قطر تمضي نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية متجاوزة ضغوط دول الحصار

سليمان حاج إبراهيم
حجم الخط
0

الدوحة –”القدس العربي”: تطوي قطر بانتهاء سنة 2018 تبعات الأزمة الخليجية المفتعلة، من دول الحصار الأربع، وتمضي قدما نحو مستقبلها بخطى ثابتة، رهانها تحقيق أهداف رؤيتها الوطنية 2030 التي أنجزت معظمها في ظرف قياسي، وهاجس قيادتها الرئيسي تعزيز ظروف عيش سكانها، وتحقيق التلاحم بين مواطنيها ومقيميها.

سنة التحديات، العنوان الأبرز للعام الذي سجلت فيه الدوحة، نتائج طيبة اقتصاديا، وسياسيا، واجتماعيا، ودبلوماسيا، باعتماد سلسلة قرارات كان لها وقع إيجابي، وساهمت في رفع نسب نموها، مما أهلها لاحتلال مراتب متقدمة في عدد من التصنيفات الدولية المعتمدة، لمؤشرات التنمية.

ودعت قطر تبعات الأزمة الخليجية التي افتعلتها جاراتها الثلاث، السعودية والإمارات والبحرين، ومعها حليفتهم مصر، واعتبرتها شيئا من الماضي، لتخلفها وراء ظهرها، ملتفتة قدما نحو تحقيق رؤيتها 2030 بعيدا عن أي ضغط أو وصاية حاول الرباعي فرضها عليها.

وصبت تصريحات المسؤولين القطريين جميعها في خانة أن الخصومة المفتعلة من قبل العواصم الأربع، لن تثنيها عن تحقيق تطلعاتها الاستراتيجية.

القيادة القطرية تؤكد صراحة، أنها لم تصد أبواب الحوار البناء والجاد، لكن بعيدا عن أي ضغط، ومن دون شروط مسبقة تحاول الرياض وأبو ظبي استباق مسار المفاوضات لحلحلة الأزمة التي دخلت عامها الثاني.

الإصرار القطري على تجاوز ضغوط وإملاءات جيرانها وأشقائها، انعكس إيجابا على بيئتها المحلية، وترجمته بعدد من أبرز القوانين والقرارات التي تهدف لتوفير سبل الحياة الكريمة لمواطنيها ومقيميها على حد سواء القوانين المتعلقة بالعمالة الأجنبية.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أصدر خلال العام القانون رقم 13 الذي يعدل أحكام قانون تنظيم دخول وخروج الوافدين.

وبموجب القانون الجديد الذي كان محل ترحيب داخلي وخارجي، فقد تم تعديل المادة السابعة من القانون رقم 21 لعام 2015 بما يتيح للوافد الحق في الخروج المؤقت أو المغادرة النهائية للبلاد خلال سريان عقد العمل، وهو ما يعني إلغاء ما كان يسمى سابقا مأذونية الخروج.

وسريعا رحبت منظمة العمل الدولية بتعديل القانون المذكور، معتبرة إياه “خطوة ملموسة” لتحسين أوضاع الوافدين للعمل في قطر.

كما أصدر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قانونا بشأن منح الإقامة الدائمة، بعدما أقر مشروعه مجلس الشورى في أيار/مايو الماضي.

القانون يقضي بإمكانية منح الإقامة الدائمة لغير القطريين، وفق شروط محددة، من أهمها أن يكون ممن أدوا خدمات جليلة للدولة، أو من ذوي الكفاءات الخاصة التي تحتاج إليها.

كما أجاز بقرار من وزير الداخلية منح تلك البطاقة لأبناء وزوج القطرية المتزوجة من رجل من جنسية أخرى.

وتمنح بطاقة الإقامة الدائمة حامليها عددا من الامتيازات تتمثل في معاملتهم معاملة القطريين في التعليم والرعاية الصحية في المؤسسات الحكومية. كما تمنحهم الأولوية في التعيين بعد القطريين في الوظائف العامة العسكرية والمدنية.

أهمية القانون أنه يتيح لحامل البطاقة الدائمة الحق في التملك العقاري، وممارسة بعض الأنشطة التجارية دون شريك قطري، وذلك وفقا للقرارات التنفيذية التي سيصدرها مجلس الوزراء وفقا لأحكام هذا القانون.

رؤية الدولة 2030

الاقتصاد القطري يواصل أداءه القوي، وتترجمه النسب والأرقام المسجلة خلال الأشهر الماضية مما جعلها تحتل صدارة الترتيب في عدد من القطاعات الواعدة.

وحسب مؤشرات صندوق النقد الدولي فإن الاقتصاد القطري سجل نسب نمو بلغت 2.7 في المئة عام 2018 ويرتقب أن ترتفع بنسبة 2.8 في المئة العام المقبل، ورفع الصندوق من توقعاته الخاصة بالاقتصاد القطري، ما يعكس تطوره ومواصلته الأداء القوي.

وجاءت هذه الأرقام الإيجابية بناء على نتائج واضحة من خطط اعتمدتها الحكومة والقائمة على تحقيق اكتفاء ذاتي، وتحفيز المستثمرين على زيادة مشاريعهم وتطويرها بدعم من الدولة التي تهدف إلى توفير كل سبل انطلاق المشاريع الصغيرة والمتوسطة، جنبا إلى جنب مع الاستثمارات الضخمة في عدد من القطاعات الحيوية.

وفي الشهر الأخير من العام أعلنت القيادة القطرية عن إنجاز أحد أهم مشاريعها الحيوية بتدشين سلسلة خزانات مائية عملاقة تضاعف قدرتها التخزينية وتؤمن تدفق المياه إلى كل القطاعات في كافة أنحاء الدولة. وهو يمثل الركيزة الأساسية في استراتيجية الأمن المائي للدوحة ضمن رؤية 2030.

الانسحاب من أوبك

قرار السلطات القطرية، أعلنه سعد الكعبي، وزير الطاقة، مطلع كانون الأول/ديسمبر 2018، بإعلان انسحاب بلاده من منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” اعتباراً من كانون الثاني/يناير المقبل ولفت الأمر، اهتماما واسعا على المستوى الدولي.

قرار الانسحاب من أوبك بحسب المسؤولين جاء بعد مراجعة قطر سبل تحسين دورها العالمي والتخطيط لاستراتيجية طويلة الأجل.

الدوحة بررت موقفها حسب ما أكده الكعبي، لأسباب قالت إنها فنية واستراتيجية وليست سياسية.

وترى قطر أن من المهم التركيز على السلعة الأولية التي تبيعها، وهي “الغاز الطبيعي”.

القرار الذي توقف مسؤولو الدول وخبرائها عنده مطولا، جاء في وقت حرج تمر به المنظمة التي انضمت لها قطر عام 1961، أي سنة بعد من تأسيس المنظمة.

السلطات القطرية ستراهن مستقبلا على المادة التي تملك منها احتياطا واسعا، وهي من أكبر الموردين في العالم للغاز الطبيعي المسال، وتنتج ما يقرب من 30 في المئة من الغاز الطبيعي في العالم.

ملاعب كأس العالم

المؤشرات الإيجابية التي حققها الاقتصاد القطري، انعكست بشكل مباشر على ملفها المحوري المتمثل في الاستعداد لاستضافة نهائيات كأس العالم.

 الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث، اللجنة المشرفة على تنظيم كأس العالم 2022، القطرية، حسن الذوادي، كشف مؤخرا أن تكلفة ملاعب مونديال قطر 2022 تبلغ نحو 7 مليارات دولار.

وأكد أن جميع الملاعب ستكتمل في عام 2020 أي قبل عامين من انطلاق المونديال، في إنجاز غير مسبوق في تاريخ بطولات كأس العالم لكرة القدم.

المسؤول القطري اعتبر بفخر، أن العد التنازلي للبطولة بدأ وتوقع أن يشهد الحدث الدولي توافد نحو 1.7 مليون مشجع.

الأرقام التي حققتها الدوحة خلال سنة 2018 تدفعها قدما نحو مزيد من النماء العام المقبل، ويمنح قيادتها جرعات تفاؤل لتحقيق خطاها الطموحة بما يحقق رفاه سكانها من مواطنين ومقيمين وهم ملتفون على قيادتهم التي أدارت بنجاح الأزمة المفتعلة قبل فترة من أشقائها وتمضي نحو مستقبلها.

تصريحات

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني

لولا تراجع الالتزام بالمواثيق الدولية وقيم الحوار والتعايش وحقوق الإنسان والاحترام المتبادل لما تفاقمت أزمات منطقتنا وتكاثرت ولما تعمقت تحديات الهجرة واللجوء والفقر والتنمية والإرهاب التي تواجه عالمنا”.

الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية

“منذ سنة من الآن بدأت مرحلة جديدة وبتوجيهات سيدي سمو الأمير، أن قطر بحاجة لكل من يعيش عليها لبناء اقتصادها وحماية أمنها والاجتهاد والإبداع من أجلها. كان نداء الواجب حاضراً لدى كل من يعمل في القطاع العام والخاص من مواطنين ومقيمين فعملوا بجدٍ واجتهاد، وها نحن نجني ثمار عملنا جميعاً”.

وزير الدولة لشؤون الدفاع خالد بن محمد العطية

“أي حل للأزمة يجب أن تسبقه شروط قائمة، على الاعتذار للشعب القطري، ثم رفع الحصار المفروض على قطر منذ الخامس من يونيو 2017، والجلوس إلى طاولة الحوار”.

وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني

“الوضع الحالي لمجلس التعاون الخليجي مؤسف” و “لم نرد بلوغ هذا المستوى من التوتر، والإجراءات التي اتخذت لم تكن ضد الحكومة، وإنما ضد الشعب القطري وهي إجراءات غير مسبوقة”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية