2
الضجيج
حينما أوصد الباب..
أذهب في خلوات النعاس، الرؤى تتكوّم فوق السرير
أطاحتْ بيَ الكلمات، هي الآن تبصرني أتدحرج في الجمل العربية، أخشى المرور أمام السلاطين.
لكنني سوف أشحذ هذي الأصابع
في جسدي طرق للشياطين والشعراءِ
الضجيج الذي يسكن الرأس، يمضي بصوت خفيض
على مهل، يتسلّل كالخيلاء، يجوب المسالك، يصنع تاريخه دونما وجل.
سأهزّ الممالك، حصن البلاغة، طين الجناس، أواصل حرث الكلام.
أليس الفلاحة حرفتنا في القرى
نحرث الأفق كي نبصر الشمس تنبت في حجر المفرداتْ.
3
مبعثرة في أباريق شهوتها
فتحتْ للهلال الشبابيك، كي يتربّع فوق موائدها، خاشعا في بحور خطيئتها.
حول إصبعها، خاتم يتثاءب في وحشة الليل، يسقط مرتعشاً كالحرير على صوت خلخالها.
يتعارك فيها نداء الفضول، وحيداً يجيء لها كي يشقّ حجاب الرجولة، لكنه لم يجد أحداً في المساء.
الشوارع تصحبني مثل حورية للعراء، تعلّمني أين تبتسم الخيل بعد الفتوحات، كيف تضيء البروق مساحات أجسادنا في الظلام؟
الممرّات عاصفة لا تذوب، محمّلة دائماً بفواكه عتمتها، تستعيد أنوثتها من أظافر غائرة بالبياض، تجيء مبعثرة في أباريق شهوتها، بانتظار الأهلّة في الليل
تركض بين موائده
4
كلام
آخر الليل..
لا شيء يبقى، سوى قلقي، وكلام أخذْتُ أدوّنه، يتقدّم كالظلمات، تجمّد في لغتي فزعاَ. كان يرفع رايته، ثم يوقد فانوسه قرب نافذتي..
اعطني مشعلاً، كي تنام الطبيعة في ثوبها، والينابيع تنبض في رئتي.
هكذا يتصاعد من وسْط نيرانه، كاد يمسك حشد الغيوم، يبعثرها في الميادين.
مازال يعزف هذا النشيد العنيف، يرافقه وله في العيون، غناء العصافير، رغم شحوب مناقيرها.
كان لابدّ أن يتعلّق بالأرض، أكثر مما عليه هو الآن..
أزمنة من رماد الحكايات والخوف، تدخل غرفته، ثم تُملي عليه شروطا ملوّثة، وتحاول أن توقف الشعر، في ورق يشبه الزوبعة.
5
على فرحٍ جموح
ولدٌ من الفرح الملوّن، تجلس الحارات فوق زنوده السمراء، يضحك للجهات، شروق شمس كان يسبق خطوه.
هذا الفتى الآتي على فرحٍ جموح، خيله ونخيله، في الأرض ترسم نجمة منحتْه فيض طِباعها، لتصير أشبه بالحياة
يذوب فيها كي يكون رواية، أوحقل ورد في القرى.
كان الفتى كالمستحيل، يصوغ بعض غموضه، لم يعرف الأولاد سيرته، هواجسه على مهل تسير، تُغيّر المجرى، فتحمي السالكين من الخراب!!
6
يعلن الليل عصيانه
لم يعد ممكناً أن تحاصر هذا العراء وحيداً، لأنّ الظلام يشدّ الوثاق عليك، يحثّ الخطى، صوب عزلتك الأبدية، حيث البنايات تجلس عارية، تتضاءل شيئًا فشيئا.
كأنّ الفتى مازال منتظراً، قبل أن يعلن الليل عصيانه.
لم يعد ممكناً أن تخبئ هذا اليمام الجنوبيّ في الصدر
سوف تطلقه، كي يحاور خفقته، ويعاشر نعناعه دون ثرثرة.
هل ستنهض بين المدى والمداد؟
تباغت قيد الحنين؟
تحسّسْ نواياك في يقظة، كي تحلّ وثاق الظلام
7
تجاسر أن يسرق العشب
للمدى
للنخيل المهاجر خلف الغمام
أعدّ القصيدة
للبشر الخالدين
سلام على خيلهم، والرياح التي لم تنم منذ مركب نوح.
دمي شاخص عند باب المساءات
من أول العمر، أهفو إلى نجمة في الميادين..
كيف سنكتب أسماءنا، ثم نرجع ثانية، نتسكّع في آخر الأرض، نوغل في التيه من سغب. كيف أجلو الكتابة من صدأ الخوف، أصقلها ببريق الصبا.
كان يجلس قرب السرير، تجاسر أن يسرق العشب، يطوي البراري على راحتيه..
غداً سوف ينقسم الناس قال، وخطّ بإصبعه في التراب.