«قسد» تتقدم شرقي الفرات وسط دفاع تنظيم «الدولة» عن معقله الأخير

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: بوتيرة متسارعة، تتقدم قوات سوريا الديمقراطية «قسد» شرقي محافظة دير الزور على الحدود السورية – العراقية، على حساب تنظيم الدولة، وسط اشتباكات عنيفة وقصف متبادل بين الطرفين، باسناد من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، حيث تمكنت القوات المهاجمة من انتزاع مساحات إضافية داخل مدينة هجين حيث سيطرت امس الاحد على مشفى المدينة.
وبالرغم من تعزيز «قسد» أذرعها البرية شرقي سوريا، قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، إن واشنطن تعمل مع قوات سوريا الديمقراطية «بشكل مؤقت وتكتيكي»، لافتاً إلى أن بلاده تؤكد ان عملها مع «قسد»، ضد تنظيم الدولة، عمل ذو طبيعة تكتيكية، في حين يرى مراقبون ان واشنطن تتعامل مع حلفائها الأعداء، وفق حدود الممكنات والشروط السياسية التي لا تسمح بإحداث حالة من التصادم مع أي طرف منهم، حريصة إلى تطمين أنقرة عبر إحداث تقدم بطيء في اتفاق منبج.
وقال ريدور خليل، القيادي في «قسد»: «تدور معارك ضارية داخل بلدة هجين بعدما تقدمت قواتنا وباتت تسيطر على بعض أحيائها»، مؤكداً أن: «العمليات العسكرية مستمرة بوتيرة عالية»، كما نقلت وكالة «فرانس برس».
وأكدت شبكة اخبار «دير الزور 24» المحلية، أن قوات «قسد» تقدمت في مدينة هجين شرقي دير الزور، وسيطرت على المشفى، بعد اشتباكات عنيفة مع عناصر تنظيم الدولة، وذلك بعد فرض سيطرتها على حي (الحوامة) في اعقاب معارك استمرت لأيام تحت غطاء التحالف الدولي الذي قصف المنطقة بعشرات الغارات الجوية.
وفي معركة الوجود هذه، يستميت تنظيم الدولة في الدفاع عن معقله الأخير على ضفاف الفرات الشرقية، وتدعيم مواقع قواته، حيث استقدم تعزيزات عسكرية جديدة، إلى «هجين» ومحيطها، بريف دير الزور الشرقي، بعد التقدم الذي حققته «قسد» داخل المدينة وسط محاولته منع الأخيرة من تثبيت النقاط التي تقدمت اليها عبر تفجير الألغام المزروعة، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ان عمليات القصف المدفعي والصاروخي من قبل «قسد» طالت مناطق في بلدة هجين والجيب الخاضع لسيطرة تنظيم «الدولة» شرقي نهر الفرات، بالتزامن مع تحليق للطائرات الحربية التابعة للتحالف الدولي واستهدافها مواقع التنظيم وسط محاولات كل طرف التقدم على حساب الآخر، مشيراً إلى ان الألغام المزروعة حالت دون تمكن «قسد» من تثبيت سيطرتها في المناطق التي كانت تقدمت إليها.

المبعوث الأمريكي: نعمل مع القوات الكردية بشكل مؤقت وتكتيكي

وارتفعت خلال المعارك خسائر تنظيم الدولة إلى 854 عنصراً، ضمنهم 6 انتحاريين على الأقل، فيما بلغت خسائر «قسد» 512 قضوا في الاشتباكات ذاتها، منذ العاشر من أيلول / سبتمبر من العام الجاري، في حين قتل عشرات المدنيين في مجارز ارتكبتها قوات التحالف في سياق سياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها، ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ارتكاب طائرات التحالف الدولي 6 مجازر خلال الشهر الماضي، في مدينة «هجين» وحدها، ادلت إلى مقتل 73 مدنياً بينهم 29 طفلاً و17 امرأة.
وتفاقمت في الفترة الأخيرة حصيلة المجازر لغارات التحالف الدولي المكثفة على آخر جيوب تنظيم الدولة في دير الزور، وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير سابق لها، إن قوات التحالف لم تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين، إذ تنص المادة 23 من اتفاقية لاهاي على أنه «عند توجيه ضربات ضد أهداف عسكرية يجب الحرص على ألا تتخطى الأضرار الجانبية المتوقعة الفائدة العسكرية المرتقبة».
وفي الطرف المقابل قالت وكالة «أعماق» الذراع الإعلامية لتنظيم الدولة، إن مقاتليها استهدفوا مجموعة تابعة لقوات «قسد» «بصاروخ موجه، في قرية البحرة شرق بلدة هجين، ما أسفر عن مقتل وإصابة خمسة منهم، إضافة لتدمير آلية رباعية الدفع في بلدة الشعفة».
وتناور واشنطن في ساحة معقدة، حيث تعتبر التنظيم الانفصالي المتمثل بقوات «قسد» – الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، المصنف على قوائم الإرهاب في حلف شمال الأطلسي الناتو – ورقة رابحة يمكن التعويل عليها، في حين تصرح عكس ذلك، لضمان تأييد حليفها المحلي والدولي.
ووفقاً لـ «الأناضول»، أكد جيفري للصحافيين عقب اجتماع فريق العمل المشترك الثالث التركي- الأمريكي، في العاصمة التركية أنقرة، امس الاحد، أن الولايات المتحدة تجري تدقيقا أمنيا من خلال وفائها بالتزامها حول مغادرة عناصر تنظيم وحدات حماية الشعب الكردية (التي تشكل قوام «قسد»)، المتواجدين بمنبج، وعدم تواجدهم ضمن المجالس المحلية والموظفين العسكريين المحليين في المدينة. ويرى مراقبون ان واشنطن تمسك العصى من المنتصف، وتتعامل وفق حدود الممكنات والشروط السياسية التي لا تسمح بإحداث حالة من التصادم مع أي طرف من الحلفاء.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية