مع تغيّر الوقائع الميدانية على الجبهة الحدودية وتوسيع إسرائيل رقعة استهدافاتها العسكرية خسر حزب الله في الداخل أبرز حليف مسيحي.
بيروت ـ «القدس العربي»: لفتت المواقف المستجدة الصادرة عن مؤسس التيار الوطني الحر الرئيس ميشال عون ورئيسه الحالي النائب جبران باسيل من موضوع انخراط حزب الله في الحرب إسناداً لغزة انتباه الكثيرين في لبنان خصوصاً أن التيار البرتقالي لطالما أمّن الغطاء المسيحي لحزب الله منذ توقيع «تفاهم مار مخايل» في 6 شباط/فبراير 2006 حيث انقلبت من حينه التوازنات السياسية في الداخل بدءاً بحرب تموز/يوليو والانقلاب على المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري كما اجتياح بيروت في 7 ايار/مايو وصولاً إلى تطيير حكومة الرئيس سعد الحريري ومن ثم وعد حزب الله العماد عون بانتخابه رئيساً مقابل وضع يده على الجمهورية.
وفيما كثرت علامات الاستفهام حول الموقف العوني المستجد وإن كان تعبيراً عن انعطافة حقيقية عن التحالف مع حزب الله أم مجرد موقف تكتيكي لاعتبارات آنية لها علاقة بمطالب أو مكاسب في مسألة رئاسة الجمهورية أو ترتبط بامتعاض عوني من أداء الحزب أخيراً في مجلس الوزراء ومجلس النواب وتغطية قرارات حكومية تضرب الشراكة والميثاقية وتمرّر التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون وتعيين رئيس أركان في غياب رئيس الجمهورية، فإن هذا الموقف العوني لقي استحساناً لدى خصوم الحزب الذين يأملون أن ينهار «التفاهم المشؤوم» بين التيار والحزب المخالف للطبيعة وللمصلحة اللبنانية وألا تكون رجعة إليه بل طلاق ولو متأخر نظراً للحال التي وصل إليها حزب الله وللهيمنة على الدولة وقراراتها وللاستقواء على اللبنانيين.
وكان الرئيس عون استغرب اشتراك حزب الله في إسناد غزة لتفادي أي حرب استباقية تشنها إسرائيل على لبنان، وقال «لسنا مرتبطين مع غزة بمعاهدة دفاع ومن يمكنه ربط الجبهات هو جامعة الدول العربية» فيما أكد باسيل رفضه «وحدة الساحات وتحميل لبنان مسؤولية تحرير فلسطين واستعماله منصة هجمات».
وتعتبر هذه المواقف متجانسة مع مواقف أكثرية الشعب اللبنانية الرافضة للحرب وخصوصاً موقف الأحزاب المسيحية وفي طليعتها القوات اللبنانية والكتائب والأحرار والمرجعيات الروحية المسيحية المتمثلة بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وبمتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأورثوذكس المطران الياس عودة. فالراعي في آخر عظة أكد «أن البطولة ليست في صنع الحرب، إنما في تجنُّب الحرب وصنع السلام» فيما المطران عودة انتقد «مصادرة قرار الدولة وفرض الحرب عليها وعلى اللبنانيين» سائلاً «كيف يُبنى بلد جيشه مستضعف؟».
وتُظهر كل هذه المواقف تراجع الغطاء المسيحي والوطني لحزب الله ومرور فريق الممانعة في لبنان في مرحلة دقيقة في مواجهته التي يخوضها ضد إسرائيل حيث لم يعد له حليف وازن. وقد قال سفير لبناني سابق في واشنطن لـ «القدس العربي» إن «حزب الله بادر إلى فتح الجبهة مع تل أبيب لكن إقفال هذه الجبهة لم يعد بيده حتى لو تمّ إرساء هدنة في غزة، وهنا يصح القول نعرف كيف تبدأ الحرب ولكن لا نعرف كيف تنتهي». وهكذا مع تغيّر الوقائع الميدانية على الجبهة الحدودية وتوسيع إسرائيل رقعة استهدافاتها العسكرية وغاراتها الجوية وما تخلّفه من خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات وصلت إلى حد سقوط أكثر من 220 شهيداً وتدمير 1000 منزل بشكل كامل والحاق الضرر بـ 8000 منزل آخر وإحراق 100 ألف شجرة زيتون وتهجير 90 ألف جنوبي، فقد خسر حزب الله في الداخل أبرز حليف مسيحي واختلفت المقاربة بين حرب تموز 2006 وحرب أكتوبر 2024 مع تراجع التأييد الإسلامي له بسبب الاعتقاد السائد أن الحزب يخدم أجندة إيرانية في لبنان وفلسطين وأن هدفه ليس التحرير ومحاربة إسرائيل كما يعلن أمينه العام السيد حسن نصرالله ومسؤولو الحزب بل فرض الهيمنة وتحسين ظروف التفاوض الإيراني الأمريكي على حساب لبنان والقضية الفلسطينية.
والواقع أن العديد من المكونات اللبنانية وصلوا إلى قناعة أن التجربة مع «لبننة» حزب الله فشلت وأن التعايش معه وعدم عزله من خلال نسج تحالف رباعي معه في انتخابات 2005 لم يؤد النتيجة المرجوة بدليل ذهابه إلى الحروب منفرداً من خلال مصادرة قرار الحرب والسلم الذي يجب أن يكون حصراً بيد الدولة اللبنانية ومن خلال إكمال عمليات الاغتيال لقيادات 14 آذار/مارس بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وبالتالي لا يمكن الرهان على أي محاولة جديدة مع الحزب. وإذا كان المسيحيون يعبّرون صراحة عن خياراتهم وعن خلافهم السياسي والثقافي العميق مع حزب الله، إلا أن باقي اللبنانيين من سنة ودروز وبعض الشيعة ليسوا بعيدين عن هذا التوجه وإن كانوا أقل تعبيراً عنه وهم يدركون كيف يتصرّف الحزب من دون العودة إلى المؤسسات ومن دون أخذ رأي اللبنانيين في القضايا المصيرية وعلى رأسها مسألة الحرب.
ولكن يبقى موقف التيار الوطني الحر هو الأبرز في هذا المجال وقد عبّر عن مخاوفه من عملية الإقصاء الممنهج للمسيحيين وعن خطر على الوحدة الوطنية نتيجة خطر الممارسات السياسية لشركائنا في الوطن بدءاً باختيار رئيس نيابة عنهم وصولاً إلى ضرب الشراكة. وإلى حين تبيان حقيقة الخلاف بين التيار والحزب وطبيعة الاستدارة فإن الأحزاب المسيحية تنتظر من التيار تغييراً استراتيجياً وعودة إلى ما قبل «تفاهم مار مخايل» من أجل استرجاع الثقة تدريجياً وإعادة بناء العلاقات بعيداً عن المناورات.
حين تصير الخيانة وجهة نظر لبعض شرائح المجتمع او حتى لغالبية المجتمع فعلى الثائر الحر ان لا يعتني بهذه الكثرة ولا يقيم لها اي وزن ،،،ارضاء الأكثرية ليس مطلبا صحيحا ولا معيارا للصواب ،،،سيستمر حزب الله بل يجب ان يستمر حتى لو افترضنا ان هناك شريحة او اكثرية ترفض ذلك ،،،انظروا إلى مصر فإن غالبية الشعب ساكتة وموافقة على تجويع غزة فهل يعني هذا اننا نقبل بذلك ،،لا والف لا ،،وسيأتي يوم يضطر الشرفاء وان كانوا أقلية ان يواجهو الأكثرية الخائنة
المصيبة ورأس المشكلة في كل ما يحصل ان مصر العروبة فقدت رجالاتها الوطنيين الاحرار ،