بيروت – «القدس العربي»: كلّف رئيس الجمهورية اللبنانية جوزف عون، أمس الإثنين، رئيس محكمة العدل الدولية، القاضي نواف سلام، تشكيل حكومة جديدة، بعد استشارات نيابية نال بموجبها سلام تأييد غالبية أعضاء البرلمان.
ونال سلام 84 صوتاً في مقابل 9 أصوات للرئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي، نجيب ميقاتي فيما اختار 35 نائباً عدم التسمية، بينهم 30 نائباً يمثلون الثنائي الشيعي.
وسجلت مفاجآت عديدة في مواقف العديد من الكتل النيابية التي كانت تتجه إلى تأييد ميقاتي، مجدداً وفي طليعتها “تكتل الاعتدال الوطني” و”كتلة التوافق الوطني” ذو الأغلبية السنية من شمال لبنان، فيما بيضة القبان التي مثّلها “اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط وتكتل “لبنان القوي” برئاسة النائب جبران باسيل صبّت أصواتها لصالح سلام.
وفوجئ الكثير من اللبنانيين بهذا التحول نحو سلام الذي كان غادر بيروت مساء الأحد لعدم تيقّنه من هذا الكم من الأصوات التي ستسميه، وهو سيعود من لاهاي إلى العاصمة اللبنانية على أن يصل صباح اليوم بعدما رفض العودة بطائرة خاصة.
وقد عبّر رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد عن الأسف “لكمين البعض من أجل التفكيك والشرذمة والإقصاء”، وفيما لم تسمّ كتلة الحزب أحداً، قال رعد “نأسف لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية، وقد خطونا خطوة إيجابية عند انتخاب رئيس الجمهورية، كنا نأمل أن نلاقي اليد التي لطالما تغنّت أنها ممدودة، والآن نقول بكل بساطة من حقهم أن يعيشوا تجربتهم ومن حقنا أن نطالب بحكومة ميثاقية، وسنواكب الخطوات ونترقب ونمضي حرصاً على المصلحة الوطنية”.
وكانت كتلة “الوفاء للمقاومة” طلبت من رئيس الجمهورية إرجاء موعدها إلى اليوم التالي غير أن رئيس الجمهورية لم يوافق على التأجيل.
كذلك لم تسم كتلة “التنمية والتحرير”، أحدا من المرشحين.
وقال النائب أيوب حميد باسم نواب الكتلة: “الكتلة لم تسم أيا من الأسماء المطروحة في التداول، انطلاقا من مبدأ أنه لا يجوز أن يكون هناك تناقض بين الميثاق والعيش المشترك الحقيقي”.
وفور إعلان التكليف أجرى الرئيس ميقاتي اتصالاً بالسفير سلام وتمنى له التوفيق بتشكيل حكومة تتلاقى مع المبادئ والأسس التي حددها رئيس الجمهورية في خطاب القسم وتواكب تطلعات اللبنانيين التواقين إلى استكمال مسيرة بناء الدولة”.
وختم “كان قدري أن أقود هذا الوطن في أصعب أوقاته عندما تردد الكثيرون عن تحمل المسؤولية واعتمدت في رئاسة الحكومة نهج الوسطية طوال حياتي السياسية لقناعتي التامة بأن هذا البلد لا يُحكَم إلا بالاعتدال والتوافق بعيداً عن الإقصاء والتشفي”. أما الرئيس سعد الحريري فبارك للصديق نواف سلام، وكتب “إنها فرصة إضافية تتكامل مع انتخاب العماد جوزف عون رئيساً”.
من هو القاضي نواف سلام؟
ويجمع سلام البالغ 71 عاما والذي انتخب العام الماضي رئيسا لمحكمة العدل الدولية، بين خبرات سياسية وحقوقية ودبلوماسية تخطّت نطاق البلد المتوسطي الصغير، وينظر اليه على أنه لا ينتمي إلى الطبقة التقليدية الحاكمة في لبنان المتهمة بالفساد وبتغليب منطق المحاصصة على بناء الدولة.
إلا أن سلام ليس غريبا على السياسة، فهو يتحدّر من عائلة بيروتية عريقة تعاطت الشأن السياسي منذ بداية القرن الماضي. وكان مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك بين تموز/يوليو 2007 حتى نهاية 2017.
ويقول الأستاذ الجامعي علي مراد لوكالة “فرانس برس” إن “التفاف قوى سياسية ومن خلفيات مختلفة حول ترشيح سلام يعكس التغييرات الحقيقية التي يعيشها لبنان”.
ويرى أن تسميته “بما يمثله من قيمة دولية، ومن الموقف الثابت في الموضوع الفلسطيني، وبما يمثله من كفاءة شخصية وانسجامه الاصلاحي مع خطاب العهد” يشكّل “المسار الحقيقي” المطلوب.
وشهد العام الماضي تحوّلا في مسيرة سلام بعد انتخابه في شباط/فبراير رئيسا لمحكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، لولاية مدتها ثلاث سنوات. وكان يشغل عضوية المحكمة كان يشغل عضوية المحكمة ذاتها منذ شباط/ فبراير 2018.
وفي قرار وصفه الفلسطينيون بأنه “تاريخي”، اعتبرت المحكمة بقيادة سلام في 19 تموز/يوليو أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية “غير قانوني” ويجب أن ينتهي “في أسرع وقت ممكن”.
ويرى أستاذ العلوم السياسية عماد سلامة أن “دوره في لاهاي يعزز مكانته كإصلاحي قادر على معالجة الفساد وعدم الكفاءة، ما يجعله متوافقا مع مطالب المواطنين اللبنانيين بالمساءلة والشفافية”.
الثنائي يريد رئيس حكومة تفصيل على حسب القياس الخاص بهم انتهى دورهم في السيطرة على مفاصل البلد كفى لقد طال السيل الزبى