بيروت ـ «القدس العربي»: يبقى لبنان مراقباً لمسار الحرب الإسرائيلية الإيرانية ويسعى بكل طاقته للبقاء بعيداً عن هذه الحرب وويلاتها لعدم الانزلاق إلى احتمالات مجهولة يصعب تقدير تداعياتها ولاسيما أن هذه المواجهة بين إسرائيل وإيران أكبر من كل القوى في لبنان. ومن هنا جاء تأكيد كل من رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام في جلسة مجلس الوزراء على إبعاد لبنان عن الصراعات والحؤول دون توريطه بأي شكل في الحرب، الأمر الذي شكّل تطوراً سياسياً من قبل أركان الدولة ومحاولة لاسترداد قرار الحرب والسلم. وفي اليوم الخامس على اندلاع هذه المواجهة، تابع الرئيس اللبناني واطلع على تقارير حول مسار هذا التصعيد والاتصالات الإقليمية والدولية الجارية لوضع حد له، وذلك في ضوء الاتصالات التي تلقاها من عدد من قادة الدول حول الجهود المبذولة في هذا الصدد. وظل الرئيس عون على اتصال بالقيادات الأمنية التي تتابع الموقف ميدانياً وفق ما اتفق عليه خلال الاجتماع الأمني الذي عقد في قصر بعبدا يوم السبت الماضي.
كما تابع رئيس الجمهورية تنفيذ الإجراءات المتعلقة بتأمين عودة اللبنانيين إلى بيروت الذين حالت الأحداث دون ذلك على إثر الغاء عدد من شركات الطيران رحلاتها إلى مطار رفيق الحريري الدولي، أو إقفال المجالات الجوية لعدد من الدول المجاورة.
ووصلت إلى لبنان صباح أمس الثلاثاء أول طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية قادمة من مطار البصرة، في إطار اتفاق بين المديرية العامة للطيران المدني في لبنان والشركة العراقية. ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، اللبنانية، بدأت الرحلات بنقل اللبنانيين من العراق والعراقيين من لبنان. وأشارت الوكالة إلى أنه يتم تسيير رحلتين يومياً بشكل مؤقت إلى حين إعادة فتح المطارات العراقية في بغداد والنجف.
موقف الرئيس عون
وكان الرئيس عون شدد الإثنين على «دقة الوضع في المنطقة»، منوهاً بمواقف الفاعليات اللبنانية كافة للمحافظة على الاستقرار في البلاد. وأكد عون، خلال جلسة لمجلس الوزراء انعقدت في قصر بعبدا، على «ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لإبعاد لبنان عن الصراعات التي لا شأن له بها»، وفقا للوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية. وأعرب الرئيس اللبناني عن أمله في «ألا يؤثر الوضع الإقليمي على الفرص المتاحة أمام لبنان».
لبنان على موقفه بعيداً عن الصراع والرئيس عون على تواصل مع القيادات الأمنية
وتأتي تصريحات عون في حين تشهد المنطقة واحدة من أخطر موجات التصعيد منذ سنوات، عقب تنفيذ إسرائيل ضربات جوية استهدفت مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، وما أعقبها من ردود إيرانية شملت إطلاق مئات الصواريخ المدمرة وكذلك الطائرات المسيرة في اتجاه مدن إسرائيلية، بينها تل أبيب والتي أوجعت الإسرائيليين وحكومتهم.
وقد أشاد النائب وضاح الصادق بموقف رئيسي الجمهورية والحكومة، وكتب على منصة «إكس»: «موقف رئيسي الجمهورية والحكومة الحازم بضرورة بذل الجهود لإبعاد لبنان عن الصراعات، وبضرورة الحؤول دون توريط لبنان بالحرب، يؤكد مرة أخرى أن الدولة اللبنانية ماضية في قرارها استعادة زمام الأمور للإمساك بالقرار السيادي اللبناني.
تقدير «الثنائي الشيعي»
وهذا ما تجلّى أيضًا من خلال طلب الرئيس سلام من الرئيس عباس وضع المقررات المتعلقة بالسلاح الفلسطيني موضع التنفيذ». وختم «لا مفرّ من امتثال الجميع لرغبة اللبنانيين التي تعبّر عنها حكومتهم».
ونقلت صحيفة «النهار» عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله إنه «إذا انتصرت إسرائيل «ستكون هي الوحيدة» في المنطقة»، داعياً المغتبطين لتل أبيب من لبنانيين وغيرهم إلى التمهل قليلاوالتوقف عن هذه «الأفراح» والكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأشاد بري بموقف لبنان الرسمي الذي كان في مقدم الرافضين والمستنكرين للاعتداء الإسرائيلي على إيران.
وعلق عضو المجلس السياسي في «حزب الله«، محمود قماطي، على مدى التزام «حزب الله» ببيانه بعدم الانخراط في الحرب الدائرة بين إيران إسرائيل، مؤكداً أن «الحزب ملتزم بالبيان الذي أصدره»، معبرا عن «تضامنه الكامل مع إيران في مواجهة إسرائيل».
وأكد خلال مداخلة له عبر إذاعة «سبوتنيك»، أن «ما أعلنته إسرائيل عن رصدها تحركات لاستعدادات «حزب الله» للتدخل مجرد ذرائع كاذبة لتبرر عدوانها المستمر على لبنان»، مشددا على «تعاون الحزب مع الدولة لمنع أي أحد لتخريب الوضع اللبناني والتوافق اللبناني سواء على الحدود أو على أي شيء». واعتبر أن «إيران قوية ومتماسكة إلى حد كبير ولا تحتاج إلى دعم أو مساندة عسكرية من أحد، لكن الدعم السياسي والشعبي والإعلامي من كل المنطقة في مواجهة إسرائيل مطلوب».
وشدد قماطي على «الصمود الإيراني الكبير والقوي والمتماسك، وعلى فشل إسرائيل في إسقاط النظام وفي ضرب الطاقة النووية»، مشيرا إلى أنه «لا بد من العودة إلى السلام والتفاوض وإلى الحلول الدولية حول الطاقة النووية».
البخاري يزور دريان
وحضرت المستجدات في المنطقة في اللقاء الذي جمع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري. ووفقاً للمكتب الإعلامي في دار الفتوى، تم التأكيد خلال اللقاء على «أهمية نأي لبنان بنفسه عما يحصل من حرب بين إيران والعدو الصهيوني، والتشديد على ضرورة المساعي والجهود الديبلوماسية العربية والدولية لاحتواء لغة الحرب والعودة إلى لغة العقل، والتحذير من استمرار خطورتها ومدى انعكاسها سياسياً واقتصادياً وبيئياً على المنطقة، والتأكيد على أن ينعم لبنان بالأمن والسلام والطمأنينة في ظل استمرار العدوان الصهيوني على بعض مناطقه والاختراقات المتكررة لمضمون القرار 1701».
بري يحذر من تبعات المواجهات العسكرية و«حزب الله» يكرر موقفه منها
وأضاف البيان «كما تم تأكيد ضرورة الاستمرار في الإصلاح الإداري والمالي وترميم البنية التحتية لإعادة عجلة التعافي الى لبنان ومؤسساته بدعم عربي شقيق ومساندة من الدول الصديقة للبنان لأنه في هذه المرحلة يحتاج إلى المزيد من التنسيق مع أشقائه العرب والابتعاد عما يجري في دول الإقليم من صراعات دموية وتغيرات في التحالفات التي تنعكس سلباً على دول المنطقة».
إعادة الإعمار
وعلى خط نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب فقد استقبل وزير الاشغال السابق علي حمية الذي عُيّن أخيراً مستشاراً لدى رئيس الجمهورية لشؤون اعادة الإعمار وجرى البحث في ملف اعادة اعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي، وجرى التباحث في تطورات الاوضاع الاوضاع في لبنان والمنطقة. وهنأ الخطيب الوزير حمية متمنياً له التوفيق في مهامه الجديدة، وشدد «على ضرورة الاسراع في اعادة الإعمار لتحقيق عودة المتضررين إلى بيوتهم والنازحين إلى قراهم»، مؤكداً «ان اعادة الإعمار واجب وطني ينبغي ان يكون في أولوية اهتمامات الدولة وعملها في هذه المرحلة».
وكان الجيش الإسرائيلي المتواجد في الجنوب اللبناني أطلق تهديدات لصيادي الأسماك في ميناءي صور والناقورة عبر مناشير ارسلها صباحًا بعدم الاقتراب من الحدود في البحر.