جرافات الاحتلال تهدم مبنى يسكنه 30 مقدسيا والمستوطنون يقتحمون الأقصى بحماية الشرطة الإسرائيلية

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

القدس – “القدس العربي”: قبل أن يسكن غبار المبنى الضخم الذي فتته جرافات الاحتلال وقف أفراد عائلة الرجبي فوق ركام منزلهم في بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى، وبدأوا يستعيدون تفاصيل المكان الذي أصبح أثرا بعد عين. وتجمّع أفراد العائلة المنكوبة وسط مشاعر مختلطة بين الآهات والدموع وصيحات الصمود والتحدي واستمرار المقاومة.
وقال المقدسي فارس الرجبي، أحد أصحاب المنزل الذي هدمته جرافتان ضخمتان، “بيتي فداء للأقصى ولشهداء فلسطين”.
وأحضرت بلدية الاحتلال الجرافتين اللتين بدأتا عملهما فور إخراج قوات الشرطة العائلة المكونة من 30 فردا من دون أن يتمكنوا من أخذ أي من أثاث المنزل. واستمرت الجرافتان بالعمل أكثر من 3 ساعات وسط أصوات الهدم المزعجة حيث سيطرت على مشهد الحي الهادئ. وتحول المنزل الأنيق المبني بالحجر الأبيض، والمكون من طابقين وطابق تسوية إلى كتلة من الركام تخرج منها نافرة قضبان الحديد.
وتابع الرجبي بحماس: “بيتي ليس أفضل من شهداء الوطن في جنين ونابلس، قطرة دم واحدة سقطت من شهيد فلسطيني تعادل بيتي الذي هدمته جرافات الاحتلال”. وأضاف: “هذا المنزل فداء للأقصى، فهو عقيدة بالنسبة لنا، انا وبيتي وأولادي فداء لمدينة القدس، ولن نهتم وسنبقى نقاوم حتى آخر نفس في جسدنا”.
وتأتي هذه الخطوة بعد توقف شبه كامل لعمليات هدم المنازل في مدينة القدس خلال شهر رمضان، حيث تشير بيانات محافظة القدس في تقريرها الشهري الى أنه رصدت عملية هدم واحدة، إضافة إلى تسليم إخطارات هدم في بلدة العيسوية في القدس المحتلة خلال شهر أبريل/ نيسان الماضي.
وكانت جرافات الاحتلال قد هدمت البناية السكنية التي تعود لعائلة الرجبي وهي مكونة من خمس شقق موزعة على طابقين في حي عين اللوزة ببلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى، وتؤوي أكثر من ثلاثين فردا، جلهم من الأطفال. واعتدت قوات الاحتلال على العائلة بعد محاصرة منازلها تمهيدا لهدمها كما حدثت اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومقدسيين توافدوا إلى المكان تضامنا ودعما للعائلة.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية في القدس أن طواقمها تعاملت مع 5 إصابات بينها لصحافية جرّاء اعتداء قوات الاحتلال بالضرب على المتواجدين في محيط مبنى عائلة الرجبي خلال هدمه. وكانت أعداد كبيرة من الشرطة وبلدية الاحتلال اقتحمت الحي وحاصرت مبنى عائلة الرجبي، تمهيدا لهدمه، بحجة البناء غير المرخّص.
وكانت إحدى العائلات تتحضر لزفاف ابنتها الوحيدة التي طالما حلمت أن تخرج من منزل والدها، وسط الزغاريد والأغاني، لكن الاحتلال اليوم حطم حلمها. وقالت زوجة مقدسية من عائلة الرجبي: “يجب أن يفضح الاحتلال، يجب أن يرى العالم كل ما يجري في القدس.
وقالت المقدسية ربحية الرجبي: “إضافة إلى الهدم يتم الاعتداء على أبناء العائلة وأطفالها، فلا يكفينا الهدم بل ننال الضرب والشتم والسحل”. وردت والدتها بالقول: “إنهم أعداء ماذا نتوقع منهم”.
وتحدثت الطفلة يارا الرجبي والدموع في عينييها: “مفكرين ان هدوا دارنا رح نخاف؟! لن نخرج من القدس، فشروا”. وتابعت: “عدت من المدرسة واكتشفت أن الجرافات هدمت المنزل، لقد فقدت كل ألعابي وأغراضي في المنزل”.
وصرخ أحد السكان على الجنود: “هدمتوا البيت، اليوم رح ننصب خيمتنا بنص الشارع ونقيم فيها”. وتابع: “البلدية هدمت منزلنا والبلدية مسؤولة عن توفير حل لمشكلتنا”.
