كيف سيواجه العالم الحر “ومنه إسرائيل” صعود اليمين المتطرف في ألمانيا؟

حجم الخط
0

بقلمبن – درور يميني

كان واضحاً أن اليمين المتطرف في صعود، ورغم ذلك، كانت نتائج الانتخابات في ألمانيا مفاجئة. أوروبا التي عرفناها تغير وجهها. كل دولة ويمينها. بين السكني والأسود خمسون لوناً. حزب الـ AFD، “البديل لألمانيا”، هو في منطقة تسود فيها الألوان؛ الفاشية هناك. على خلفية كراهية إسرائيل في دوائر اليسار التقدمي، في أوروبا مثلما في أمريكا، كان يمكن لأحزاب اليمين أن تكون وزناً مضاداً ليس الـ AFD. قبل سنوات وصلت بروكا باتري إلى إسرائيل، كانت في حينه زعيمة الحزب. التقينا. “لسنا لاساميين ولا عنصريين”، قالت لي. “نحن ضد الهجرة. لدينا عناصر مؤيدة للنازية”، اعترفت، “لكننا نحاول التخلص منهم. لا يمثلون الحزب الذي أترأسه”.

كانت مقنعة بما فيه الكفاية. ولكن مرت أشهر غير كثيرة وتبين أن تلك المحافل كانت أكثر سيطرة مما كان يخيل لها. كانت على ما يكفي من الاستقامة كي تترك الحزب. الـ AFD لا يحاول اليوم أن يبدو معتدلاً. ألمانيا الرسمية تؤيد إسرائيل بالتأكيد، لكن الشارع الألماني أقل بقليل. ثمة تقارير لا حصر لها عن أحداث إسرائيلية، التي هي لاسامية أيضاً. بشكل عام، يأتي هذا من ائتلاف اليسار المتطرف ومن الإسلاميين والآن من اليمين المتطرف أيضاً. في الأسبوع الماضي، حصل على نحو 33 في المئة في ولاية تورونغية و30.6 في المئة في سكسونيا. الوسط السياسي، الذي يتشكل منه الائتلاف الحاكم يفقد القوة. دول الغرب التي قامت إجمالا على أساس انقسام الآراء وفقاً لمنحنى غاوس (أو منحنى الجرس) تتميز أكثر بالانقسام مع جرس مزدوج من اليسار المتطرف أكثر ويمين متطرف أكثر بكثير، مع وسط آخذ في الضعف. هكذا في الولايات المتحدة وهكذا في بعض من دول أوروبا.

هذه بشرى سيئة للديمقراطية: الانعزالية إحدى مزايا اليسار المتطرف واليمين المتطرف. اليمين الصاعد في ألمانيا واليسار أيضاً متحدان في موقف أنه يجب وقف المساعدة لأوكرانيا. والمعنى العالمي هو تعزيز جدي لروسيا، وبشرى ممتازة لإيران ولمحور الشر. هذه بشرى سيئة للعالم الحر الذي يرفض رؤية المخاطر التي تتربص به، وبشرى سيئة لإسرائيل.

من يعارض المساعدة لأوكرانيا سيصل إلى معارضة المساعدة لإسرائيل. وقد سبق لهذا أن حصل: في بريطانيا، بالحكم العمالي، أعلنت الأسبوع الماضي عن وقف 30 نوعاً من إرساليات السلاح إلى إسرائيل. وكان لإيطاليا تصريح مشابه حتى قبل ذلك. يمين؟ يسار؟ موقفهما مشابه إزاء إسرائيل.

نلوم أنفسنا، ولسنا على حق دوماً، على “سياقات” تحول إسرائيل ظاهراً إلى ألمانيا الثلاثينيات. هذا هراء. ثمة يمين متطرف وعنصري وفاشي، لكن ليس أكبر من اليمين المتطرف في كثير من دول أوروبا. لكن يوجد فرق: ليس لدول أوروبا حدود مع كيان إرهابي يهددها بالإبادة. حتى بلا تهديد وجودي، اليمين المتطرف هناك في ارتفاع مستمر. لا حاجة لأن تؤيد هذا اليمين، لكن يمكننا أن نفهم على أي خلفية ينمو.

في أوروبا القصة مختلفة. ثمة هجرة، تم استيعاب بعضها بشكل رائع، وقسم آخر يرفض الاستيعاب. في 2004 نشر الصحافي البريطاني ديفيد غودهارد، مقالاً تحت عنوان “اضطراب متدفق”، أثار نقاشاً جماهيرياً واسعاً. في الماضي، ادعى غودهارد، كان هناك مجتمع إنساني مع قيم مشتركة، وهكذا نلنا التضامن ودولة الرفاه. موجات الهجرة خلقت تنوعاً. وكلما ازداد، تآكل القاسم المشتركة وكذا التضامن.

منذ عقدين كان هذا هو واقع أوروبا التي فتحت بواباتها للمهاجرين. والآن يهاجمها هذا من اتجاهين: المهاجرون الذين يرفضون الاندماج، واليمين المتطرف الذي يذكر الكثير من دول أوروبا وأساساً ألمانيا بالأيام السيئة من القرن الماضي.

العالم الحر، بما في ذلك إسرائيل، يقف أمام المعضلة ذاتها. كيف نحافظ على فكرة تأسيسية مشتركة في عصر الهجرة الجماعية؟ لا توجد أجوبة سهلة. لكن يخيل أن أوروبا كلها تدفع ثمناً باهظاً على سياسة الأبواب المفتوحة. من ناحية إسرائيل، المشكلة مزدوجة؛ من جهة يسار متطرف ينضم إلى مظاهرات الكراهية التي يقوم بها الإسلاميون؛ من جهة أخرى سبق أن كان اليهود ذات مرة في فيلم صعود اليمين المتطرف. كراهية مزدوجة وليس فيها ذرة رحمة.

 يديعوت أحرونوت 8/9/2024

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية