قطر تطوي سنة مليئة بالتحديات والإنجازات 

سليمان حاج إبراهيم
حجم الخط
0

أظهرت السنوات الثلاث الماضية، نجاح قطر في تعزيز أوراق القوة التي ساعدتها على تخطي الحصار والتمسك برؤيتها لحل الأزمة عبر حوار مباشر بين الأطراف المعنية.

 

الدوحة ـ”القدس العربي”: تمضي قطر بثقة نحو المستقبل، متجاوزة بإصرار وعزيمة، أخطر أزمتين: الحصار، وجائحة كورونا، وتستكمل استعداداتها لمونديال 2022 وتترقب تنظيم آسياد 2030 متسلحة بمؤشرات اقتصادية إيجابية، حققتها في الفترة الأخيرة، من دون أن تتراجع عن مساعداتها الخارجية، ضمن تعهداتها في دعم الاستقرار في المنطقة، ونصرة القضايا العادلة.

سياسياً، كانت الدوحة حاضرة في المحافل الدولية، وأصبحت شريكاً استراتيجياً موثوقاً، وطرفاً فاعلاً في حل الأزمات الدولية. ووقعت مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة، لإنشاء “مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب” يكون مقره الدوحة، والذي يأتي تأكيداً لثقة المجتمع الدولي في الجهود التي تبذلها لمكافحة الإرهاب، ومعالجة جذوره وأسبابه. وتضم الدوحة مقرات عدد من المظمات الأممية والإقليمية، وهي نتيجة لجهودها في العمل الدبلوماسي.

تنظيم انتخابات مجلس الشورى

يعد إعلان الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، عزم بلاده إجراء أول انتخابات لمجلس الشورى في تشرين الأول/اكتوبر المقبل، الحدث الأبرز خلال السنة الماضية. وباشرت السلطات الاستعدادات اللازمة لتنفيذ الاستحقاق. وأكد أمير قطر أن بلاده “تقوم بخطوة مهمة في تعزيز تقاليد الشورى القطرية، وتطوير عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين”. وقال: “لدينا نظامنا الراسخ المتجذر في بنية مجتمعنا والمتداخل معها. ليس تعددية حزبية، بل نظام إمارة مستند إلى تقاليد راسخة من الحكم العادل والرشيد المرتبط بالشعب والمبايعة وعلاقات الولاء”.

مكاسب اقتصادية

أعلن صندوق النقد الدولي في بيان، أن الناتج المحلي الإجمالي لقطر سينمو بنسبة 2.7 في المئة عام 2021 بعد انكماش بنسبة 2.5 في المئة شهده الناتج المحلي هذا العام. وقال الصندوق في بيانه إن استجابة السياسات القوية للسلطات القطرية أسهمت في التخفيف من التداعيات الصحية والاقتصادية لفيروس كورونا.

وأضاف أن تنفيذ تدابير الاحتواء في الحد من الأثر الصحي لوباء كورونا سمح للبلاد باستئناف جميع الأنشطة الاقتصادية، مشيراً إلى أن دولة قطر قدمت إغاثة طبية ومالية من الوباء إلى العديد من البلدان الأخرى حول العالم. وتابع: “تركزت استجابة السياسة حول حزمة بقيمة 75 مليار ريال قطري (20.5 مليار دولار) لدعم الاقتصاد”. وبين أن هذا الانتعاش “سيكون مدعوماً بزيادة إنتاج الغاز وانتعاش الطلب المحلي”. ووفقاً لأحدث مؤشرات السلامة المالية ما يزال القطاع المصرفي يتمتع بسيولة ورأس مال جيد، في حين أن وقف سداد القروض يوفر فرصة للبنوك والشركات للتكيف مع البيئة الجديدة.

يشار إلى أن قطر تتصدر قائمة صندوق النقد الدولي لأسرع الاقتصادات الخليجية نمواً في العام المقبل وهو الموعد المرجّح لانتهاء جائحة كورونا.

تجاوز تبعات الحصار

أظهرت السنوات الثلاث الماضية، نجاح قطر في تعزيز أوراق القوة التي ساعدتها على تخطي الحصار والتمسك برؤيتها لحل الأزمة عبر حوار مباشر بين الأطراف المعنية. وفي الوقت نفسه سعت الدوحة لتعزيز علاقاتها الخارجية، خصوصاً مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وشراكتها مع تركيا، إضافة إلى تمكّنها من تحقيق اكتفاء اقتصادي داخلي، وهو ما ظهر خلال أزمة كورونا إذ استطاعت الدوحة استيعاب الأعداد الكبيرة من المصابين بسبب جهوزية منظومتها الصحية وبنيتها التحتية.

