«قمة السيارات» تبحث عن حلول للحفاظ على درة الاقتصاد الألماني

حجم الخط
0

ناقش وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك مع المعنيين بصناعة السيارات في «قمة السيارات» الرقمية وسائل دعم قطاع صناعة السيارات: مكافآت شراء أم مكافآت تخريد أم من خلال خفض القيمة الحدية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
لم يَعِدْ وزير الاقتصاد الألماني الاتحادي روبرت هابيك باتخاذ تدابير فردية، بل لقد قلل منذ البداية من أهمية القمة،مؤكداً أنه دائم التواصل مع المعنيين بصناعة السيارات.
وفي قمة السيارات الافتراضية كان السؤال الكبير المطروح هو إن كان يجب على السياسة في ألمانيا مساعدة شركات صناعة السيارات وكيف يجب عليها فعل ذلك.
لقد بات الوضع في هذه الصناعة الرئيسية بألمانيا على المحك منذ مطلع هذا العام. وانخفضت مبيعات السيارات الكهربائية بمقدار الثلث. وهذا يمثِّل بالنسبة لبعض المنتجين مشكلة؛ إذ أنَّ قانونا جديدا خاصا بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون سيدخل حيِّز التنفيذ في الاتحاد الأوروبي في عام 2025.
وجرى في القمة الاتفاق على موضوعات مختلفة، من بينها كيفية التعامل مع الصين. وقد حمَّل مُصنِّعو السيارات الألمان المسؤولية عن تراجع قدراتهم التنافسية أمام السيارات الكهربائية القادمة من الصين، والتي تبقى أسعارها منخفضة من خلال الدعم الحكومي الصيني.
وتم التخطيط في الاتحاد الأوروبي لفرض تعرفات جمركية عقابية على واردات السيارات الكهربائية من الصين. ولكن هذه العقوبات ليست في مصلحة المشاركين في قمة السيارات. فهم يخشون من أن تقوم الصين في المقابل بزيادة الرسوم الجمركية على السيارات الألمانية.
كما أعلن هابيك أن الساسة والمعنيين بصناعة السيارات متفقين على ضرورة توسيع بنية الشحن التحتية.
وكذلك طُرحت من جديد أهداف الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالمناخ. وفي الواقع لقد تحدَّد أنَّه ابتداءً من عام 2035 فصاعداً لن يتم بيع أية سيارات جديدة بمحركات احتراق في أوروبا. وبالإضافة إلى ذلك فقد تم تحديد ما يعرف باسم القيم الحدية للانبعاثات، والتي تحدّد كمية ثاني أكسيد الكربون التي يسمح للسيارات بإطلاقها في المستقبل.
ومن المقرَّرأن يجري تطبيق القانون بالتدريج؛ إذ يجب خفض المتوسط الحالي البالغ 115.1 غرام من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر ومركبة إلى 93.6 غرام في عام 2025 وإلى 49.5 غرام في عام 2030. وفي حال تجاوز الحدد المقرر يتوجب على المصنِّعين دفع غرامات.
في السابق كان قد تم التخطيط لمراجعة أهداف الاتحاد الأوروبي في عام 2026. وحول ذلك قال هابيك إنَّ صناعة السيارات الألمانية أعربت عن رغبتها في تقديم موعد مراجعة هذه الأهداف من عام 2026 إلى عام 2025.
وشركات صناعة السيارات الألمانية غير قادرة جميعها على الالتزام بهذه القيم الحدية وهي تُفضِّل تغيير الأهداف المحدَّدة بالفعل. فشركة فولكس فاغن على سبيل المثال معرَّضة في العام المقبل لغرامات بالمليارات. وقبيل القمة أوضح رئيس مجلس الإدارة الإشرافي لشركة فولكس فاغن، هانس ديتَر بوتش: «يجب تعديل أهداف ثاني أكسيد الكربون للأعوام 2025 و2030 و2035 وتكييفها مع الواقع». وكذلك دعى رئيس مرسيدس أولا كالينيوس إلى تخفيف شروط المناخ في الاتحاد الأوروبي.

