انطلقت الصافرة الأولى لتعلن انطلاق مارثون مباريات كأس العالم لعام 2022 في قطر، بهذه المناسبة ثمة دعوة للقريب والبعيد وهي لا ينبغي للأنانية عند حفنة الدول والمجتمعات والأشخاص أن تسيطر عليهم بدافع غريزة مصطنعة نابعة من تفوق شعوب على شعوب أخرى.
ثمة أصوات تخرج من هنا وهناك تحرض على مونديال قطر لمقاطعته، فهذا النمط التفكيري المتدني نابع من الأفكار البالية المعششة في العقل الغربي، وهو التسيد وخرافة الأمم المختارة. توصيف الحملات السلبية ضد كأس العالم 2022 إملاءات من رأس الهرم، لكنها لا تلقى آذانا صاغية لدى تلك الشعوب، فرغم تحريض بعض المؤسسات الرسمية والأهلية إلا أن الرغبة والهواية الكروية لدى شعوبهم ماضية قدما دون اكتراث للأصوات النشاز.
المونديال فرصة للتعرف على قطر أكثر
حسب التقديرات سوف تحتل قطر أكبر المشاهدات الإعلامية ومنشورات وتغريدات منصات التواصل الاجتماعي التي تصدر عن المشجعين والفرق المشاركة، وستعتبر قطر مندرجة بشكل أكبر في فلك منظومة الاتصالات في فترة المونديال وتحقق بذلك أكثر دولة تدخل في موسوعة غينيس على صعيد تصدرها الحدث الرياضي النوعي كأول دولة عربية تستضيف كأس العالم، وبهذا الحدث المهم سوف تدخل الدوحة بحجمها الصغير في كل بيت في جميع اصقاع الأرض وهذا باعث لينهلوا في تاريخ العرب وإنجازاتهم وبطولاتهم بشتى أصنافها عبر التاريخ.
تجربة يحتذى بها
رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها قطر منذ إعلان إقامة المونديال على أراضيها منذ عقد من الزمن وحتى يومنا هذا، ومعضلة نقص الغرف الفندقية ونقص في المطارات واستضافة عدد هائل من المشجعين في فترة كانت وجيزة، استطاعت أن تتغلب على هذه المشكلة، حيث قامت ببناء الفنادق والمطارات والملاعب في وقت قياسي يحسب للقطريين، ويسجل في التاريخ، فهذا الإنجاز العمراني منقطع النظير عبارة عن كسر حاجز التموضع في اللاتقدم، فهذه التجربة المفروض أن تعزز دور الأشقاء الريادي أكثر وتكون نبراسا للجميع يهتدون به لقلب الموازين وإعادتها لنصابها الصحيح .
حتما بعد هذه التجربة الناجحة سنعود لمربعنا الأول ثقافتنا العربية وحضاراتنا، فهذا يذكرنا بأمجادنا التاريخية كيف استطاع العرب في الأندلس والعالم من بناء حضارة ما زالت تتكلم عن العقل العربي وما أنتجه، فالمدقق في النهضة العمرانية في قطر قبل وبعد المونديال يجد أمامه أبراجا عصرية لامعة وشاهقة تحاكي حضارة العرب الأولى ومدنيتها، هذا جانب المطارات التي تتربع في المراكز المتقدمة عالميا، وبعد كل هذا الإنجاز التاريخي آن لنا أن نعترف أن لدينا الكثير، ونعمل الكثير، ننجز بصمت وجودة عالية، فالتجربة القطرية على مستوى إدارة هذا الحدث العالمي والإنجاز العمراني ما هو إلا طريق شقه القطريون أمام الجميع معلنين بداية نهضة جديدة متحدين العالم بأسره.
تلفيق التهم
الغرب حكومات ومسؤولين لم يتوقف بوقهم الإعلامي عن مونديال قطر، وقد نادوا في بداية الإعلان عن اللقاء الكروي بسحب البطولة من قطر بحجج واهية باهتة، وبعيدا عن طرح الأسئلة لماذا وكيف وما الهدف، الواضح أن ضخامة هذا الحدث هو بمثابة سحب البساط من تحت أرجل دول كان لها نصيب الأسد في استضافة كأس العالم منذ أزمنة بعيدة، فالمعهود عن الغرب ومن يدور في فلكهم إن العرب لا يستحقون هذا اللقاء مدعين أن الدول العربية هشة ضعيفة لا تقوى على هذا الحمل الكروي، وجاء على لسان وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بالنسبة لنا كحكومة ألمانيا، فإن حق قطر استضافة كأس العالم مخادع، ومن الأفضل عدم منح الدولة حق استضافة بطولة كهذه، بجانب افتعال قضة حقوق الإنسان، وهذا سلاح الغرب الباطل الذي يرفعه وقتما يشاء لحاجة في نفس يعقوب، ورغماً عن هذه التصريحات قطر ماضية في تحقيق هذا الإنجاز ونتمنى لها ذلك.
فوائد جمة لدول الخليج
العوائد الاقتصادية لتلك الدول من خلال الرحلات الجوية من السعودية وباقي دول الخليج وقطر وبالعكس والفنادق وحركة المواصلات سوف تعود بالنفع للدول الخليج والسعودية، وهذا ما تم رصده في هذه الفترة الأخيرة، فعلى صعيد المنفذ البري بين السعودية وقطر سوف يساهم هذا المعبر في التبادل التجاري بين البلدين، وتنشيط السياحة خلال فترة المونديال، وهذا يستدعي زيادة في الطلب على غرف الفنادق في كل الدول التي تشارك قطر في الجغرافيا، الخلاصة الموسم الكروي الذي سيجري في قطر منفعة للجميع كما يعزز العلاقات العربية العربية عامة والخليجية خاصة ويزيد من تقويتها وتمتينها، وهذا يقود لولوج المنطقة في التاريخ من أوسع أبوابه.
لا شك أن عيون العالم ترحل لتلك المنطقة الجغرافية ليزداد شعوب العالم معرفة بها بشكل شمولي وسبر أغوارها بعمق، وتهدف قطر إلى تحويل مرافق كأس العالم إلى مجتمعات ومدارس ومستشفيات جديدة، وكذلك إلى نقاط انطلاق لتدفقات السياحة. وسيكون في قطر 2030 اقتصاد متنوع يقوم فيه القطاع الخاص بدور بارز. بالإضافة إلى تمركز الدوحة كقوة ناعمة تتمركز على الخارطة الدولية سياسيا واقتصاديا، والتقدم سريعا في خلق رؤى سياسية قطرية في طرح حلول توافقية في المناطق الساخنة في العالم التي تساهم الدوحة في حلها، كما يعتبر هذا الحدث العصري تحولا في الفكر العربي ليندمج في المنظومة الفكرية العالمية التي ساهمت كثيرا في شتى العلوم المعرفية الفنية والأدبية والفلسفية، وتعتبر الرياضة هي من أنواع الفنون التي تصنف ضمن ركائز التقدم المعرفي، فمن خلال اللقاءات الكروية يحدث التبادل الثقافي والمعرفي وغيره.
كاتب عراقي