تتسابق المؤسسات العمومية والإدارات الحكومية في الجزائر إلى إعلان تخليها عن اللغة الفرنسية وإحلال الإنكليزية مكانها.
كثيرا ما يرافق إعلان بدء العمل بالإنكليزية نوع من الزهو والشماتة غير المُعلنَين. زهو بلغة شكسبير وشماتة في لغة موليير (بينما تبقى العربية ضائعة لا بواكي لها). وترافق الإعلان أيضا تلميحات من قبيل أن الفرنسية لغة الأشرار والإنكليزية لغة الملائكة الأبرار.
من الصعب تخيّل أن الجزائر جاهزة بشريا ولوجيستيا لبدء استعمال الإنكليزية بشكل فعال ومثمر (لكن هذا نقاش آخر، وفي العموم لا بد من البدء يوما ما في مكان ما دون الحاجة لانتظار الوقت المناسب الذي قد لا يأتي أبدا). لكن في المقابل هناك قناعة في أوساط الشباب، ذكورا وإناثا، بأن الإنكليزية أفضل لهم لجهة توفير فرص العمل وتطوير الذات، داخل البلاد وخارجها. وتُترجم هذه القناعة في الإقبال الهائل على مدارس اللغة الإنكليزية رغم الرسوم الباهظة التي تفرضها. أعرف أن هناك عملا دؤوبا منظما في هذا الاتجاه، ترعاه أطراف منها الولايات المتحدة، هدفه توسيع نطاق تعلم الإنكليزية وتعميم انتشارها.
العارف بواقع الحال اللغوي في الجزائر يلمس في التوجه المستعجل نحو الإنكليزية كثيرا من الحسابات السياسية، ويرى أنه لا يمكن فصل هذا العشق الطارئ للإنكليزية عن الأزمة الشديدة التي تعيشها العلاقات الجزائرية الفرنسية. وهذا يكفي ليقلل من جدية المسعى كله.
أصبح مشروعا الخوف من أن اللغة الفرنسية ستذهب ضحية الخلافات السياسية والدبلوماسية بين الجزائر وباريس. فقد أصبحت أسهمها ترتفع في مواسم الهدوء والتطبيع، وتنهار مع كل أزمة دبلوماسية وما أكثر هذه الأزمات في السنوات الأخيرة.
ليس سرا القول إن الواقع اللغوي في الجزائر مأساوي. لقد أخفقنا ثلاث مرات: مرة في احتضان اللغة العربية وتقريبها إلى قلوب الناس وعقولهم. مرة ثانية في الحفاظ على اللغة الفرنسية كمكسب وغنيمة حرب تفيد من يتقنها وتزيد من فرص نجاحه في الحياة. وثالثة في التأخر كثيرا في تبني اللغة الإنكليزية بالجدية المطلوبة والضرورية لانتشارها في مجتمع هي دخيلة عنه.
والنتيجة أجيال كاملة مصابة بالشلل اللغوي، غير متمكنة من العربية وتستحي بها، غير كفؤة في الفرنسية وغير متفوقة في إتقان الإنكليزية. اسأل أيَّ خريج جامعي من حولك أن يترجم لك فقرة قصيرة تقع بين يديك من أو إلى أيٍّ من اللغات الثلاث، وسترى بأم العين حجم الكارثة.
منذ ثمانينيات القرن الماضي لم تخرج المدرسة الجزائرية من طور التجريب والمحاولة. ولم تتحرر من كونها الحلبة المثالية للصراعات العقائدية واللغوية
يمكن وضع الفشل اللغوي ضمن إخفاق المدرسة الجزائرية ككل في إيجاد خطط علمية ثابتة وأرضية أكاديمية صلبة ودائمة تنطلق منها في بناء الأجيال. منذ ثمانينيات القرن الماضي لم تخرج المدرسة الجزائرية من طور التجريب والمحاولة. ولم تتحرر من كونها الحلبة المثالية للصراعات العقائدية واللغوية.
وإذا افترضنا أن تعثر المدرسة يعود إلى قلة الكفاءة وسوء إدارة أهم قطاع في البلاد، يبقى الإخفاق اللغوي أبرز وأخطر عناوين تعثر المدرسة الجزائرية. ويبقى أن الموضوع اللغوي قصة سياسية وعقائدية وثقافية ملغومة وأشد تعقيدا.
منذ استقلال الجزائر في 1962، وحتى قبله، استُعملت اللغة سلاحا في كل المواجهات العقائدية في الإدارة ودوائر الحكم والجامعات. حدثت صراعات بسبب اللغة، وأُسقط وزراء ورُفِّع آخرون بسبب تصنيفهم اللغوي. واتُهم أناس من خيرة أبناء هذا الوطن وعُيِّروا بانتمائهم اللغوي والعقائدي، والنتيجة معسكران متخاصمان يأبيان الالتقاء مثل خطين متوازيين.
أمر جيد ومُبشِّر أن يوجد جزائريون يريدون، شعبيا أو رسميا، تعميم اللغة الإنكليزية في المدرسة والإدارة والفضاء العام، ويعملون على ذلك. لكن أستغرب التصريح والتلميح والتشديد على أن يكون نشر الإنكليزية مرادفا للتخلص من الفرنسية. واستغرب من منطق يريد إقناع الجزائريين بأن نجاح تعميم الإنكليزية يتطلب التخلص من الفرنسية المكتسبة والموجودة أصلا… وكأنه عمل بالمثل الجزائري الدارج «أطلق ما في يدك وحاول أن تمسك ما في الغار».
الجزائر تتسع لكل اللغات الحيّة فلماذا لا يُمنح الجزائريون حق إتقان الفرنسية والإنكليزية معا ويضيفون إليهما الصينية والعبرية والإسبانية وما يشاؤون؟ ولماذا يأتي من يصر على أن الفرنسية والإنكليزية يجب أن تكونا عدوَّتين لدودتين في الجزائر بينما تتعايشان بسلام في باقي دول ومناطق العالم؟
الفرنسية في الجزائر تتجه نحو الزوال بحكم ظروف المجتمع الجزائري. وهذا أمر مؤسف، ليس لسواد عيون فرنسا أو لغتها، ولكن لأن أي لغة هي بمثابة سلاح يزيد من تحصينك. لذلك لا داعي لأن يستعجل خصومها، وبدلا من أن يهدر مجاهدو الأيديولوجيا طاقتهم وجهدهم في محاولة التخلص من الفرنسية، من الأفضل لهم بذل جهد لإفراغها من شحنتها السياسية وحمولتها الأيديولوجية لتتحرر من التوظيف غير البريء وتكون الاستفادة منها أفضل.
بعيدا عن الحمولة الأيديولوجية والتعقيدات السياسية، قبل الأزمة الحالية بين الجزائر وفرنسا، وبعدها، أتمنى الإبقاء على الفرنسية. فهي ليست لغة برونو روتايو أو مارين لوبان أو إيمانويل ماكرون أو الجنرال أوساريس. من الخطأ الانتقام من هؤلاء بمحو الفرنسية! إنها لغة جميلة راقية تستحق أن يتعلمها الإنسان، ويحسد الجاهل بها العارف بها.
من الغريب أنه بينما تنفق حكومات وأفراد أموالا لتعلمها، وإن على نطاق أقل من الإنكليزية، يريد جزائريون رميها في المزبلة، رغم أنها متاحة في المجتمع مجانا، فقط لأن أحداً في الحكم يريد إغاظة فرنسا وسياسييها.
كاتب صحافي جزائري
أرى أنه من الواجب أن تكون العربية في المرتبة الأولى ثم تعلم ماشئت من اللغات
اود فقط أن أعرف لماذا هذا الدفاع عن هاته اللغة ؟
لغة المستعمر التي لم تعد تلك اللغة الفاعلة في العالم، أو تلك اللغة التي نرتقي بها، أو لغة العلم و تحصيل المعارف.
الأنجليزية أصبحت مطلب الأجيال المساعدة كلغة بديلة الفرنسية في الجزائر. كما تبقى اللغة العربية هي اللغة الوطنية و الرسمية في البلاد، طبعا و اللغة الأمازيغية كذلك.
لماذا لا نجعل العربية هي أولى أولوياتنا وبعدها نتجه لتعلم لغات أخرى نحن بدون لغتنا الأم لا نساوي شيء عند الامم
اتفق معك، لا يجب ان يرافق تعميم اللغة الإنجليزية ازالة اللغة الفرنسية لأنه كما اشرت لا يهم اذا كانت لغة المستعمر او لا فكما يقال من تعلم لغة قوم امن شرهم و عليه لا ارى ان توتر العلاقات مع فرنسا سبب مقنع لتخلص من اللغة الفرنسية اطلاقا
التيار الذي ينطق بأن الفرنسية مكسب وغنيمة حرب معروف لدى العام والخاص.المكسب والغنيمة تكون من حرب أنت الذي أشعلتها أو من حرب كنت أنت الرابح من ورائها ،أما قضية الحال أن الفرنسية فرضت بالقوة من أجل طمس الهوية العربية التي لا تعترفون بها وتزيدون على ذلك تمجيد لغة المستدمر.
المشكل ليس في اللغة المشكل تعمد سياسة تجهيل الشعب فالتعليم رغم ما يصرف عليه ليس هو الأولوية أو النية في إنشاء شعب متعلم
اولا انت اولا تكتب بالعربية و حزين على الفرنسية . هاته اللغة التي تصلح الى للغزل . نحن كمهندسين في الميكانيك نعاني الويلات في برمجة او قراءة كتيبات الالات كما اننا نعاني من شح المعلومات التقنية باللغة الرمنسية التي تم تدريسنا بها . نعم للغة الانجليزية في الجامعات التقنية و العلمية و كل المجالات
من غير تمكين اللسان من لغة البيان لغة القرآن فكل مشاريع الألسن في هذا الوطن بدن بلاروح حتى وإن أتقنت أيها الإنسان لغة الجن والفن والصين فأنت ابن الطين ولغتك بمثابة الجلد للعظم فمن طلب الحماية وعلو الكعب خارج لسانه الذي تلقى أصواته في بطن أمه فهو خائن
اعجب لمن يدافع عن اللغة الفرنسية و يتعلق بها . و هو يعلم انها من اللغات التي سوف تزول نهاية هذا القرن