كريم خان والجنائية الدولية: مكاييل الخضوع والتسييس

حجم الخط
15

رفضت ثلاث مجموعات حقوقية فلسطينية لقاء المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الذي يزور دولة الاحتلال الإسرائيلية للقاء الرهائن الإسرائيليين وعائلاتهم ومحاميهم، وذلك بسبب التشكيك في نزاهته عموماً، وامتناعه خصوصاً عن تلبية دعوات مماثلة للاجتماع بالأسرى الفلسطينيين سبق أن وجهتها له منظمات حقوقية فلسطينية.
وأعلن ممثلون عن «مؤسسة الحق» و«الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان» و«مركز القدس للمساعدة القانونية» أن خان يتحمل شخصياً مسؤولية التدهور في دور المحكمة الجنائية الدولية من زاوية الإصرار على تسييسها، وأنه لا يزاول عمله بأسلوب مستقل ومهني. وهذا الموقف السلبي من نهج خان لا يقتصر على المجموعات الفلسطينية، إذ سبق أن أعربت عنه منظمات حقوقية إسرائيلية عديدة، بينها «بتسيليم» و«المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية» و«أطباء من أجل حقوق الإنسان» و«اللجنة العمومية ضد التعذيب» وسواها.
وقد استندت المنظمات الحقوقية، الفلسطينية والإسرائيلية والدولية، إلى حقيقة أن تحقيقات المحكمة بصدد جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية تُطمر منذ سنة 2014 ولم تسفر عن أي نتائج حتى الساعة، وخلال ذلك واصلت السلطات الإسرائيلية رفض استقبال محققي المحكمة، خاصة وأن دولة الاحتلال ليست في عداد الموقعين على نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة أصلاً.
وفي المقابل احتاج خان إلى أسبوع واحد فقط كي يصدر مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اعتماداً على توصيف جريمة الحرب ذاتها التي تواصل دولة الاحتلال ارتكابها في قطاع غزة، أي الترحيل غير القانوني للسكان والأطفال خصوصاً. وحين خضع خان لضغوطات الرأي العام العالمي وزار معبر رفح من الجانب المصري، رفضت السلطات الإسرائيلية منحه الإذن لدخول القطاع، ومع ذلك ألقى خطبة أنحت باللائمة على المقاومة الفلسطينية ولم تخدش حياء دولة الاحتلال إلا في جانب منع إدخال المساعدات الإنسانية.
صحيح من حيث المبدأ أن محكمة الجنايات الدولية خاضعة لإرادات القوى العظمى، خاصة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وأن المدعي العام يبدو غالباً أقرب إلى مأمور ينفذ ما يسمح الكبار بتنفيذه. ولكن من الصحيح في المقابل أن سمات خضوع شخصية طبعت سلوك خان بالمقارنة مع أسلاف له في موقع المدعي العام، أمثال لويس أوكامبو وفاتو بنسودة، بل إن الأخيرة خضعت لعقوبات أمريكية بسبب خيارات أقرب إلى النزاهة إزاء جرائم حرب أمريكية في أفغانستان وفلسطين المحتلة.
وقد تكون حال المحكمة الجنائية الدولية متقاربة من حيث التقصير أو حتى التخلي عن المهامّ الأساسية أو حتى الانسحاب من الواجب مع غالبية المنظمات الأممية، مثل الأونروا التي سحبت عناصرها وآلياتها وأغلقت مراكزها في مدينة غزة، أو منظمة الصحة العالمية التي عجزت عن إدخال الحدود الدنيا من الأدوية والمعدات الطبية الضرورية، أو برنامج الغذاء العالمي الذي تأخر في فتح مخازنه وسحب موظفيه.
غير أن كيل خان بأكثر من مكيال في توصيف جرائم الحرب، الإسرائيلية على وجه التحديد، يبقى هو الأكثر وضوحاً من حيث تسييس القانون الدولي بما يرضي دولة الاحتلال ولا يغضب الكبار في واشنطن ولندن وباريس.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول كنعان المقدسي:

    تم دفن كبير مشايخ الطائفة البهائية منذ مايقرب من مائة عام مضت في فلسطين المحتلة وتحديدا في مدينة حيفا وعلى قمة احد جبالها المطل على البحر الأبيض المتوسط (جبل الكرمل)، حيث تحيط بالضريح مساحات من الجنائن الخضراء المضمخة بالزهور الفريدة والمتنوعة على امتداد الجبل، من قمته إلى سفحه. ويحج سنويا المئات من أبناء الطائفة البهائية إلى مزار الضريح لأداء واجب الصلاة و التبرك.
    مشاهدة الضريح الممتد من قمة الجبل حتى سفحه، وتشكيلات الزهور والأشجار التي تحف بطرفيه تبهر الأبصار وكانك في جنة الخالق.
    هذا الاحتضان للضريح الا يحمل رمزية معينه لدى اتباعه تقتضي الانحياز لدولة الكيان وغض النظر عن وحشية وبربرية سلوكها العدواني على الشعب الفلسطيني.

  2. يقول لعبيبي عبدالعالي:

    لن ألوم هذا أو ذاك فيما يحدث لشعب غزة…فقط أثارني إسم المدعي العام للجنائية الدولية : كريم خان ..و من إسمه عرفت أنه حتما سيخون شعب غزة..المحكمة مسيسة و مسلطة فقط على من شق عصى الطاعة على أمريكا.. كريم خان القضية في الماضي و كريم سيخون غزة في الحاضر و المستقبل.

  3. يقول مسلم صغير:

    كريم خان ليس كريما ، معاديا للفلسطنين ومنتصرا للصهاينة .فالجناية الدولية هي جزء من العدوان على غزة العزة .كريم خان شريك مباشر فيالإبادة الجماعية بغزة …..

  4. يقول Mustafa Abdurrahman:

    هذه إحدى جوانت الفشل في السياسة الفلسطينية، فهو يبدو مسلما من اسمه فهل راع الفلسطينيون الضغط عليه من وطنه وأبناء شعبه؟

  5. يقول عمر علي:

    مقال جيد. ينخدع العرب والمسلمون عندما يقرأون اسم مسلم ولو انه يمثل بريطانيا وسياستها التي دمرت العالم العربي والإسلامي حتى من قبل الحرب العالمية الأولى. على الدول العربية والإسلامية الاعضاء في أتفاقية روما ان يفضحوا تامر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ضد الشعب الفلسطيني تطبيقا ً لسياسات بريطانيا منذ احتلالها فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى. ارجو اعادة النظر ونشر التعليق.

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية