قطر تؤكد على حكم سكان غزة لأنفسهم من دون إملاءات خارجية وتتابع تنفيذ اتفاق وقف القتال

سليمان حاج إبراهيم
حجم الخط
2

الدوحة ـ «القدس العربي»: تواصل قطر متابعة تنفيذ اتفاق وقف القتال الذي أعلن التوصل إليه رسمياً الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من العاصمة الدوحة وشرع في تنفيذ مراحله، حيث تبقى استكمال كل المراحل حتى ضمان عودة الاستقرار للقطاع المحاصر. وحتى الآن تحاول قطر إلى جانب الوسطاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية والقاهرة، التأهب لاستكمال المراحل المتضمنة في صفقة وقف إطلاق النار، وضمان عدم تعريضها لأي مطب بسبب مناورات ساسة تل أبيب الذين تزداد عليهم الضغوط من قبل المتطرفين. وتتابع الدبلوماسية القطرية عن قرب تفاصيل ما يجري في قطاع غزة، ومسارات تنفيذ خطوات التهدئة وتلافي أي خطر ينسف الجهود المبذولة لضمان الاستقرار حتى الوصول لمرحلة إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة.
وتزامناً ومتابعة قطر تنفيذ تفاصيل اتفاق وقف القتال، تطرح حالياً مسألة حكم غزة وإدارة شؤون القطاع، وهو تحد يعد ركيزة أساسية لتثبيت الاتفاق. ومؤخراً صرح الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري من دافوس، أنه ينبغي لسكان غزة، وليس أي بلد آخر، أن يملوا الطريقة التي سيحكم بها القطاع. وأضاف أن الدوحة تأمل أن ترى السلطة الفلسطينية تعود إلى غزة وحكومة تعالج حقا قضايا الناس. وتدرك قطر أنه ما يزال أمام الوسطاء طريق طويل لقطعه مع قطاع غزة والدمار الذي لحق به. وتأمل قطر أن يمثل اتفاق وقف إطلاق النار خطوة أولى نحو الاستقرار في المنطقة، مع إدراكها أن ذلك لا يتحقق إلا بالتزام الأطراف بالاتفاق.
وتعمل الدبلوماسية القطرية على مدار الساعة، وتواصل جهودها حتى ضمان تقدم الاتفاق المعلن عنه من الدوحة نحو مرحلته الثانية، ثم وقف دائم لإطلاق النار يساعد في تسوية شاملة للصراع الذي دام عقوداً.
وتتطلع الدبلوماسية القطرية بنوع من التفاؤل مع متابعة ما يجري في غزة، بدخول الاتفاق حيز التنفيذ، وبدء تدفق المساعدات للقطاع وعودة الرهائن والمحتجزين، بعد مفاوضات استمرت 15 شهراً لحلحلة صراع معقد للغاية.
وتشدد الدبلوماسية القطرية في سياق حرصها على استكمال مسار الوساطة حتى تحقيق أهدافها كاملة، على ضرورة التزام طرفي الصراع بتنفيذ الاتفاق من أجل التوصل لنتائج إيجابية. وحتى الآن يتمثل دور قطر الوسيط، أنها والشركاء في المسار، ضامنين لتنفيذ كل بنود الاتفاق حسبما تم الاتفاق عليه، لكن الأهم هو أن يلتزم طرفا الصراع بالاتفاق. وتعتبر قطر أنه فيما يتعلق بمستقبل القطاع، فإن مشاركة السلطة الفلسطينية في إعادة إعمار غزة، وتشكيل حكومة فلسطينية تعالج بواقعية قضايا الشعب الفلسطيني والكارثة الحقيقية التي خلفتها الـ15 شهرا الماضية، مع التأكيد أن هذا الأمر يخص الفلسطينيين وحدهم، ولا يمكن لأي بلد أن يملي شروطا على الشعب الفلسطيني. ويتابع الوسطاء ما يجري أيضاً في تل أبيب، وهنا يكمن دور الولايات المتحدة وتحديداً الإدارة الجديدة في البيت الأبيض التي تلتزم حسب دونالد ترامب على تسكير الملف. ويضغط البيت الأبيض على حكومة أركان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتفادي أي تفجير للوضع، أو خلق حالة فوضى من شأنها نسف اتفاق وقف القتال. وحتى الآن يتخوف ساسة تل أبيب من إثارة حفيظة العائد الجديد للبيت الأبيض أي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي يضغط لإنهاء كل الصراعات التي جرت في عهد سلفه جو بايدن، حتى لا يرث تبعات تلك الأحداث. ويلزم بنيامين نتنياهو بالسير على مسار الاتفاق، مخافة فتح جبهة خلاف مع الرئيس الأمريكي الجديد، وعدم إثارة حفيظته بمناورة تجعله يتعرض للضغط من أقوى حليف لبلاده.

تصفير مشاكل المنطقة

تعتبر قطر أن خطوة وقف القتال، ومحاولة غلق ملف الحرب الإسرائيلية على غزة، يسير في سياق محاولات التوصل لحلول سلمية لأزمات منطقة الشرق الأوسط.
وفي منتدى دافوس العالمي أكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، أن التغييرات الإيجابية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط على مدار السنة الماضية يمكن البناء عليها لخلق مستقبل أفضل، وتابع: «شهدنا انتخاب رئيس لبناني ورحيل نظام وحشي في سوريا لطالما قتل وشرد شعبه، كما توصلنا لوقف إطلاق النار في غزة». وترى قطر وجود مجال كبير للتعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب بغية تحقيق الاستقرار في المنطقة. ويأتي التأكيد القطري على التفاؤل بشأن مستقبل المنطقة، بعد الدور الكبير الذي لعبه ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط الذي أظهر حسب الدوحة شراكة حقيقية وصنع فارقاً كبيراً في المفاوضات.
ويأتي الدور القطري بشأن مستقبل المنطقة، انطلاقاً من تأكيد الرئيس ترامب لجعل الولايات المتحدة أمة عظيمة مجددا، حيث تشدد قطر على ضرورة أن يصبح الشرق الأوسط أيضاً عظيماً مجدداً من خلال قيادات تعمل وتتعاون بغية تسوية صراعاته. وساهمت الوساطة القطرية إلى جانب شركائها في وقف القتال في غزة، في التطلع بنظرة تفاؤل حيال أزمات المنطقة الأخرى. وتؤكد الدوحة أنها تلقت وعوداً طموحة من الإدارة السورية الجديدة حول خططها للانفتاح على كافة أطياف الشعب السوري، مع الأمل أن يساعدهم هذا التوجه في «التغلب على آلام الحرب الأهلية التي دامت 13 عاما والتحول إلى بلد مستقر يسهم بشكل أساسي في استقرار المنطقة بأسرها».
وعبرت قطر عن رضاها حتى الآن عن مستوى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس، وإسرائيل، والثقة في التزام الطرفين بتنفيذه، خصوصاً مع تباشير دخول نحو ألف شاحنة مساعدات إلى القطاع حتى الآن. وهي ترى أن الضمانة الرئيسية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة هي التزام الطرفين بتطبيقه، والداعم الرئيسي لهذه الضمانة هو المراقبة التي تتم من خلال الوسطاء والضغط الدولي لضمان استمرار الاتفاق. وتبدي الدوحة رضاها عن التحركات على الأرض، ومؤشراتها عودة الرهائن والأسرى إلى عائلاتهم، وحالة التهدئة التي تتم، والاستقرار النسبي الذي تشهده المنطقة، وليس فقط قطاع غزة، وهو العامل الأهم لدعم الوصول إلى اتفاق في المرحلة المقبلة.
ومؤخراً كشف الدكتور ماجد الأنصاري المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، أنه أمام الجميع أيام كثيرة تختبر جدية الأطراف. ومع اليوم السادس عشر ستجتمع الأطراف لأول مرة في إطار نقاش المرحلة الثانية، حيث تتابع الدوحة حتى الآن المسار، وتعد كل شيء على الأرض لضمان نجاحه.
وتقوم غرفة العمليات في الدوحة بعملها بشكل كامل لتذليل أي صعوبات قد تواجه الاتفاق، وفي حال وجود أي انطباع حول خرق الاتفاق لدى أي من الطرفين، يتم التواصل مباشرة مع غرفة العمليات التي بدورها تتواصل مع الطرف الآخر لحلحلة المسألة، بحيث لا تكون هناك أي تداعيات لمثل هذه الأمور.
وسيتم التبادل الثاني للأسرى والرهائن، كما في الاتفاق، والذي سيليه تسهيل الحركة من جنوبي القطاع إلى شماله، والأمور لا تزال تسير في مجرياتها الطبيعية، والفرق الآن تعمل بالتواصل مع الطرفين لتبادل القوائم وتأكيدها لضمان تنفيذ التبادل في وقته بنهاية الأسبوع الجاري.
وذكر الدكتور الأنصاري أن هناك الكثير من التفاصيل التنفيذية المتعلقة بتبادل السجناء والرهائن، وقال: «ليس مستغربا حدوث تأخير في تبادل القوائم، وبعض التباين في فهم المعلومات التي وصلت. هذا الأمر واجهناه عند الإعلان عن الصفقة الأولى، ونواجهه الآن، لكن الآليات الموضوعة من خلال غرفة العمليات، ولغة الاتفاق نفسه، تضمن ألا تصل الأمور إلى مرحلة تؤثر على الاتفاق».
وكشفت الدوحة أنه «على الرغم من التأخير الذي حدث في بداية وقف إطلاق النار، والتسليم والإفراج عن الأشقاء الفلسطينيين، ما زالت الأمور تمضي بشكل إيجابي بين الطرفين، حسب ما هو متفق عليه، وبالنسبة لنا كوسطاء نرى ذلك إيجابيا، ولا نرى حاليا سببا للشك في الإجراءات».
وتشدد قطر على أهمية دعم المجتمع الدولي لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث تعمل مع شركائها الإقليميين والدوليين لتعزيز الزخم خلف الاتفاق وضمان استدامته.

إشادة أممية

الدور الذي لعبته قطر في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وإدارة دفة الوساطة مع الشركاء، وإتاحة الفرصة للفرق الفنية للعمل حتى تحقيق اختراق في المسار، كان محل إشادة دولية واسعة.
حيث أشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالجهود الدبلوماسية التي بذلتها قطر والولايات المتحدة وساهمت في التوصل إلى هدنة في قطاع غزة بعد 15 شهراً من الحرب. وجاء تصريح غوتيريش في منتدى دافوس مبرزاً إسهام الجهود الدبلوماسية في التوصل للاتفاق.
لكن الأمم المتحدة تحذر من خطر ضم إسرائيل الضفة الغربية المحتلة، في ظل الوضع المضطرب السائد، مع تأثير ذلك على مستقبل العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتهديد الاستقرار الهش في غزة.
وتنفست شعوب المنطقة الصعداء أخيرا، مع التمني أن لا تكون هناك رغبة من أي طرف العودة إلى القتال. حيث يدرك الجميع ما كان لهذه الحرب من أثر إنساني أضخم على شعوب المنطقة بشكل عام، وعلى شعب غزة بشكل خاص.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    الله أكبر الله أكبر الله أكبر على أحرار قطر العزة والكرامة ونصرة المستضعفين في الأرض، بارك الله في قطر وأميرها العزيز على قلوب كل الشعوب العربية والإسلامية وخاصة قلوب الفلسطينيين ✌️🇵🇸😃🤲

  2. يقول فصل الخطاب:

    ممتاز جدا والله أحسنتم واصلوا يا أحرار قطر العزة والكرامة والشهامة ونصرة المستضعفين في الأرض ونجدة أطفال ونساء غزة الذين ظلوا 15 شهرا تحت القصف المتواصل المسعور من قبل جيش البامبرز الصهيوني الأمريكي الغربي النازي الفاشي الدموي المجرم الذي يبيد البشر والحجر في فلسطين منذ 1948 ✌️🇵🇸😃👋👋👋

اشترك في قائمتنا البريدية