أن تعترف به في ظروف معينة لا يعني أن نواكشوط لا تتحسب جيدا مما قد يسببه لها البوليساريو من مشاكل أمنية في الأساس، ولأجل ذلك فهي تبدو متيقظة وحذرة في أخذ مسافة واسعة منه، كما بالقدر نفسه أيضا في التقارب أكثر من اللازم معه. وما تحاول أن تفعله باستمرار هو أنها تعمل وعلى قدر استطاعتها على مسك العصا من الوسط. وهذا ما يعطي انطباعا قويا لدى كثيرين عن أن الموريتانيين يسعون إلى كسب الوقت باللعب دائما على حبلين أحدهما مغربي والآخر جزائري. لقد وضعوا نصب أعينهم أن لا يكسروا خطين أحمرين هما، إغضاب المغرب من جهة واستعداء الجزائر ومن ورائها البوليساريو من جهة أخرى.
لكن إن كان السبب الذي جعلهم يلتزمون طوال السنوات الماضية، ما يدعونه حيادا إيجابيا في قضية الصحراء، هو حرصهم على أن يتجنبوا الوقوع من جديد في مستنقع أي مواجهة، أو اشتباك، أو حتى حرب مفتوحة مع أحد أطراف النزاع، فهل أن التزامهم بذلك الموقف الذي سمح لهم بالحفاظ على علاقات متوازنة مع الجارتين الكبيرتين الجزائر والمغرب وجعل حدودهم الشمالية تعيش على مدى العقود الماضية حالة من الاسترخاء والهدوء النسبي، سيضمن لهم، ولو على المدى القصير والمتوسط أن يحصلوا على الاستقرار المنشود، مع بقاء ذلك الملف مفتوحا، وتمركز ميليشيات البوليساريو على مرمى حجر من ترابهم؟ وهل أن المتغيرات الإقليمية، وربما حتى الدولية، ستفرض عليهم إن آجلا أم عاجلا، ورغبوا أم لم يرغبوا بذلك أن يغادروا مواقعهم ويتركوا حيادهم؟
الموريتانيون وضعوا نصب أعينهم أن لا يكسروا خطين أحمرين هما، إغضاب المغرب من جهة واستعداء الجزائر ومن ورائها البوليساريو من جهة أخرى
من المؤكد أنه ليس من قبيل الصدفة أبدا أن تركز صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية اليمينية والقريبة من دوائر القرار في باريس في الحديث الذي أجرته الجمعة الماضي مع الرئيس محمد ولد الغزواني على مصدرين فقط، رأت أنهما قد يشكلان تهديدا قويا للأمن والاستقرار في موريتانيا وهما، الجماعات المسلحة في شمال مالي، والمهاجرون القادمون من دول جنوب الصحراء، ويغيب عنها في المقابل أن تطرح أي سؤال أو استفسار عن مصدر آخر يهدد بلد شنقيط وهو البوليساريو. فما يهم الفرنسيين الآن وبالدرجة الأولى، وفي ظل سلسلة النكسات التي باتوا يتعرضون لها في منطقة الساحل، هو أن يحصلوا على نوع من الدعم الرمزي، ولو كان ذلك من خلال بعض الإشارات الودية التي قد ترفع من معنوياتهم وتعيد لهم قليلا من الاعتبار. ولعل ذلك ما نجح ولد الغزواني، وإلى حد كبير في القيام به في تلك المقابلة، فقد سعى جاهدا للتخفيف من وقع الهزيمة الفرنسية النكراء في النيجر، نافيا أن يكون خروج باريس من نيامي فشلا، أو إذلالا لها ومرددا وفي السياق نفسه، أن الحديث عن مشاعر معادية لفرنسا في تلك المنطقة هو من قبيل «الشعبوية الخبيثة»، وأنه لا وجود بالمعنى الدقيق للكلمة، كما قال، لمثل تلك المشاعر، بل إن كل ما في الأمر هو أن هناك نوعا مما أطلق عليه سوء الفهم الذي يحصل أحيانا بين الأصدقاء القدامى، على حد تعبيره. غير أن السؤال الذي طرحه كثيرون في أعقاب تلك التصريحات داخل وخارج موريتانيا هو، ما الذي دفع الرئيس الموريتاني لأن يحاول الآن بالذات التقرب والتودد لبلد تمر علاقته بالجارتين المغاربيتين لبلاده أي المغرب والجزائر بحالة من الفتور، فيما ترتفع الأصوات في كامل محيطها الإقليمي مطالبة بمراجعة الارتباطات معه في اتجاه التخلص من هيمنته القوية ونفوذه التقليدي على أجزاء واسعة من القارة الافريقية، وفي وقت «تقدم لنا القارة الافريقية صورا متلاحقة لدولها ونخبها تكافح من أجل الاستقلال الثقافي والسيادة ضد دولة انفردت من بين قوى الاستعمار القديم بفعل ما بوسعها لإبادة مستعمراتها ثقافيا ولغويا»، مثلما كتب ذلك رئيس حزب الصواب الموريتاني على صفحته على فيسبوك؟ إن الترحيب الموريتاني هنا في فرنسا يبدو خارج ذلك السياق تماما. والثابت أن ما يعرفه الموريتانيون جيدا هو أن بلدهم بات اليوم محط أنظار العالم، وأن القوى الكبرى صارت تتسابق لخطب وده، كما كتبت أواخر الشهر الماضي مجلة «فورين بوليسي» وذلك بالنظر على الاقل لكونه «دولة مستقرة في غرب افريقيا، وتتمتع بإمدادات طاقة حيوية وموقع ذي قيمة استراتيجية»، حسبما جاء في المجلة. لكن أكبر هاجس قد يشغلهم الآن هو ليس فقط أن يحسنوا التعامل مع الفرص التي يتيحها لهم ذلك الوضع ويحاولوا الاستفادة منها للحد الأقصى، وبما يخدم مصالحهم قبل أي شيء آخر، بل أن يسعوا أيضا إلى الابتعاد عن دائرة العواصف التي تضرب من حولهم بقوة حتى لا تبتلعهم وتدخلهم في المجهول، وليس هناك شك في أنه من الطبيعي جدا في تلك الحالة أن يشعروا بالقلق مما يجري في أكثر من دولة افريقية قريبة منهم. غير أن ذلك الأمر قد لا يجعلهم يغضون الطرف، أو يتغافلون عن خطر لطالما مثل لهم بعد إعلان استقلالهم واعتراف المغرب بدولتهم، أكبر تهديد لوحدة أراضيهم وهو خطر البوليساريو، فالروابط العرقية والثقافية الوثيقة التي تجمعهم بالصحراويين لا تجعلهم يغفلون، أو ينسون أن عاصمتهم كانت أواخر السبعينيات قاب قوسين أو أدنى من السقوط تحت سيطرة ذلك التنظيم المسلح، لولا أن تدخل الطيران الحربي الفرنسي في آخر لحظة، وقدم لهم الدعم ووقف إلى جانب قواتهم. وربما في جانب ما قد يجعلهم ذلك يشعرون بنوع من الامتنان لباريس، لكن هل كان الغرض الخفي ربما من عبارات ولد الغزواني الودية نحو فرنسا، هو التلميح لما تفرضه عليها واجبات الصداقة الوثيقة، من ضرورة الاستمرار في تقديم الدعم إلى موريتانيا في حال ما إذا وجدت نفسها داخل أتون معركة، أو حرب قد تشن عليها من جانب البوليساريو لسبب أو لآخر؟
وربما قد يقول قائل هنا، وما الذي يمكن أن يدفع الجبهة لأن تهاجم دولة تعترف بها وتقيم معها علاقات وليست في حالة حرب معها؟ إن الفرضية الوحيدة التي يمكن أن يحصل فيها ذلك هي في حال ما إذا قرر البوليساريو توسيع نطاق المواجهات مع المغرب ونقلها من الصحراء إلى داخل موريتانيا وطالبها الموريتانيون في تلك الحالة بسحب قواتها، أو الالتزام بعدم القيام بأي عمل عسكري انطلاقا من أراضيها. وما حصل في السنوات والشهور الأخيرة يدل على أن مثل ذلك السيناريو ليس بالأمر الخيالي، أو المستبعد. فما حصل في منطقة الكركرات قبل ثلاث سنوات حين قام منتسبون له بغلق الطريق الوحيدة التي تربط المغرب بموريتانيا، ربما يتكرر وبأشكال أخرى وقد يترتب عنه جر الموريتانيين بطريقة ما إلى الدخول مباشرة في النزاع الصحراوي. لكن السؤال هو، هل ستكون فرنسا في تلك الحالة هي طوق النجاة المثالي لموريتانيا؟ أم أنه بإمكان الموريتانيين أن يعتمدوا أيضا على أصدقاء آخرين من خارج أوروبا؟ المؤكد أن تخلصهم من واحدة من القنابل الموقوتة وهي قنبلة البوليساريو لن يكون بالعمل الهين.
*كاتب وصحافي من تونس
تساؤل الأستاذ نزار دقيق جداً لأن نسبة عالية من المنتمين إلى مايسمى بالبوليساريو من أصول موريتانية وتم حشدهم ذاخل التنظيم اسوة بجنسيات أخرى من أجل مسح أي ولاء حقيقي للصحراء المغربية…والاشكال هنا سيطرح بالحاح في أفق النهاية القريبة التي تلوح حالياً لهذا الموضوع المختلق… لأن المغرب لن يتخلى وتحت أي ظرف كان عن مرجعية الاحصاء الإسباني لسنة 1974..الذي حدد عدد السكان حينها..واسماء المنتمين إلى العوائل والاسر والقبائل الصحراوية..مما يعني ضمنيا أن الأغلبية ممن هم متواجدون في مخيمات تندوف ستتم اعادتهم إلى بلدانهم الأصلية…بمن فيهم من يحملون الجنسية الإسبانية وعددهم غير قليل…واعتقد أن موريتانيا بمساعدة الدول الشقيقة وفي مقدمتها المغرب ستنجح إن شاء الله في إعادة إدماجهم في نسيجهم الإجتماعي الأصلي.
تحية للسيد نزار على مجهوداته الرائعة في الإحاطة بكل جوانب القضية الوطنية …
واضافة لما تفظلتم به … تتوجس موريتانيا اكثر من قنبلة التقسيم لفصل شمالها عن جنوبها لاعتبارات عرقية بالاساس … مستمدة مرجعيتها من تراكمات فكر حركات حقوقية مثل ” فلام” و”فرسان التغيير’ وهنا تتعالى الاصوات خصوصا من الجنوب ذي الغالبية من السود الموريتانيين … والغريب هو ظهور تنظيم في الشمال الموريتاني في وسائل التواصل الاجتماعي ينادي ب” انقاذ مجتمع البيضان” من زحف المكون الجنوبي ” الاسود” على كل مفاصل الدولة … مايلفت النظر هو تزامن هذه الحركة في الشمال الموريتاني مع طرح الجزائر لمقترح تقسيم اقليم الصحراء كحل للصراع مؤخرا …. ومن جديد …
الخلاصة ان المغرب اولى بالاتحاد مع الموريتانيين من غيره … ونفس الشيء ينطبق على مجتمع الازواد الذي لا زال يفتخر بروابطه التاريخية بالمملكة … نحن كمغاربة ننظر صدقا للموريتانيين كأشقاء لنا ولن نتوانى في الدفاع عنهم كما الامس القريب … ويوم تهاجم البوليساريو ….كما سبق وان فعلت ….الإخوة الموريتانيين سيتدخل المغرب لمنع ذلك لا شك …
في موريتانيا هناك فريق يعي التاريخ القريب .. وأن موريتانيا
والمغرب كانتا دولة واحدة… ولا وجود لدولة
بينهما ..
.
وفريق لا زال عدده قليل يتوجس من التاريخ ..
ويريد تأمين موريتانيا بوجود دولة بينها والمغرب ..
.
لحد الآن تردع المصالح الحيوية مع المغرب
الفريق الثاني… ان لا يتمادى في غيه… لكن
المؤشرات تدل على ان لموريتانيا شأن جيد
كما هو حال المغرب ايضا في مجال الطاقة
الخضراء … والغاز… وقد تفقد الأموال الفريق
الثاني العقل… ويصبح أكثر مشاكسة ..ويريد
الدخول في منافسة اقتصادية مع المغرب
والجزائر معا باللعب على قضية البوليساريو..
لإضعافهما معا …
.
ربما قد لا تشهد هذا السيناريو… وقد يحل ما
تبقى من المشكلة قبل مجيئ الطاقة الخضراء
التي تحتاج الأمن والسلام في طريقها …
وهذا ما تؤكذه مؤشرات عدة…
لأجل نقاش بناء وموضوعي لا تزمت فيه أسأل:
# لماذا لا يتم اعتبار أن اعتراف سانشيز ومن قبله ترامب ان الحكم الذاتي بشكل حلا ممكنا وواقعيا لمشكل الصحراء اعترافا تحت ظروف معينة ويتم بالمقابل حسب الكاتب اعتبار اعتراف نواكشوط بجبهة البوليساريو اعترافا ضمن ظروف معينة لا أكثر؟ ما هو الف ق بينهما؟
# و الاهم كيف لتنظبم إرهابي يهدد امن موريتانيا وامن جيرانها ان يتم استقباله من خلال ممثلين عنه او من خلال رئيسه شخصيا من طرف غوتيريش ومبعوثه المنطقة ومن حرف الاتحاد الأوربي ومحاكمه ومن طرف الاتحاد الأفريقي بشكل دوري؟
هل للسوالين من مجيب؟
بعد صدور التقرير الاممي سترى الجواب بعينك صديقي الجزائري … نسأل الله أن يوفقنا لما فيه خير الجميع
لان القوى الكبرى التي تسترزق من مشكل الصحراء وعلى رأسها فرنسا وإسبانيا وحتى أمريكا لا تريد حل لهاذا النزاع.كما ترى يا صديقي الجرائر دولة نفطية وغازية ووو إلخ .ومع كل هاذا فهي لازالت تصنف من دول العالم الثالث.وستبقى كذلك مادام نزاع الصحراء قائم
رغم ان السوال ليس عن الحزائر ولكن لبعصهم
موهبة الزج بالجزائر في كل شيء ليحولوا النقاش..
لكني احببت للمعلومة ان اوضح ان الحزائر دولة غازية وليست نفطية.. عائدات النفط في الحزائر تمثل ما يقارب سدس اچمالي ناتجها الداخلي الخام (أي ما يقارب 35 مليار دولار سنويا فقط) وهو رقم تافه مقارنة بعوائد الدول النفطية
يمكن مثلا وصف السعودية كدولة نفطية فانتاجها يقارب اكثر من 12 مرة ضعف انتاج الحزائر واحتياطها تقارب 30 مرة احتياطات الحزائر..
ومع ذلك هي دولة عالم ثالث.. لكن بعضهم يحلو له أن يشير للجزائر دون غيرها من شدة حبه لها طبعا
تتساءل لماذا نزج بالجزائر في موضوع الصحراء. السؤال هو لماذا تزج الجزاءر بنفسها و ثقلها و أموالها و غازها في موضوع الصحراء. و لماذا غضبت على إسبانيا التي اعترفت بالحكم الذاتي في الصجراء، و لم تغضب على أمريكا التي نقلت سفارتها الى القدس. و لماذا لا نجد إلا الجزاءريين في هذا الموضوع الذي يخص قضية لا دخل لهم فيها ( كما يقولون).
أحسنت يا سي سعيد . تعليقك في الصميم . أتساءل كيف ستكون المشاعر بعد خبر اختيار المغرب بمعية البرتغال وإسبانيا لتنظيم مونديال 2030 بعد الاختيار لتنظيم كان 2025.
من المؤسف جدا ان تصف حركة التحرر الوطني بوليساريو بالميليشيات وهذا انحياز لطرف ضد طرف , المتعارف عليه ان البوليساريو تفاوض مع المملكة المغربية لسنوات طويلة والامم المتحدة والولايات المتحدة و اغلب دول اوروبا وافريقيا وامريكا اللاتينة تعترف بهذه الجبهة وللحركة ممثليات في عشرات الدول في العالم , ومؤخرا فقط التقى الامين العام للامم المتحدة بزعيم البوليساريو ابراهيم غالي , ان القول بان البوليساريو تهديد لموريطانيا لااساس له من الصحة والدليل على ذلك انه لم تقع اي اشتباكات بين الصحراوين والموريطانيين بعد فظ الاشتباك بينهما عندما كانت موريطانيا تسيطر على جنوب الصحراء الغربية بعد اتفاقية تقسيمها بين المملكة وموريطانيا .
إذا كان هذا الوصف الذي ذكرته يمنح المشروعية لأي تنظيم…فهو ينطبق أيضا على حركة الماك التي لها حكومة في المنفى أو في باريس على الاصح ويستقبل قائدها في أوروبا وغيرها بلقب الرئيس…واعطيت له مرارا فرصة إلقاء خطبه في الأمم المتحدة ولجانها باسم شعب مكون من ملايين البشر…فلماذا ننزع من هذا ما نعطيه للاخر..
إلى عبد الوهاب عليوات
الجواب بسيط الرفيق عليوات. يقع جميع ما ذكرت في تعليقك، لكي يظل مشكل الصحراء قائما، يستزف خيرات وثروات المغرب والجزائر، ولكي لا تقوم للمنطقة المغاربية قائمة، وتبقى خاضعة وتحت التحكم والسيطرة من طرف أمريكا والماما فرنسا.
يقول احد الساسة الموريتانيين.. ان المغرب نختلف معه في كل شئ الا في قضيةالصحراء .الغربية . والجزائر نتفق معها في شئ الا في قضية الصحراء الغربية ..