وكانت الأزمة دافعاً قوياً للدوحة لتنطلق في تعزيز أمنها الاقتصادي والسياسي وتطلق خطط مستقبلية لتسجيل حضورها في الساحتين الإقليمية والدولية.

وأطلقت الشركة القطرية لإدارة الموانئ خمسة خطوط ملاحية مباشرة بين ميناء حمد الذي يعد بوابة قطر الرئيسية للتجارة مع العالم، وعدد من الموانئ في المنطقة وخارجها. وساهمت في الخطوة في ضمان عدم تأثر حركة السفن والملاحة البحرية والشحن في الدولة بالحصار وإجراءاته، من إغلاق للمنافذ البحرية والجوية والبرية. وكان أول خط مباشر يربط ميناء حمد مع ميناء صحار وآخر بميناء صلالة بسلطنة عُمان، ودشنت كذلك خطا مباشرا مع الهند عبر ميناء نافا شيفا بالهند وأيضا خطا يربط ميناء حمد بمدينة أزمير التركية وكذلك خطا ملاحيا أسبوعيا جديدا مباشرا يربط بين ميناء حمد بالدوحة وكراتشي في باكستان. حيث وصلت هذه الخطوط الملاحية بعد عام من الحصار إلى 23 خطا بين ميناء حمد وأغلب الدول التي تربطها علاقات تجارية مع قطر.

وعملت قطر على إعادة صياغة استراتيجية الأمن الغذائي بما يتماشى مع الوضع الحالي والاعتماد على الذات والسعي للاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية، والعمل على تنويع مصادر الاستيراد.

وتمكنت الدوحة في وقت وجيز من تجاوز معظم آثار الحصار، وتحويل تداعياته إلى إيجابيات ومكاسب. حيث أن الأزمة جعلتها أقوى، واكسبتها ود وتعاطف معظم دول العالم.

انتصارات

تمكنت قطر خلال السنة من تسجيل انتصارات دولية، حيث أن معركتها في محكمة العدل الدولية انتهت لصالحها ضد دول الحصار. وأقرت المحكمة باختصاص مجلس منظمة الطيران المدني الدولي “الإكاو” في الفض في الشكوى التي قدمتها الدوحة حول الإجراءات المتخذة ضدها.

وبناء على الحكمين الصادرين عن محكمة العدل الدولية التي انعقدت في لاهاي، من المقرر أن يستأنف مجلس منظمة الطيران المدني الدولي، إجراءات فض النزاع في الشكوى التي تتعلق بالإجراءات التي انتهجتها أبو ظبي والرياض والمنامة والقاهرة ضد قطر.

ورفض قضاة المحكمة بالإجماع الحجج التي قدمتها الدول الأربع إلى مجلس الإكاو بعدم الاختصاص في الملف. وجاء الانتصار في أعقاب حكم صادر عن منظمة التجارة العالمية، والذي أقرّ بأن السعودية قد خالفت التزاماتها بموجب اتفاقية المنظمة المعنية بجوانب حقوق الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة (اتفاقية تربس) من خلال رفضها اتخاذ إجراءات ضد القرصنة المعقّدة التي قامت بها قناة بي آوت كيو، وقيامها فوق ذلك بدعم وتشجيع هذه القرصنة.

وزاصلت الدوحة جهودها في مجال العمل الإنساني، وقدمت المزيد من المساعدات لعدد من الدول، وفي مناطق منكوبة. وأكد علي شريف العمادي وزير المالية، أن بلاده تمكنت خلال السنوات الماضية من توسيع مساعداتها الخارجية، جغرافياً وقطاعياً؛ حيث أخذت هذه المساعدات عدة أشكال، منها مساهمات وهبات أو منح مادية أو عينية أو فنية أو قروض ميسرة غالباً ما يتم شطبها.

وكان النصيب الأكبر من المساعدات في المجال الإنساني، وقطاع الإغاثة الذي شهد تضاعفاً ملحوظاً اعتباراً من بداية العقد الثاني من الألفية، في ظل الكوارث الطبيعية وتلك الكوارث التي هي من صنع البشر.