تغيير القيم الحدية

لقد حقَّقت بين عامي 2022 و2023 أكبر ست شركات أوروبية لصناعة السيارات أرباحاً بقيمة 130 مليار يورو، حسب موقع أخبار السيارات في أوروبا الذي ذكر أنَّ أسعار معادن البطاريات قد انخفضت وأنَّ خلايا البطاريات بيعت بتخفيضات هائلة. ومع ذلك ارتفع متوسط سعر السيارات الكهربائية في أوروبا بمقدار الثلث منذ عام 2021 بينما انخفض إلى النصف في الصين، حسب منظمة «النقل والبيئة» وهي منظمة ضغط تدافع عن التوافق البيئي لوسائل النقل.
وحقَّقت شركات صناعة السيارات أرباحاً بالمليارات خلال العامين الماضيين وكان لديها ما يكفي من الوقت لتجهيز نفسها لهدف الحد من ثاني أكسيد الكربون المعروف منذ عام 2019.
ويظهر تحليل منظمة «النقل والبيئة» أنَّ بعض شركات صناعة السيارات مثل شركة فولفو للسيارات قد حققت بالفعل شروط الاتحاد الأوروبي، بينما يمكن لشركات أخرى مثل بي إم دبليو تحقيق الأهداف بحلول نهاية العام القادم.
ولم يتقرَّر تقديم مساعدة محددة كمكافأة شراء السيارة أو مكافأة التخريد التي ذكرت في فترة التحضير للقمة. وفكرة مكافأة السيارة الكهربائية هي إنَّ مَنْ يشتري سيارة كهربائية يحصل على معونة مالية من الدولة. لقد كانت توجد بالفعل مكافأة للسيارات الكهربائية، أو ما يعرف باسم المكافأة البيئية، التي كان من المفترض أن تستمر حتى نهاية عام 2024 ولكن تم إلغاؤهها في نهاية عام 2023 إثر أزمة الميزانية. ويحمِّل بعض الخبراء مسؤولية هذا الإلغاء المفاجئ لتراجع مبيعات السيارات الكهربائية.
ولكن في الواقع لقد استفادت شركات تصنيع السيارات الأجنبية أيضاً من مكافأة شراء السيارة الكهربائية. ومن أجل منع ذلك يمكن أن تؤخذ في الاعتبار البصمة الكربونية للسيارة عند منح المكافأة. وهذا موجود بالفعل في فرنسا، حيث لا يحصل مشترو السيارات الكهربائية على دعم مالي إلَّا إذا كان الانبعاث أقل من 14.75 طن من ثاني أكسيد الكربون. ومن خلال هذا التدبير لا يمكن تمويل المركبات المنتجة في الصين.
الإعانات تضر بالمنافسة

وضعت شركة فولكسفاغن ثقلها وراء إقرار مكافأة شراء السيارة. ولكن في بداية أيلول/سبتمبر 2024 أعلنت الشركة عن هدف خفض تكاليفها، مشيرة إلى إلغاء الضمان الوظيفي ما يتيح إمكانية تسريح العمال، وحتى إغلاق مصانع لها في ألمانيا.
بيد أنَّ الإجراءات التي أعلنتها الشركة جاءت متأخرة من أجل البدء بتحوُّل جذري ومنع حدوث أزمة، كما يقول مارسيل فراتشر من المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية «يجب على الدولة الألمانية ألَّا تتدخَّل في هذا التجديد ولا يجوز لها أن ترتكب خطأ ترسيخ الهياكل القديمة وإعاقة التحوُّل الضروري». وحسب مارسيل فراتشر فإنَّ جعل 90 في المئة من موظفي شركات صناعة السيارات مستقرين في عملهم وقادرين على مواجهة الأزمات في المستقبل أفضل من تعريض نجاح قطاع صناعة السيارات كله للخطر من خلال التمسُّك بالهياكل القديمة.
ويجب بالإضافة إلى ذلك عدم دعم الشركات من قبل الدولة، كما يقول مارسيل فراتشر.
لقد حققت شركة فولكسفاغن في السنة المالية الماضية أرباحاً قدرها 18 مليار يورو ووزَّعت أرباحاً بقيمة 4.5 مليار يورو. ونظراً إلى ذلك، كما يقول مارسيل فراتشر، فإنَّ الركود ما يزال بعيدًا عن التحول لأزمة.
وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ مكافآت شراء السيارات ليست هي الحل، مع أن الصين والولايات المتحدة الأمريكية تدعمان صناعة السيارات لديهما، كما يقول مارسيل فراتشر: «الطريقة الصحيحة للرد على الدعم الصيني للسيارات الكهربائية هي الرسوم التعويضية المفروضة من قِبَل الاتحاد الأوروبي»، كما ذكر الخبير مارسيل فراتشر.
ويمثِّل إخراج السيارات القديمة من التداول واستبدالها بسيارات جديدة الهدف من المكافأة البيئية، المعروفة أيضاً باسم مكافأة التخريد. وعند طرحها قبل 15 سنة كان الهدف منها مواجهة تبعات الأزمة المالية العالمية.
وتوجد أصوات معارضة لمكافأة التخريد. «لم تجلب مكافأة التخريد في ذلك الوقت بشأن الطلب على السيارات سوى فائدة قصيرة الأمد» كما انتقد أولريش لانغه، نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، وأضاف: «وحدثت في المقابل فوضى في تطبيق القانون واستغلال له».
ولكن على الرغم من الأنباء غير المبشرة السائدة فقد توقَّعت جمعية «النقل والبيئة» البيئية أنَّ السيارات الكهربائية ستحقق حصة سوقية تتراوح بين 20 و24 في المئة في عام 2025. وقد استندت في هذه النمذجة إلى المبيعات في النصف الأوَّل من عام 2024 وتوقعات المبيعات. (DW)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية