تحل في 12 من كانون الثاني- يناير 2021 الذكرى 57 لسقوط الحكم العربي العماني لزنجبار عام 1964 بعد الغزو التنجانيقي لها بمساعدة دولية (من المؤسف أن يسمي بعض الأكاديميين أن ما حدث ثور ة وهو بعيد كل البعض عن ذلك).
والحقيقة أن زنجبار بعد سقوط الحكم العربي في عهد عبيد كارومي (رئيس الحزب الأفروشيرازي الذي تولى الحكم بعد المؤامرة الدولية لإنهاء الحكم العماني الذي استمر نحو ثلاثة قرون ) أصبحت دولة بوليسية حيث عاش الناس في خوف، وكان أكثر من ثلث السكان قد هاجروا البلاد ولا يتحدثون العربية.
مؤيدو الحزب الوطني
ولقد تدهورت أحوال البلاد التعليمية والاجتماعية والصحية التي هددت الدولة بالرغم من الدخل الضخم من القرنفل الذي ارتفعت أسعاره، وكانت حسابات زنجبار بملايين الجنيهات الإسترلينية في بنوك بريطانيا، بينما كانت زنجبار تهبط في الفساد وأخيراً سقط عبيد كارومي قتيلاً رمياً بالرصاص في منطقة Raha Leo على يد ابن أخ علي محسن البرواني (حمود بن محمد بن حمود برواني). مهما يكن من أمر لم يعد أحد يسمع اسم زنجبار بعد ذلك الانقلاب ولكن فقط تنزانيا التي أصبحت زنجبار جزءًا منها.
لقد بدأ النظام الجديد يعتقل ويقتل كل معارضيه حيث تم القبض على حوالي عشرين ألفا من مؤيدي الحزب الوطني الزنجباري وحزب شعب زنجبار وبمبا وضعوا في السجون، ثم انقلب النظام على نفسه حينما وقعت محاولة اغتيال كارومي في عام 1969 تم القبض على مجموعة من أربعة عشر متمرداً وحبسهم دون محاكمة في زنجبار ويشتملون على اثنين من منافسي كارومي عبد الله قاسم هانجا وعثمان شريف سفير سابق في واشنطن.
نهضة المجتمع
ولقد حدثت عدة اغتيالات للذين أسهموا في انقلاب 12 كانون الثاني- يناير عام 1964 فكان نهاية عبد الله قاسم هانجا عضو الحزب الأفروشيرازي ورئيس حكومة جمهورية زنجبار وبمبا بعد الانقلاب وخدم في حكومة كارومي ثم خلعه ونفاه إلى كونا كرى (غينيا) وعندما عاد إلى زنجبار تم القبض عليه وسجن ثم قتل في السجن. وهكذا أصبح الانقلاب يهلك صانعيه، وعندما أحسوا بخطورته حيث كان على علم حقيقة انقلاب كانون الثاني- يناير فاتفق كارومي مع نيريري على قتله في السجن فقتل عام 1965.
وظل كارومي يشجع انضمام الشباب للحزب الأفروشيرازي وكذلك شجعهم عبود جمب Aboud Jumbe (1972-1983 ) وفي عام 1975 خطب بين طليعة الشباب في الاحتفال بمناسبة عيد الثورة وقال (أن الحرية لطليعة الشباب تجعلهم يساعدون في عملية انضباط المجتمع مما يحقق انجازات الثورة) أى أن من يقوم بالثورة شباب فيجب الاهتمام بهم من أجل نهضة المجتـمع.
احتفظت زنجبار بحكومة ذاتية داخلية وفي عام 1967 اتخذت حكومة تنزانيا سياسة الاعتماد الذاتي والنهج الاشتراكي وأعلنت تأميم البنوك والعديد من المصانع.
وفي شباط- فبراير عام 1977 تم دمج حزب ASP مع TANU وتم إنشاء Chama cha Mapinduzi الحزب القومي للإتحاد وأصبح الحزب الأوحد للأمة ووحد الأحزاب في تنجانيقا وزنجبار وبرز الرئيس عبود جمب الذي جاء بعد كارومي وهو مفكر للحزب الأفروشيرازي لعدة سنوات واحترمه العديد من الزنجباريين على المستوى الشخصي، ولكنهم شعروا أنه يخدم نفسه ونيريري أكثر من أنه يخدم زنجبار ثم تقاعد عن السياسة وعاش في زنجبار.
وجد كارومي أن وجود عبد الرحمن بابو فيه خطر على نظامه.
الانتخابات البرلمانية
ولقد خدم بابو في حكومة الانقلاب حتى خلعه كارومي حيث وجد أنه يمثل تهديداً كبيراً لحكمه وانتقل بابو للبر الأفريقي حيث خدم في عصر نيريري حتى قبض عليه وسجن بعد اغتيال كارومي ومات ودفن في زنجبار عام 1996. وبعد اغتيال كارومي تم احتجاز 1100 وتم تعذيبهم وأعلنت السلطات الزنجبارية أنها كشفت أن مؤامرة اغتيال كارومي مدبرة من عبد الرحمن بابو الذي تولى رئاسة الحكومة في تنزانيا من(1964 – 1972) وناشر الفكر الشيوعي في زنجبار.
والحقيقة أنه ظهر جلياً عدم الاستقرار السياسي في زنجبار من خلال الانتخابات حيث أنه في انتخابات البرلمانية للاتحاد وزنجبار التي تمت في 29 /10/ 2000 فاز حزب الاتحاد. CCM ضد الحزب المعارض في زنجبار، ولكنه واجه تحدياً كبيراً من الجبهة المدنية المتحدة (C.U.F -Civic United Front) وكان عدد السكان 450 ألفا تقريبا في زنجبار يصوتون في 50 دائرة وكانت هناك مجموعة مراقبين من الكومنولث، ولكن لم تكن انتخابات حرة وعادلة وكان من نتائجها مجازر كانون الثاني- يناير 2001 التي نتجت عن أخطاء في الانتخابات السابقة، ورفض احترام إرادة الأغلبية الزنجبارية.
وما وصلوا إليه سوف يعمق الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي مما يؤلم الجزيرتين ويهدد اتحاد جمهورية تنزانيا نفسها. وكان الإشراف البريطاني على الانتخابات من الكومنولث على زنجبار حيث أنها عضو في الكومنولث الذي هو اتحاد يضم عددا من المقاطعات التي كانت تحتلها بريطانيا وذلك منذ عام 1964.
وهكذا كان الوضع السياسي في زنجبار بعد أحداث كانون الثاني- يناير 1964.
كاتب وباحث في التاريخ الحديث
انها التوجيهات السعودية والاماراتية ،، والسخاء المادي لجزيرة تائهة في المحيط الهندي
متألق سفير شرق وغرب إفريقيا بروف محروس
سياحة رائعة في التاريخ الأفريقي المرتبط بالعالم العربي والاسلامي
مؤرخ عظيم ومعلم وكاتب وناقد ومثقف رفيع ومن الطراز الأول حفظكم الله ورعاكم بروفيسور صالح .. أخشى ما أخشاه أننا أمام أندلس ثالثة يجري طبخها على نار ليست هادئة سيدي المحترم.