ونقل صحافيون أن الشرطة الإسرائيلية وقوات الاحتلال أعاقت عمل الطواقم الصحافية خلال تغطيتها للأحداث والاعتداءات في الحي.
يُشار إلى أن عائلة الرجبي سكنت المبنى المكون من طابقين، قبل أكثر من سبع سنوات، وهو يقع ما بين حييْ البستان وعين اللوزة في سلوان، حيث يضم الطابق الأول شققا يشغلها صندوق المرضى العام “كلاليت”، أما الطابق الثاني فيضم عددا من الشقق السكنية التي يعيش فيها نحو ثلاثين فردا، ويعود لعائلة الرجبي.
وهذا المبنى موجود ضمن ما يسميه الاحتلال “الحوض المقدّس” الممتد من الشيخ جراح شمالي البلدة القديمة وحتى سلوان، بمساحة حالية تصل لــ 17 ألفا و500 دونم، والاحتلال يدفع الناس على الابتعاد عن هذه الأماكن، من خلال عدم منح تراخيص بناء، وهدم الموجود من المباني المقدسية، وتقليل الخدمات، والمزيد من الاقتحامات والضغط النفسي، حسب مختصين مقدسيين.
ويتهدد 6 أحياء في سلوان خطر هدم منازلهم بالكامل، بدعوى البناء دون ترخيص، أو بإخلائها وتشريد سكانها لصالح الجمعيات الاستيطانية.
وعبر سنوات، سلمت طواقم بلدية الاحتلال 6817 أمر هدم قضائيا وإداريا لمنازل في أحياء بلدة سلوان، إضافة إلى أوامر إخلاء لـ53 بناية سكنية في حي بطن الهوى لصالح المستوطنين.
يشار إلى أن مساحة أراضي بلدة سلوان تبلغ 5640 دونما، وتضم 12 حيا يقطنها نحو 58500 مقدسي، وتوجد في البلدة 78 بؤرة استيطانية يعيش فيها 2800 مستوطن.
يشار إلى أنه بتاريخ ـ 25 من نيسان/أبريل جمدت سلطات الاحتلال قرار تنفيذ أوامر الهدم الصادرة بحق عمارة الطور المكون من 5 طبقات وفيها 10 شقق سكنية حتى إشعار آخر، بسبب وجود شقة لا تشملها القرارات، كما وجُمد قرار مؤقت يقضي بإخلاء منزل عائلة “سالم” في حيّ الشيخ جراح وتحويل الملف إلى دائرة الهجرة التابعة للاحتلال.
ويدير الاحتلال مواجهة منازل المقدسيين بهدوء ومن دون توقف وهي تشبه مطاردة مستمرة للمقدسيين بهدف تهجيرهم في ضوء عدم منح المقدسيين تراخيص بناء وهو ما يضطر المقدسيين إلى البناء من دون ترخيص. وهو أمر يترافق مع تنامي المشاريع الاستيطانية حيث أقرت “لجنة التخطيط والبناء اللوائية” التابعة للاحتلال في نيسان/ابريل الماضي، ثلاثة مشاريع استيطانية كبيرة جنوب القدس المحتلة، تشمل بناء (600 وحدة استيطانية) على أراضي الولجة وبيت صفافا، وتوسيع المنطقة الصناعية على مشارف بيت لحم وإقامة فنادق.
إلى جانب ذلك اقتحم عشرات المستوطنين المسجد الأقصى المبارك تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلية. وذكرت مصادر محلية أن المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى على شكل مجموعات، من جهة باب المغاربة، وأدوا طقوسا تلمودية ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، واستمعوا لشروحات مزيفة حول أسطورة الهيكل المزعوم، تحت حماية شرطة الاحتلال.
وكشف تقرير رصدي شهري صادر عن محافظة القدس قيام سبعة آلاف و274 مستوطنا باقتحام المسجد الأقصى المبارك خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي.
ورصدت محافظة القدس في تقريرها، اعتقال نحو 71 طفلا أعلاها في تاريخ 15 نيسان/أبريل، إذ اعتقل نحو 52 منهم بعد ضربهم والتنكيل بهم من داخل باحات المسجد الأقصى المبارك، ونقلهم بحافلات خصصت لنقل المعتقلين من ساحة البراق إلى معسكر بالقرب من بلدة العيسوية ومنه إلى مركز شرطة المسكوبية، ومنعت الشرطة تقديم الاستشارات القانونية للمعتقلين، وتحويلهم للعلاج أو عرضهم على الطبيب بالرغم من وجود علامات الإصابات عليهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية