجرائم المرتكبة في غزة هو تضامن مع فسطين القضية ومع الإنسان الغربي نفسه الرازح تحت نير ديكتاتورية الرأسمالية العالمية، مما ستكون له تداعيات خطيرة وإستراتيجية على البناء السردي والقيمي وعلى النسيج النخبوي في أمريكا والغرب عموما كما سيشكل ضربة قوية لقناع الوهم والزيف الذي تختفي وراءه الرأسمالية العالمية وتوظفه في السيطرة والتدمير والنهب وتخريب القيم الأصيلة للإنسان بما هو إنسان.
آثار فكرية
وكما أن “مدرسة فرانكفورت” مثلا قد خرجت من رحم تناقضات النظام الرأسمالي ووجهت له نقدا لاذعا لما أنتجه من حروب وكوارث وفظاعات تجسدت في الحروب العالمية، فإن الحراك الطلابي في أمريكا لا بد أن يتمخض عن “مدرسة جامعة كولومبيا” الرافضة للأطروحة الفكرية والبناء القيمي النظري والعملي للرأسمال العالمي.
ومن جهة أخرى فإنه من المؤكد أن ما بعد الحراك الطلابي الأمريكي ليس كما قبله، شأنه في ذلك شأن الحرب على غزة والحرب في أوكرانيا وغيرها من الأحداث المفصلية التي لا شك ستترك تأثيراتها الواضحة على بنية النظام الدولي قاطبة.
كاتب مغربي
ثورة طلاب الجامعات مستمرة الى ان تتحرر امربكا من سيطرة و استعمار قوانين نتنياهو التي تكبل الشعب الامريكي ،، و انها لثورة حتى النصر
أحسنت
الهجوم على غزة والإبادة التي ارتكبها (اكثر جيوش العالم أخلاقية)، والتي تسببت حتى الآن في مقتل أكثر من 35.000 واصابة أكثر من 100.000 وتدمير أكثر من 75% من غزة، لم تفجر الجامعات الأمريكية فقط، بل فجرت مشاعر الجماد والحجر والشجر والبشر ما عدا الحكام العرب
ان هؤلاء الطلبة ذوي الفطرة السليمة عندما يدخلونا العمل في المؤسسات الحكومية فإن أكثر شيئ سيتفكرونه هو فساد حكومتهم واجرام دولة الاحتلال وهذا كاف للقول ان أمريكا انتهت كامبراطورية وسبب سقوطها انكشاف زيف المبادئ التي روجتها وتزوجها للعالم