كيف سترد أمريكا على قرار أوبك+؟

حجم الخط
18

تحمّل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كلفة سياسية وازنة، حين اضطر إلى مسح انتقاداته السابقة للمملكة العربية السعودية، وتعهده السابق بجعلها «دولة منبوذة» على خلفية سجلها الحقوقي، والهجمات التي تعرض لها من وسائل إعلام ومنظمات حقوق ومستشارين، ليلتقي ولي عهدها محمد بن سلمان، على أمل إقناعه بزيادة كميات إنتاج النفط لتخفيف الضغوط الهائلة التي تعرضت لها اقتصادات العالم بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا.
كان المأمول من تلك الزيارة أن تحقق زيادة سعودية في الإنتاج بمعدل 750 ألف برميل يوميا، وأن تقوم الإمارات بزيادة إنتاجها 500 ألف برميل إضافية في اليوم، مما كان سيؤدي لانخفاض سريع في أسعار الغاز والنفط، وإضعاف قدرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي استخدم هذين السلاحين ضد أوروبا والغرب.
أضافت الرياض تلك الزيارة الشديدة الأهمية إلى رصيدها طبعا، لكن ولي العهد اكتفى، حينها، بالتأكيد على عدم قدرة بلاده على زيادة القدرة الإنتاجية، كما أنه واجه طلبات الالتحاق بالإمارات والبحرين والمغرب والسودان، بالتطبيع، الكامل أو الجزئي، مع إسرائيل، بخطوات رمزية، منها فتح المجال الجوي للطائرات الإسرائيلية.
من المثير للملاحظة أن بايدن قال حينها، خلال لقاء قمة مع قادة مجلس التعاون الخليجي والعراق والأردن ومصر، قبيل اختتام جولته في الشرق الأوسط: «لن نتخلى (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران».
الذي حصل عمليا هو أن السعودية، أكبر المنتجين في منظمة الدول المنتجة للنفط «أوبك»، رعت، بالتنسيق مع روسيا، اتفاقا لخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا.
كشف القرار تداعيات سياسية كبيرة، وأهمها أن القيادة السعودية قادرة، ليس فقط على الانحياز إلى مصالحها، بغض النظر عن مصالح الحليف التاريخي الأمريكي، بل إنها لا تمانع في الظهور فيما يشبه تحالفا موضوعيا مع روسيا، التي ستعتبر أنها سجلت، بهذا القرار الأخير، تقدما استراتيجيا، يمكن أن يخفف عليها وطأة الانسحابات على الأرض الأوكرانية، وأن يحفظ لها مصداقية يتسارع تهافتها لدى مواطنيها.
يمكن لما جرى أن تكون له تأثيرات داخلية أمريكية، وهو ما يجعل من قرار أوبك، إذا ارتفعت أسعار النفط كثيرا في السوق الأمريكية، عاملا في التصويت ضد الحزب الديمقراطي الحاكم خلال الانتخابات النصفية المقبلة للكونغرس، وهو ما يشبه تصويتا مناهضا للديمقراطيين من قبل الرياض، وضد بايدن شخصيا، بما يجعلها أحد «المؤثرين» في السوق الانتخابية الأمريكية!
واضح أن الرئيس الأمريكي قد أحس بالضرر الذي سيتعرض له، وهو ما جعل «البيت الأبيض» يصف القرار بكونه اصطفافا مع موسكو، وتحديا لقرارات الولايات المتحدة وحلفائها بعزل روسيا.
فصول القصة لن تنتهي هنا طبعا، فهناك أنباء أن بايدن يرغب في اللجوء للكونغرس لإصدار تشريع يستهدف منظمة أوبك وروسيا، وإذا نجحت دعوات بعض أعضاء الحزب في الرد على الرياض، فإن أوبك ستكون عرضة للعقوبات، كما أن مستوى التصعيد بين البلدين سيتصاعد في وقت عالمي حرج تزداد فيه المخاطر على كافة الصعد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مظفر:

    السعودية – حفظها الله وحماها – آخر قلاع العرب فإن حصل لها مكروه – لا قدر الله- فأقرأوا الفاتحة على العرب والعروبة وبالتالي يجب التضامن مع السعودية سواء اتفقنا مع سياسة حكامها أو اختلفنا. القيادة السعودية الجديدة تدرك تماماً ماذا تفعل ونتمنى لها كل التوفيق.

  2. يقول المنبِّه الإخباري - أوسلو:

    غير صحيح القول هذا المتناقض أصلا بأن أمريكا هي أكبر دولة منتجة للنفط والغاز في العالم حسبما يستقون من الشيخة ويكي “معلوماتهم” التي أكل عليها الدهر وشرب بما فيه الكفاية منذ زمان وزمان، لو كانوا على أدنى تقدير تكلفوا عناء النظر إلى التقارير العلمية الموثوقة الصدور قبل أيام – انتهى التنبيه الإخباري

  3. يقول ابن الاردن:

    هناك مصالح مشتركه ومتشابكه بين امريكا واوروبا من ناحية ودول الخليج من ناحية اخرى
    مصالح اقتصاديه وسياسيه وعسكرية وامنيه ،،، ايهما يحتاج الآخر أكثر. ، رفع الاسعار يجعل امريكا واوروبا موحدة في مواقفها ومن ورائها الدول المستهلكة وهي الفقيرة اساسا ، عدا الصين والهند ،. اتخاذ قرارات متشددة و مبنية على ردود فعل ليست حكيمه ، لنعود الى الوراء قليلا اننا نتذكر القرارات المتشددة والائملائية التي اتخذتها كل من السعودية والامارات والبحرين وخلفهما مصر ضد دولة قطر ، والتي رفضتها بكل تصميم ،. ماذا كانت النتائج ؟ تصدع العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي ، رغم انه كانت هناك عوده عن المواقف الإملائية ،
    دول الخليج بحاجة الى امريكا لدواعي امنية وعسكرية وسياسيه ، اكثر من حاجة امريكا لها. ،
    ؟؟ماذا لو بدأت اصوات من جهات ما ترتفع وتعتبر الكويت جزءا من العراق ؟. او البحرين جزء من ايران ،، او بدأت المضايقات الايرانية بحرا وجوا وبدأت المسيرات الحوثيه تزنزن في اجواء السعودية والامارات ، ؟؟؟ لقد كان هناك سياسات غير مدروسه ، ومتسرعه والمثل يقول الطلق اللي ما بصيب بدوش

  4. يقول ismail el jundi:

    تبا له ان دول اوبك تدافع عن مصالحها كما يدافع الغرب عن مصالحه

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية