لبنان: الجنوبيون يتحدون الخطر الإسرائيلي ويتوجهون إلى القرى الحدودية لتمضية عيد الفطر

سعد الياس
حجم الخط
1

بيروت ـ «القدس العربي»: لم يعرف الجنوب اللبناني الهدوء في عيد الفطر، بل بقي التوتر مسيطراً في ظل تحليق متواصل للطيران الحربي الإسرائيلي وطيران الاستطلاع وتنفيذ غارة على بلدة الضهيرة وخرق جدار الصوت في أجواء مدينة صور بالتزامن مع قصف مدفعي لأطراف طيرحرفا والجبين وتبادل للنيران انطلاقاً من محور سهل المجيدية الغجر خراج بلدة الماري في قضاء حاصبيا وحتى منطقة العرقوب حاصبيا ومزارع شبعا. إلا أن الكثير من أهالي الجنوب والقرى الحدودية تحدوا المخاطر وتوجهوا إلى بلداتهم لتمضية العيد في أرضهم وتفقد منازلهم والترحّم على الشهداء الذين يسقطون نتيجة الغارات الاسرائيلية.
وفي تعبير عن القلق من الوضع الأمني وتوسّع المواجهات في حال قيام إيران بالرد على استهداف القنصلية الإيرانية من قبل إسرائيل في دمشق، أوصت وزارة الخارجية الروسية بشدة المواطنين الروس بالامتناع عن السفر إلى منطقة الشرق الأوسط، لاسيما إسرائيل ولبنان والأراضي الفلسطينية، إلا في حالات الضرورة القصوى». واكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بأن «الوضع متوتر في منطقة الشرق الأوسط في ظل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والوضع على الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل لا يزال مضطرباً».
وعلى وقع حرب مدمّرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يتبادل حزب الله وفصائل فلسطينية في لبنان قصفا متقطعاً مع الجيش الإسرائيلي بوتيرة يومية منذ 8 من الشهر نفسه، ما أسفر عن قتلى وجرحى وتدمير واسع في الجانبين. وخلّفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من مئة ألف قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة «الإبادة الجماعية».

منشورات ضد السوريين

ولم يقتصر القلق على الوضع الجنوبي في لبنان، بل إن الحوادث المتنقلة وإشاعة أجواء بلبلة وتهديدات تجاه النازحين السوريين أسهمت في خلق أجواء تشنج في البلاد. واللافت أن هذه الحوادث أعقبت مقتل منسق القوات اللبنانية في منطقة جبيل باسكال سليمان في محاولة لإظهارها وكأنها ردات فعل من القوات ومحاولة خلق فتنة بين بيئة القوات من جهة وبين النازحين السوريين من جهة أخرى واستطراداً بعض المكونات اللبنانية.
وفي هذا الاطار، لوحظ صدور بيانات مفبركة عن اهالي بلدات في مناطق جبل لبنان تنذر النازحين بضرورة إخلاء المحال التجارية قبل يوم الجمعة وعُثر على منشورات في جبيل وزوق مكايل وزوق مصبح وعدد من المناطق تطلب من النازحين مغادرة هذه البلدات تفادياً للغضب وحقناً للدماء، كما أعيد نشر فيديوهات قديمة لعناصر من بلدية بشري يقومون بتفتيش مقيمين سوريين بصورة غير شرعية في البلدة وتصويره على أنه فيديو حديث وإعتداء على النازحين لتأليب الرأي العام اضافة إلى حديث عن اقامة حاجز للقوات اللبنانية شرق مدينة صيدا والاعتداء على عامل دليفري من الجنسية السورية واعادة بث فيديو الاعتداء على أحد السوريين في منطقة الزوق اضافة إلى بث فيديو لشبان في برج حمود يدعون عبر مكبرات الصوت السوريين إلى إخلاء محالهم وومنازلهم.

«لا للتصرف بهمجية»

وتعليقاً على هذه الاخبار، أصدرت الدائرة الاعلامية في القوات اللبنانية بياناً أوضحت فيه «أنها بقدر ما تدعو خصوصاً السلطات اللبنانية إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، تستنكر في الوقت نفسه التعديات الهمجية التي يتعرض البعض منهم لها». وقالت «نادت القوات اللبنانية وما زالت منذ اللحظة الأولى بوجوب عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، خصوصاً أن الأمن في سوريا استتب، وبإمكان جماعة النظام ومعارضيهم العودة إلى المناطق العائدة للنظام والمعارضة، وبالتالي لا حجة إطلاقاً لاستمرارهم في لبنان». وأكدت «أن المطالبة بعودة اللاجئين السوريين أصبحت أكثر إلحاحاً، بعدما أصبح واضحاً حجم عدد الأعمال الإجرامية والمخلّة بالأمن التي يقوم بها البعض منهم، ولكن «القوات» تشدّد في الوقت نفسه بأن المطالبة بعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم شيء، والتصرُّف بحقد وهمجية شيء آخر مختلف تماماً. فالتصرفات التي نراها على بعض مواقع التواصل وبعض الممارسات التي نشهدها على الأرض مرفوضة من جهة، ومريبة في الشكل والمضمون والتوقيت من جهة أخرى».

الطابور الخامس

وبعد توتير الأجواء مع النازحين، حصل اعتداء على مركز للحزب السوري القومي الاجتماعي في بلدة جديتا قرب زحلة من خلال قنبلة مولوتوف وترافق الامر مع تعليق علم للقوات اللبنانية على المركز. وقد سارعت منسقية القوات في منطقة زحلة إلى إصدار بيان استنكرت فيه «ما تعرّض له مقر الحزب القومي الاجتماعي ومحاولة إلصاق هذا العمل بحزب القوات اللبنانية من خلال تعليق علم حزب القوات على باب المركز». وأكدت «أن مواجهة الفتنة المتنقلة بين المناطق اللبنانية أصبح واجباً علينا جميعًا»، مشيرة إلى أن «ليس من أسلوبنا في العمل السياسي اعتماد لغة السلاح، لا بل نحن اليوم من أشد المعارضين لهذه اللغة، ومن ضحاياها، وآخر ضحية هو الشهيد باسكال سليمان. ونجدد حرصنا على العيش المشترك في جديتا كما كل قرى قضاء زحلة، ونطالب القوى الامنية بمعالجة الموضوع وتوقيف الفاعلين وتسليمهم إلى القضاء المختص وإنزال أشد العقوبات بهم».
غير أن الحزب السوري القومي الاجتماعي إتهم حزب القوات مباشرة بالاعتداء ولم يوافق على وقوف طابور خامس وراءه، وقال في بيان «يبدو أن هناك البعض في لبنان، ممن يحترفون لعبة الدماء والفتن، قد استغلوا حادثة سرقة وقتل مدانة من قبلنا، وقرروا طعن المقاومة في ظهرها، واستغلال الحرب الدائرة جنوبًا لمحاولة إحداث بلبلة في الداخل خدمة لأسيادهم». وأضاف «يهم الحزب السوري القومي الإجتماعي أن يؤكد بوضوح، أن أي محاولة اعتداء على أي مركز من مراكزه لن تمر أبدًا وبشكل مطلق، وأنّه لن يكون لقمة سائغةً لأي أحد تسوّل له نفسه اللعب بالإستقرار الأمني»، وأكد «أن تجهيل الفاعلين هو من شيم الضعفاء، أما الأقوياء فيسمّون الأمور بأسمائها، وبالنسبة للحزب السوري القومي الإجتماعي فإن الطابور الخامس في لبنان اسمه «القوات اللبنانية» التي تنفذ أجندات خطيرة تمس بأمن البلاد وتخدم إسرائيل بشكل واضح».
وبعد 24 ساعة على حادث جديتا تم الكشف عن إحراق سيارة إسعاف تابعة للحزب السوري القومي الاجتماعي في بلدة بيصور قضاء عاليه ذات الاغلبية الدرزية. وتم تداول أخبار عن نية القوميين إحراق مكتب القوات اللبنانية في عكار وهو ما نفاه منفّذ عكار في الحزب القومي احمد السبسي معتبراً إياه من «نسج خيال الفتنويين المصطادين ف يالماء العكرة الذين لا يريدون الخير لعكار». وصدرت بيانات إدانة لحادث بيصور من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني، كذلك فعلت منسقية عاليه في القوات اللبنانية التي رفضت «هذه الاساليب التي تخفي في طياتها مشاريع فتنوية خطيرة»، مؤكدة «حرصها على السلم الأهلي ورفضها لاستعمال لغة السلاح والعنف»، وطالبت «القوى الأمنية بالعمل على كشف الفاعلين وتقديمهم إلى العدالة».

ميقاتي: خطورة المرحلة

في غضون ذلك، تم الإعلان عن مقتل الصرّاف الشيعي محمد سرور في بلدة بيت مري المسيحية، إلا أن ما أوردته القناة الرابعة عشرة الإسرائيلية عن وقوف الموساد وراء مقتله لأنه كان مطلوباً بسبب عمله لصالح إيران وحلفائها وأنشطته ضد إسرائيل كشف ملابسات الحادث كي لا يتم إدراجه ضمن محاولات التوتير الداخلية.
تزامناً، غصّت كاتدرائية مارجرجس المارونية في وسط بيروت بالمعزين بمقتل منسق القوات وفي طليعتهم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي تمنى في اتصال مع رئيس حزب القوات سمير جعجع ضبط الانفعالات في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ الوطن»، وشدد على «ضرورة أن تعي القيادات اللبنانية كافة خطورة المرحلة التي يمر بها لبنان وضرورة الابتعاد عن كل ما من شأنه تأجيج الخلافات والانقسامات، وأن يتم التعاطي بحكمة مع الواقع القائم».
وبين المعزين قائد الجيش العماد جوزف عون والرئيس السابق ميشال عون وشخصيات من مختلف الاحزاب والتيارات، وتتجه الأنظار إلى جنازة منسق القوات التي سيترأسها في جبيل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وما سيقوله وسط توجه لعدم التصعيد بعد تقدير خطورة الوضع.
وكان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان هاجم البطريركية المارونية بقوله «دعونا من قصة مجد لبنان ومقولة التأسيس التاريخية، لأن تأسيس لبنان وكيانات المنطقة تمّ وفقاً لخرائط المصالح الفرنسية والبريطانية الاستعمارية، ومع ذلك لسنا ممن ينكر جهود البطريرك الحويك من جهة، سوى أن تأسيس لبنان والدولة صبَّ لصالح فئة أخذت ولم تُعطِ، وشاركت بالغُنم ولم تشارك بالغُرم إلا قليل، وحتى اليوم يعاني لبنان وأهلُه من الظلم السياسي والأساس الفئوي والإرث الطائفي، الذي حوّل الدولة والبلد إلى علبة سردين».
على صعيد آخر، اتصل نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، باسم السيد حسن نصر الله وقيادة الحزب برئيس المكتب السياسي لحركة حماس «مقدماً التبريك والتعزية له ولعائلته الكريمة ولقيادة الحركة ولأهل غزة والشعب الفلسطيني باستشهاد أولاده الثلاثة وعدد من أحفاده على يد العدو الصهيوني المجرم». وسأل «المولى تعالى أن تكون ثمرة هذه التضحيات نصراً لأهل غزة وللمقاومين فيها ولكل فلسطين والأمة جمعاء».

إقفال مدارس

ودعت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان إلى إقفال المدارس الكاثوليكية اليوم الجمعة على كل الأراضي اللبنانية واعتبار غد يوم صلاة من أجل خلاص لبنان، مندّدةً بالتفلّت الأمني الحاصل في لبنان .وقالت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، في بيان الخميس «إن الامانة العامة إذ تلتزم تعاليم قداسة البابا فرنسيس الداعية الى صون كرامة الإنسان فوق كلّ زمان ومكان وحقه بالحياة الكريمة، تدين بشدة عمليات القتل وانتهاك كرامة الإنسان الحاصلة أينما كان». ودعت «الدولة وأجهزتها الأمنية الى تحمّل مسؤولياتها الوطنية ببسط الأمن والاستقرار في ربوع الوطن، لكي تستطيع مدارسها المنتشرة على مساحة الوطن استكمال رسالتها التربوية الجامعة الملقاة على عاتقها والهادفة الى بناء مواطن لبنانيّ منفتح ومسالم ومحب لأخيه الإنسان».
وأضافت «لذلك وانطلاقاً من منطق السلام والمحبة والأخوة الإنسانية الذي تدعو اليه أعياد الفصح المجيد والفطر السعيد، تدعو الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية الى اعتبار يوم غد الجمعة يوم صلاة من أجل خلاص لبنان والى إقفال مدارسها في هذا النهار على كلّ الأراضي اللبنانية». يذكر أنه من المقرر أن تقام مراسم دفن منسق قضاء جبيل في حزب «القوات اللبنانية « باسكال سليمان، الذي خطف يوم الأحد الماضي وتبين أنه قتل على يد عصابة من السوريين أثناء سرقة سيارته ونقلت جثته إلى الأراضي السورية

فعاليات تعليمية لأطفال نازحين من الحدود جنوب لبنان في مدينة صور بمناسبة عيد الفطر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    اللهم نصرا عزيزا مؤززا لإخواننا في لبنان على عصابة الإجرام الصهيوني الأمريكي الغربي الحاقد الغادر الجبان ✌️🇵🇸☹️☝️🚀🔥

اشترك في قائمتنا البريدية