ولفت وزير المالية إلى أن حجم المساعدات المقدمة من قطر قد تجاوز نسبة المساعدات الإنمائية الرسمية المقررة على دول الشمال متقدمة النمو؛ حيث ناهزت المساعدات القطرية الخارجية -حكومية وغير حكومية- ملياري دولار سنوياً في المتوسط. وتؤكد الدوحة أنها ستظل منبراً عنوانه التعاون بين جميع الدول والأطراف المؤمنة بأهمية “العمل المشترك لمواجهة التحديات التي تواجهنا وتتأثر بها الأسرة الدولية كافة”.

مواقف

تميزت قطر، في مساهماتها الكبيرة في مجال الوساطة، انطلاقاً من إيمانها الراسخ بحل المنازعات بالطرق السلمية. وتمكنت جهود وساطتها، فيما يتعلق بأفغانستان، من الوصول إلى توقيع اتفاق السلام التاريخي بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، في الدوحة، في 29 شباط/فبراير، وأيضاً إنجاح عملية تبادل الأسرى بين حكومة أفغانستان وحركة طالبان، التي مهدت لعقد مفاوضات السلام الأفغانية-الأفغانية التي تستضيفها الدوحة حاليا. كما سجلت قطر بالتعاون مع الأصدقاء، نجاحاً بارزاً وهي تبعد شبح الحرب عن الخليج وتتمكن من تهدئة التوتر والتصعيد الذي شهدته المنطقة بسبب المواجهة بين أمريكا وإيران على خلفية مقتل قاسم سليماني. كل هذه الإنجازات جعلت من قطر دولة ذات تأثير كبير في محيطها الإقليمي وكذلك الدولي.

وجددت الدوحة التأكيد في عدد من المناسبات وقوفها إلى جانب القضايا العادلة، خصوصاً في سورياً، واليمن، وليبيا.

الدوحة عاصمة الرياضة عالمياً

تمضي العاصمة القطرية الدوحة لتسجل اسمها عاصمة للرياضة العالمية، ورائدة تنظيم البطولات والمنافسات الدولية والقارية، بعد نيلها فرصة استضافة الألعاب الآسيوية سنة 2030.

وأعلنت من العاصمة العُمانية مسقط نتائج تصويت الجمعية العمومية للمجلس الأولمبي الآسيوي، والتي استقرت على منح الدوحة حق استضافة الألعاب الآسيوية الـ21 “آسياد 2030” التي تقام مرة كل 4 سنوات. واستبشر القطريون والمقيمون بهذا الإنجاز الجديد الذي يضاف لرصيد الدوحة التي تعد الأسابيع قبيل إطلاق شارة انطلاق منافسات كأس العالم لكرة القدم والتي تستضيفها لأول مرة دولة عربية وشرق أوسطية عام 2022. وتعهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر بتنظيم بلاده نسخة مميزة من الألعاب الآسيوية واعتبرها نقلة نوعية وتجسيداً لرسالة الدوحة الرياضية كوسيلة لتعزيز التواصل والتفاهم الإنساني والثقافي. وحصلت قطر على حق استضافة الحدث أمام السعودية التي حلت في المركز الثاني، وهو ما أهلها لتنظيم النسخة الموالية 2034.

ولفت الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني رئيس اللجنة الأولمبية وشقيق أمير قطر، الأنظار بترحيبه بوفد “الرياض 2030” ووزير الرياضة السعودي رد التحية، وخلقت المبادرة لفتة إيجابية في التجمع الآسيوي.

تصريحات

“أكدت للأخ الرئيس أبو مازن خلال لقائنا على موقف قطر الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، والمؤيد لتحقيق السلام على أساس المبادرة العربية وحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية. كما أكدت على أهمية وحدة الصف الفلسطيني”.

الشيخ تميم بن حمد آل ثاني

أمير قطر

“خطاب الإسلاموفوبيا يقلقنا ويجب الوقوف بحزم أمامه، كما يقف العالم أمام أشكال الخطاب العنصري. النظرة الموضوعية للتطرف العنيف تؤكد أنه لا يمت بصلة لأي دين، ونبي الإسلام ليس رمزاً للتطرف”

 الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني

نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية