نعم «إن كنت ناسي أفكرك» يا حسين الشيخ بأنكم ارتكبتم أخطاء، بل فواحش كقيادة فلسطينية، وأنت في المقدمة، ولن أقول أكثر من ذلك، والاعتراف بالذنب فضيلة، لن أحملك المسؤولية الكاملة، ولكن القسم الأكبر منها. فأنت من ترأس فريق التفاوض إلى كل الاجتماعات والاتصالات الأخيرة، التي قادت إلى كل هذه التراجعات السياسية التي انتهت بالمجازر اللاحقة خلال الشهرين الماضيين، محصلتها استشهاد نحو80 فلسطينيا بين شاب ومسن وطفل وامرأة.
طبعا أنت تتحمل المسؤولية الكبرى، باعتبارك أمين سر اللجنة التنفيذية، وهو المنصب الذي كان يشغله الراحل صائب عريقات، وتشغل أيضا عضوية المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير، وعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، والأهم من كل هذا منصب وزير الشؤون المدنية، صلة الوصل الوحيدة مع الجانب الإسرائيلي ولا يمر شيء إلا بموافقته. لم تكن موفقا يا حسين الشيخ في الكلام المصور الذي كان ربما مجتزأ ليتناسب مع ما سيستنتجه صاحبه، فما نقل بالصوت والصورة كان بعضه غير مقبول. لقد بديت في غاية الغضب ومنفلت الأعصاب، ربما كان ذلك ردا على استفزاز المحاور، لكن أيا كانت الأسباب فإن نرفزتك، أو بالأحرى القول غضبك إلى هذا الحد، لم يكن مبررا، إلا إذا كانت المسألة تضرب عصبا حساسا.
كفاكم تصديق وعود الأمريكيين.. وكفاكم مناشدة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة والدول الأوروبية وغيرها لوقف المجازر التي ترتكب يوميا، وتزداد وحشية بحق شعبنا
وكان ردك مفاجئا، سواء بالكلمات، أو حركة اليدين وهزة الرأس وتعابير الوجه. قال المقدم كلمات لا أتفق معه فيها، خاصة كلمات التخوين، ولكن الطريقة التي رددت عليه فيها كانت مثيرة للاستفزاز، فلم تحاول حتى التبرير والاعتذار، بل أنكرت بالكامل أي تراجع للقيادة عن قرارات حساسة «أقسم بالله أنك صدمتني وأنت تتساءل» ممكن تقووووللي» لو سمحت ما هو التنازل «الكبييير»، الذي قدمته القيادة الفلسطينية أو «التااافريط» قلتها وانت تهزّ يديك وجسدك ورأسك يمينا ويسارا. لن أنبش في الماضي يا حسين ولنتحدث عن الأشهر والأسابيع الأخيرة، عندما سحبت السلطة مشروعها الذي كان مقدما إلى مجلس الأمن، الذي قُضيت الساعات الطوال في إعداده بمشاركة الأصدقاء والحلفاء، لاستصدار قرار يدين الاحتلال وجرائمه والاستيطان إلى آخر الديباجة. الجميع يعرف من تجارب سابقة أن كل ما أراده الأمريكيون من ذلك هو سحب مشروع القرار، ومنع التصويت بأي ثمن، ونجحوا في ذلك وكان لهم ما أرادوه، حتى لا يضطروا إلى استخدام «الفيتو» ضد مشروع القرار، الذي يعكس مواقفهم من قضية المستوطنات، كما أنهم يخشون من أن استخدامهم لهذا الحق قد يؤدي إلى تصعيد للموقف، خاصة أن شهر رمضان، على الأبواب ويتوقع أن تنفجر فيه الأوضاع، ولا يفسرون أن السبب هو العدوان اليومي المتواصل للمستوطنين بدعم من قوات الاحتلال على الحرم القدسي وأماكن أخرى، ويحاول الفلسطينيون منعها. وبالمناسبة فقد استخدمت أمريكا الفيتو ضد كل القرارات لصالح فلسطين منذ 1948 باستثناء القرار 2334 في ديسمبر 2016، الذي كان انتقاما من طرف أوباما من نتنياهو ولم تكن النتيجة ملزمة. أوهمونا بأن هناك بنودا سرية في التفاهم الجديد، ووعودا بوقف العدوان والاقتحامات المتواصلة وأعمال القتل والهدم، التي يقوم بها الجيش وقطعان المستوطنين.. وتبين لاحقا أن لا وجود لبنود سرية في التفاهمات، وجاءت تصريحات نتنياهو لتفندها بالقول، إن حكومته لم تلتزم بوقف هدم المباني «غير القانونية» في المناطق المصنفة (ج) وفقا لتفاهم سحب القرار. ولا أفهم على ماذا تم التفاهم. وقلنا إن المؤمن قد يلدغ من جحر واحد مرة، لكن لا يلدغ من جحر واحد مرتين، لكنكم مستعدون لأن تلدغوا مرتين وثلاث مرات، بل عشرات اللدغات. التزمتم من جانبكم بالاتفاق وجاء رد الاحتلال الذي لا يحفظ وعودا ولا عهودا بالخبرة والتجربة وتجربتنا معه طويلة، مدويا، بارتكاب أعنف مجزرة في شهر واحد، بل في يوم واحد، ليقضي على التفاؤل الفلسطيني الرسمي الذي لا أدري مصدره، مجزرة أعدم فيها 11 فلسطينيا بين شاب وطفل ومسن وامرأة في مدينة نابلس، ومن دون أي استفزازات. واكتفيتم من الامريكيين فقط بالتنديد بالمجزرة، التي لم تردعهم عن المحاولة ثانية لجمع الطرفين إلى طاولة واحدة، في لقاء في منتجع العقبة الأردني، وللسبب نفسه، تجنب الانفجار وتخفيف حدة التوتر. وأعلن عن نجاح لقاء العقبة واتفقتم على مواصلته في شرم الشيخ المصري، رغم القناعة بأن إسرائيل أرادت من هذا اللقاء تسوية القضايا الأمنية، بينما زعمتم أنكم تبحثون عن تحريك عملية السلام، فكان للإسرائيليين ما أرادوا، وفشلتم أنتم في تحقيق المراد. فجاءت الصفعة الثانية، بمحرقة حوارة التي راح ضحيتها شهيدا ومئات الجرحى وحرق مئات المنازل والسيارات. وإذا كان الأمل يحدو بعضا منكم في تطوير العلاقة مع حكومة الاحتلال بثالوثها العنصري الإجرامي الفاشي نتنياهو – سيموتريتش مسؤول الاستيطان وبن غفير المسؤول عن أمن الضفة، جاءت تصريحات بن غفير بعد العقبة وقوله إن ما اتفق عليه في الأردن يبقى في الأردن، لتقضي على ما تبقى من آمالكم وينسف كل الآمال المعلقة عليه. وتواصل مسلسل القتل والمجازر بإقدام المستوطنين على حرق بلدة حوارة وزادت من المخاوف تصريحات سيموتريتش، حول الإصرار على «محو قرية حوارة من الوجود». وكان آخر المجازر إعدام ثلاثة شباب، ومن دون تحرش في قرية جبع جنوب جنين، يوم الخميس واستشهاد الشاب عبد الكريم بديع الشيخ21 عاما من قرية سنيريا، عقب إطلاق مستوطن النار عليه شرق قلقيلية.
عدد الشهداء في ازدياد وبسقوط شهداء جنين الأربعة وشهيد (أمس) في سنيريا يرتفع عددهم منذ بداية العام إلى نحو80 شهيدا، بينهم 70 شهيدا من الضفة الغربية، و6 شهداء من القدس، وشهيدان من قطاع غزة، وحسب وزارة الصحة فإن بين الشهداء 14 شهيداً من الأطفال، وشهيدة من السيِّدات، وتعكس جغرافيا الشهداء سقوط 31 شهيدا في محافظة جنين و32 شهيدا في محافظة نابلس، و7 شهداء في محافظة الخليل.
فهل يكفي هذا العدد يا سيد حسين لتصل إلى قناعة بفشل كل محاولات التهدئة، وتقتنع بأن المسألة ليست متعلقة بشهر رمضان فحسب، بل بالاحتلال وبنهج حكومة الاحتلال الحالية وسابقاتها التي تحاول أن تقنعكم وأنتم ترفضون الاقتناع، برفض حكومة الاحتلال سابقة وحاضرة مبدأ التفاوض معكم لإحلال السلام، الذي تعتقد أنها حققته بالتطبيع مع بعض الدول التي تمادت في إجراءات التطبيع.
وأخيرا نقول كفاكم تصديق وعود الأمريكيين.. وكفاكم مناشدة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة والدول الأوروبية وغيرها لوقف المجازر التي ترتكب يوميا، وتزداد وحشية. ويقول الشاعر «لقد أسمعت لو ناديت حيا… ولكن لا حياة لمن تنادي، ولو نار نفخت بها أضاءت.. ولكن أنت تنفخ في رماد». خلاص افهموا أنكم وصلتم ومنذ زمن بعيد إلى طريق مغلق بالضبة والمفتاح، كما يقول إخواننا المصريون. فابحثوا عن سبيل آخر ولن تجدوه إلا في أوساط شعبكم وهو الوحيد القادر على العطاء والمواجهة ويفهم دولة الاحتلال أكثر منكم كما يبدو، أو كما أثبتت الأيام والسنين.. عودوا إلى وعيكم وشعبكم فهذه هي المعادلة التي ستهزم الاحتلال.
كاتب فلسطيني من اسرة «القدس العربي»
لا هو ولا جميع السلطه يمثل الشعب الفلسطيني .كيف السكوت عليه هو وغيره
المقال المطرقة…فمتى نسمع رنين السندان؟