غزة – «القدس العربي»: على وقع تفشي أوسع لنطاق المجاعة غير المسبوقة في قطاع غزة، ارتكبت قوات الاحتلال سلسلة مجازر دامية، أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا، جراء استهداف المنازل وخيام النازحين وطالبي المساعدات الإنسانية، التي وصف مفوض «الأونروا» آلية توزيعها الإسرائيلية – الأمريكية أنها «عمل بغيض».
وقالت مصادر طبية لشبكة «الجزيرة» إن 37 شهيدًا ارتقوا بنيران الاحتلال في القطاع منذ فجر الأحد وحتى ساعات المساء.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن وصول 51 شهيدًا و104 مصابين إلى مشافي القطاع خلال الـ 24 ساعة الماضية، مشيرة إلى ارتفاع حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 55,959 شهيدًا و131,242 مصابًا منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023.
وفي التفاصيل، استُشهد محمد غراب، وهو ضابط في فريق الدفاع المدني، وزوجته في قصف إسرائيلي استهدف منزل العائلة في الحي الجديد في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
ونددت المديرية العامة للدفاع المدني باستهداف طواقمها، مؤكدة أن «جميع العاملين في حالة طوارئ ويتم استدعاؤهم وقت الحاجة في العمل الإنساني»، مشيرة إلى أن استشهاده يرفع عدد شهداء الدفاع المدني خلال العدوان إلى 121 شهيدًا، بما نسبته 14.3% من إجمالي عدد العاملين في المديرية.
آلة الحرب الإسرائيلية تفتك بالعشرات
وارتقى شهداء ومصابون جراء استهداف خيمة للنازحين في منطقة الحساينة غرب مخيم النصيرات، كما استُشهد مواطنان، بينهما طفل، جراء قصف استهدف منزلًا لعائلة أبو بطيحان، في محيط أبراج عين جالوت في النصيرات وسط القطاع. وأعلن مستشفى العودة في مخيم النصيرات عن وصول شهيدين عبارة عن أشلاء و3 إصابات، بينهم طفل وطفلة، جراء استهداف طائرات الاحتلال منزلًا في بلدة الزوايدة.
واستُشهد مواطن من عائلة الغرباوي في مخيم البريج المجاور، جراء قصف مدفعي استهدف منطقة سكنه، فيما أُصيب عدد من المواطنين جراء سقوط قذيفة مدفعية إسرائيلية على منزل يعود لعائلة أبو حصيرة قرب شارع صلاح الدين شرقي مخيم النصيرات، كما أُصيب آخرون من طالبي المساعدات شمال المخيم، عند اقترابهم من نقطة التوزيع الخاضعة للآلية الإسرائيلية – الأمريكية.
وقال مستشفى العودة إنه استقبل 4 شهداء و31 إصابة، منها 22 إصابة جراء استهداف الاحتلال تجمعات المواطنين من منتظري المساعدات على شارع صلاح الدين جنوب منطقة وادي غزة وسط القطاع، بينهم 4 إصابات خطيرة حُوّلت إلى مستشفيات المحافظة الوسطى، إضافة إلى 3 إصابات و4 شهداء جراء استهداف الاحتلال مخيم النصيرات، و6 إصابات نتيجة استهداف مخيم البريج.
أما في مدينة خان يونس، فاستمرت هجمات الاحتلال الدامية، على وقع توسيع عمليات التوغل وتدمير المنازل. وذكرت مصادر طبية في مجمع ناصر أن 14 مواطنًا وصلوا إلى المجمع حتى ظهر الأحد، من بينهم مواطنون من عائلات شلوف وأبو سنيمة وأبو لحية، جراء استهداف خيام نزوحهم في منطقة المواصي غربًا، فيما أُصيب مواطنون آخرون بحروق، أغلبهم أطفال، في استهدافات أخرى لتلك المنطقة التي تؤوي أعدادًا كبيرة من النازحين.
وكان من بين الضحايا شهداء من عائلات الشواف وأبو عليان وأبو خديجة، انتُشلوا من بلدة عبسان التي تتعرض لهجوم بري عنيف، وسقط فيها أيضًا شهداء جدد، فيما أعلن المشفى عن ارتقاء شهداء كانوا في غرف العناية المركزة يتلقون العلاج من إصابات خطيرة.
وذكرت المصادر الطبية أن أحد الشهداء الذين وصلوا إليها ارتقى عندما استُهدف من قبل قوات الاحتلال خلال ذهابه إلى أحد مراكز توزيع المساعدات الإنسانية.
وأُصيب عدد من المواطنين، بينهم سيدة بعيار في الرقبة، خلال وجودهم في منطقة أصداء غرب المدينة، وهي من المناطق التي يكثر فيها النازحون، وتتعرض لاستهدافات متكررة من قوات الاحتلال المتوغلة في مناطق قريبة.
وارتقى 6 شهداء وأُصيب آخرون بنيران الاحتلال قرب مركز المساعدات الأمريكية شمال غرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. كذلك أُصيب أكثر من 10 مواطنين خلال توجههم إلى مركز توزيع المساعدات التابع للشركة الأمريكية شمال مدينة رفح.
وتتعمد قوات الاحتلال إطلاق النار بكثافة، وكذلك القذائف المدفعية، على المواطنين الذين يتوجهون يوميًا إلى مراكز توزيع المساعدات، وفقًا للآلية الإسرائيلية – الأمريكية.
وفي الموازاة، استُشهد مواطنان، أحدهما طفل، جراء قصف الاحتلال منزلين في حي التفاح شرق مدينة غزة، كما استُشهد مواطن في قصف إسرائيلي على منطقة الصفطاوي شمال المدينة.
أما في شمال قطاع غزة، فقد تواصلت الهجمات التي يشنها جيش الاحتلال على مناطق التوغل البري، التي طاولت معظم مناطق القطاع.
ومنذ يوم 16 أيار / مايو الماضي، بدأ جيش الاحتلال هجومًا بريًا واسعًا على مناطق شمال القطاع، تخلله إجبار 300,000 مواطن على النزوح القسري.
وتفرض قوات الاحتلال، التي دفعت بآلياتها للتوغل في تلك المناطق، السيطرة من خلال القصف الجوي والمدفعي والقوة النارية الكثيفة، وسط عمليات تدمير ونسف لمبانٍ كثيرة في تلك المناطق، وتمنع في الوقت ذاته وصول طواقم الإسعاف والإنقاذ إلى الضحايا هناك.
وبسبب التصعيد الدامي والحصار المفروض على غزة، حذرت وزارة الصحة من أن مرافقها تواجه «عجزًا حادًا» في أرصدة وحدات الدم، وقالت إن أكثر من 48% من المواد المخبرية باتت على وشك النفاد.
وفي السياق، جدد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، فيليب لازاريني، مهاجمته آلية توزيع المساعدات التي أنشأتها إسرائيل في قطاع غزة، ووصفها بـ «العمل البغيض»، مؤكدًا أن مليوني فلسطيني في القطاع يتعرضون للتجويع.
ونقل موقع «الأونروا» عن لازاريني قوله، خلال كلمته أمام الدورة الـ 51 لمجلس وزراء خارجية «منظمة التعاون الإسلامي»: «إن ما يُسمى بآلية المساعدات التي أُنشئت مؤخرًا هي عمل بغيض يُذل ويُهين الناس اليائسين»، مؤكدًا أنها باتت عبارة عن «فخٍ للموت يؤدي إلى فقدان أرواح أكثر مما يُنقذ».
وأشار إلى أن «الغذاء يُستخدم كسلاح، ويُجرَّد الفلسطينيون من إنسانيتهم، دون أي عواقب». وكانت مؤسسة «غزة الإنسانية» قد طلبت، يوم الأحد، من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقديم 30 مليون دولار كي يتسنى لها مواصلة عملية توزيع المساعدات، على حد زعمها.
وتصدّيًا للهجمات الإسرائيلية على غزة، أعلنت «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، الذراع العسكري لحركة «حماس»، أن مقاتليها أبلغوا بعد عودتهم من خطوط القتال، تمكنهم من قنص جندي إسرائيلي على جبل المنطار شرق حي الشجاعية، وكذلك استهداف قوات الاحتلال المتمركزة في نفس المكان بدفعتين من قذائف الهاون. كما أعلنت «سرايا القدس»، الذراع العسكري لـ «حركة الجهاد الإسلامي»، عن قصف تجمع آليات وجنود الاحتلال الإسرائيلي عند تلة المنطار بعدد من قذائف الهاون الثقيل.